المقالات الأخيرة

“لقاء مارس 02: تواشجات” دعوة إلى إعادة تصور مستقبل أكثر شمولًا وإنصافًا

“لقاء مارس 02: تواشجات”

دعوة إلى إعادة تصور مستقبل أكثر شمولًا وإنصافًا

فيما يشبه الالتزام الأخلاقي والجمالي، تبنى لقاء مارس السنوي، الذي تنظمه مؤسسة الشارقة للفنون، في دورته الجديدة التي انتهت أنشطتها قبل أيام، طيفًا واسعًا من القضايا والموضوعات والنقاشات وعروض الأداء، التي لئن اختلفت وتعددت وتنوعت، إلا أنها تذهب كلها إلى منطقة واحدة،...

جائزة العويس تكرم الفائزين في فروعها المختلفة

جائزة العويس تكرم الفائزين في فروعها المختلفة

 احتفلت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، الخميس الماضي، بتوزيع جوائز الفائزين في الدورة الـ 18 بحضور شخصيات فكرية وثقافية إماراتية وعربية، بينهم الشيخ سالم بن خالد القاسمي وزير الثقافة، والدكتور أنور محمد قرقاش رئيس مجلس الأمناء، ومحمد المر رئيس مجلس أمناء مكتبة...

عبدالسلام بنعبد العالي… بورتريه صيني لفيلسوف مغربي!

عبدالسلام بنعبد العالي… بورتريه صيني لفيلسوف مغربي!

لو كنتُ بورتريهًا، فلأكُن بورتريهًا صينيًّا ليست كتابة البورتريه بأقلّ صعوبةً من رسمِه، في الحالتين كلتيهما نحن مهدّدون بأن نخطئ تقديرَ المسافة، أن نلتصق بالمرسوم إلى درجة المطابقة، بحيث نعيد إنتاجَه إنتاجًا دقيقًا يخلو من أيّ أصالةٍ؛ أو أن نجانِبه، فنرسم شيئًا آخر......

الموريسكيون ومحاولات محو الذاكرة

الموريسكيون ومحاولات محو الذاكرة

تظل قضية الموريسكيين واحدة من أبرز القضايا المتعلقة بتاريخ الوجود العربي الإسلامي في الأندلس، وهي التي شهدت كثيرًا من الأحداث الدراماتيكية منذ سقوط غرناطة عام 1492م حتى طردهم من الأندلس عام 1609م في عهد الملك فيليب الثالث، فالأحداث التي ترتبت على سقوط «غرناطة» آخر...

الاغتراب والرواية المقيّدة

الاغتراب والرواية المقيّدة

تتوزع حياة الإنسان على وضعين: وضع أول يدعوه الفلاسفة: الاغتراب، يتسم بالنقص والحرمان، ووضع ثان يحلم به ويتطلع إليه وهو: عالم التحقق أو: اليوتوبيا. يتعرف الاغتراب، فلسفيًّا، بفقدان الإنسان لجوهره، وتوقه إلى استعادة جوهره المفقود بعد أن يتغلب على العوائق التي تشوه...

قمة العشرين تواجه تحديات مصيرية

بواسطة | نوفمبر 1, 2020 | الملف

في إطار رئاستها لمجموعة العشرين التي تسلمتها من اليابان في الأول من ديسمبر 2019م تستضيف المملكة القمة القادمة بالرياض. وفقًا للبرنامج المقرر، تستضيف المملكة أكثرمن مئة مناسبة ومؤتمر قبيل القمة، بما في ذلك اجتماعات وزارية. كما أن هناك ثماني منظمات رسمية تعمل تحت مظلة مجموعة العشرين من أجل استخلاص توصيات ونتائج تُقَدَّم لقادة مجموعة العشرين للنظر فيها، وهذه المنظمات تشمل مجموعات الأعمال والمجتمع المدني والعمال والفكر والمرأة والعلوم والمجتمع الحضري.

تَوَلِّي السعودية رئاسة مجموعة العشرين يجعلها أول دولة عربية تقود هذه الهيئة التي تمثل المنتدى الرئيس للتعاون الاقتصادي الدولي والتي تأسست في عام 1999م، وتضم قادة من جميع القارات يمثلون دولًا متقدمة ونامية. وتمثل الدول الأعضاء في مجموعة العشرين، مجتمعةً، نحو 80% من الناتج الاقتصادي العالمي، وثلثي سكان العالم، و75% من حجم التجارة العالمية، و80 % من الاستثمارات العالمية، وبشكل عام يجتمع ممثلو دول المجموعة لمناقشة القضايا المالية والاجتماعية والاقتصادية.

غير أن جائحة كورونا وتداعياتها ألقت بظلها الثقيل، مشكلة للبشرية قاطبة تحديات اقتصادية واجتماعية وصحية وأخلاقية غير مسبوقة. وقد تعهد زعماء دول مجموعة العشرين في جلسات قمتهم الاستثنائية (عبر الإنترنت) التي ترأستها المملكة بضخ أكثر من 6 تريليونات دولار في الاقتصاد العالمي للحد من ضياع فرص العمل ونقصان الدخل، نتيجة تفشي «فيروس كورونا» وقالوا في بيانهم الختامي: «تلتزم مجموعة الـ20 ببذل كل ما يمكن للتغلب على هذه الجائحة، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، وصندوق النقد الدولي، ومجموعة البنك الدولي، والأمم المتحدة، والمنظمات الدولية الأخرى».

تمثل قمة مجموعة العشرين فرصة لمشاركة رؤية المملكة 2030 مع العالم بأكمله؛ إذ تتسق الخطط التنموية لرؤية 2030 مع أهداف مجموعة العشرين، وبخاصة ما يتعلق بتحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، والتنمية المستديمة، وتمكين المرأة وتعزيز حركة التجارة والاستثمار.

لا شك أن هناك إقرارًا واضحًا بأن تسعة خطط تنموية (1970- 2015م) سابقة لم تحقق هدفها المركزي في تنويع القاعدة الاقتصادية الإنتاجية ومصادر الدخل، الذي لا يزال معتمدًا على نحو رئيس على إنتاج وتصدير النفط الذي هو ثروة ناضبة مهما طال عمره الافتراضي، كما أن أسعاره عرضة لتذبذبات العرض والطلب، وهو أسير لحال الاقتصاد العالمي الذي يلفّه الغموض والقلق إن لم يكن التشاؤم، وهو ما يتطلب ربط الرؤية المستقبلية برؤية نقدية شفافة للتوجهات والخطط السابقة وللحاضر بإنجازاتها وإخفاقاتها.

الرؤية تمثل خطوة مهمة نحو مواجهة التحديات الراهنة واستحقاقات المستقبل، وبالتأكيد لا يكفي صياغة الخطة والرؤية مهما كانت متكاملة من الناحية النظرية أو العملية إن لم يَجْرِ اختبارها على أرض التجربة والواقع، وهو ما يقع على عاتق الدولة بأجهزتها المختلفة، ومؤسسات المجتمع المدني والنخب والأفراد في الآن معًا. وقبل كل شيء، تأكيد أن الإنسان- المواطن هو هدف التنمية وأداتها في الآن معًا، وأن التنمية المستديمة في جوهرها ليست أرقامًا وبياناتٍ أو جردةً حسابيةً كميةً، بل هي عملية إنسانية حضارية واعية ومترابطة بأبعادها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية.

ملامح مرحلة جديدة في الاقتصاد العالمي

القمة المقبلة لمجموعة العشرين تعقد في ظل التشاؤم المتزايد حول واقع ومستقبل الاقتصاد العالمي، مع استمرار واستفحال جائحة كورونا؛ إذ تشيـر التقديرات إلى أن خســائر الاقتصــاد العالمي جراء هـذه الأزمـة خـلال النصـف الأول فقط مـن عـام 2020م تقدر بنحو 6 تريليونـات دولار، وسـينكمش الاقتصـاد العالمي 11% مقارنـة بالمدة نفســها مــن عــام 2019م.

التساؤل الذي يفرض نفسه هنا: هل نحن فعلًا بصدد تكرار الأزمات الدورية (ركود – انتعاش- ركود) المعتادة للرأسمالية، التي سرعان ما نتجاوزها من خلال مرونتها وقدرتها على التكيف بما في ذلك تقديم التنازلات إزاء قوة العمل، وهذا ما حصل مع الأزمات الدورية في القرن التاسع عشر والقرن العشرين، أم أننا سنتعايش مع طور بنيوي جديد في هذه الأزمة (ما بعد كورونا) الراهنة التي فاقمتها «الليبرالية الجديدة المعولمة» التي تدفع بتحولها من أزمة دورية إلى أزمة هيكلية دائمة، لن تنفع أي حلول ترقيعية في مواجهتها؟

أزمة 2008م لا تزال تداعياتها ماثلة بقوة حتى الآن، وتتمثل في الانهيارات والانخفاضات الحادة في بورصات الأسهم، وتذبذب وانخفاض العملات الرئيسة، وتفاقم مظاهر الركود والبطالة والفقر وارتفاع الأسعار، في البلدان الرأسمالية المتطورة ودول الأطراف على حد سواء، كما نقف عند ظاهرة صعود الخطاب الشعبوي القومي اليميني في الغرب الذي استغل موضوع اللاجئين والهجرة الأجنبية.

تعقد قمة مجموعة العشرين في ظل ظروف غير واضحة المعالم وتتسم بالتعقيد وغياب اليقين (حتى ما قبل جائحة كورونا) حيث استفحال الفوارق (على كل الصُّعُد) بين دول الشمال ودول الجنوب، وفي داخلها في الآن نفسه. وفي المقابل توضح الإحصاءات الغربية بالأرقام أن الدول الصناعية تملك 97% من الامتيازات العالمية كافة، وأن الشركات الدولية عابرة القارات تملك 90% من امتيازات التقنية والإنتاج والتسويق، وأن أكثر من 80% من أرباح إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في البلدان النامية يذهب إلى 20 دولة غنية.

عمقت جائحة كورونا حدة الاستقطاب الحاد في المجالات كافة، ما بين الدول المتقدمة والدول النامية من جهة، وفي داخلهما من جهة أخرى. وبحسب تقرير جديد لمنظمة العمل الدولية، فإنه من المتوقع أن يشهد العالم تقليصًا في الوظائف لنحو 200 مليون من الموظفين بدوام كامل في الأشهر المقبلة. وبسبب فرض إجراءات الإغلاق الكامل أو الجزئي في العديد من الدول، وما حمله ذلك من تأثير في نحو مليارَيْنِ و700 مليون عاملٍ ، أي 4 من بين كل 5 من القوى العاملة في العالم. ضمن هذا السياق كتب ستيفن توبين، الخبير الاقتصادي في منظمة العمل الدولية والمعدّ الرئيس للتقرير: «إن زهاء نصف العمال في الاقتصادات الناشئة يعملون في مهنٍ هشة، وترتفع هذه النسبة إلى أكثر من 80% في الدول النامية».

وبحسب تقرير البنك الدولي الصادر في 17 أكتوبر 2018م، فإن القضاء على الفقر المدقع يظل تحدّيًا ضخمًا رغم التراجع الكبير في معدلاته. ووفقًا للتقرير، فإن هناك أكثر من مليار و900 مليون شخص، أو 26,2% من سكان العالم يعيشون على أقل من 3.20 دولارات للفرد في اليوم في عام 2015م، كما أن هناك نحو 46% من سكان العالم يعيشون على أقل من 5.50 دولارات للفرد في اليوم.

ووفقا لإحصاءات الأمم المتحدة «الفاو» هناك نحو 795 مليون شخص في العالم لا يجدون طعامًا كافيًا للتمتع بحياة صحية نشطة. أي ما يعادل نحو واحد من كل تسعة أشخاص في العالم. من جهة ثانية يُظهر تقرير إحصاءات الديون الدولية لعام 2020م الصادرة عن البنك الدولي أن إجمالي الديون الخارجية للبلدان منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل قفزت بنسبة 5.3% إلى 7.8 تريليونات دولار العام الماضي.

تفاقم الركود وتردي مستويات المعيشة

على صعيد البلدان الغنية، الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوربي واليابان، تشير المعطيات الاقتصادية إلى تفاقم الركود الاقتصادي وإفلاس الشركات والبنوك والمصارف وتردي مستويات المعيشة والفقر والبطالة. الأرقام الأميركية (قبل جائحة كورونا) تشير إلى أن 41 مليون شخص من مجموع سكان الولايات المتحدة يعيش في فقر، ويعيش نصف هذا العدد أي 19 مليونًا تقريبًا في فقر مدقع. ويعود الفقر في دولة غنية مثل الولايات المتحدة بالدرجة الأولى إلى الفروق الكبيرة في توزيع الثروة والدخل أو بين الـ1 % و99 % وفقًا لشعار مظاهرات «احتلوا وول ستريت».

وقد أشارت وزارة العمل في الولايات المتحدة بتاريخ 7 مايو 2020م إلى أن المطالبين بتعويضات البطالة، منذ منتصف مارس، صار عدد هؤلاء يناهز 33,5 مليون أميركي وهم يشكلون 20%، مقارنة بنسبة شهر مارس الماضي. 4.4%. الجدير بالذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب نجح في تمرير قانون يخفض الضرائب على الشركات الأميركية الكبرى، وبالطبع ستُوَاجَه تداعياته من خلال تقليص خدمات الرعاية الاجتماعية، التي هي بالأساس هشة، كما جرى الالتفاف وإضعاف نظام الرعاية الصحية (أوباما كير) وهو ما أدى إلى تعميق الفوارق الاجتماعية والطبقية في المجتمع الأميركي، وإلى الفشل الذريع (5 ملايين مصاب و200 ألف حالة وفاة) في مواجهة جائحة كورونا.

هذا وقد سبق أن حذرت منظمة أوكسفام البريطانية الخيرية من اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء في بريطانيا؛ إذ كُشفت عن امتلاك 1% من أغنى الأغنياء في البلاد ثروة تزيد 20 مرة على ما يمتلكه 20% من السكان الأفقر.

وفقًا لمكتب إحصاءات الاتحاد الأوربي، في جميع أنحاء الاتحاد الأوربي، بلغ معدل البطالة 7.2% في يوليو الماضي، مقابل 7.1 % في يونيو، كما أن البطالة في صفوف الشباب أخذت في الارتفاع، لتصل إلى 17 % في دول الاتحاد و17.3% ضمن منطقة اليورو. وتشير تقديرات المكتب إلى أن 15.2 مليون شخص كانوا عاطلين عن العمل في يوليو الماضي في الاتحاد الأوربي كله، بينهم 12.8 مليونًا في منطقة اليورو.

وجاء في تصريح للأمين العام لاتحاد النقابات الأوربية، لوكا فيسينتيني: «وفقًا لمصادرنا، هناك 45 مليون شخص في بطالة جزئية ومؤقتة». في ظل الأزمة البنيوية العميقة للاقتصاد العالمي هل بات العالم مقبلًا على انهيار وسقوط نهائي لنمط الإنتاج الرأسمالي، ومن ثَمّ يكون مصيره كمصير الاشتراكية السوفييتية، أو على نحو أدق كمصير رأسمالية الدولة البيروقراطية، أم إن الرأسمالية ستستطيع تجاوز أزمتها بفضل ما تتمتع به من حيوية ومرونة وقدرة على التكيف؟

مساءلة ومجادلة الليبرالية الجديدة وإخضاعها للتحليل والتقويم والنقد ضمن إطارها وشروطها وحدودها التاريخية لا تبدو صيحة في برّية. فالمسارات والنتائج التي أفضت إليها الليبرالية الجديدة أدت إلى خلق أوضاع صعبة ومعقدة، خصوصًا في بلدان الجنوب حيث ينعدم الحد الأدنى من آدمية وكرامة الأغلبية الساحقة من البشر.

ويفرض بقوة مشروعًا أمميًّا محددًا وواضحًا للرأسمال الدولي، فيما يعرف بسياسة الخصخصة والتكيف الهيكلي، وبموجب ذلك لم تعد مسائل مثل صياغة السياسات الاقتصادية والاجتماعية الداخلية، واختيار أسلوب النمو الاقتصادي والاجتماعي من حق وصلاحية تلك الدول التي رضخت لمشروطية وتصورات المنظمات المالية الدولية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية والشركات متعددة ومتعدية الجنسية، والدول الغربية المُقرِضة، فيما يتعلق بسياسات الأجور والإعانات وتقليص الميزانية العامة عن طريق تخفيض النفقات وأشكال الدعم المقدم للخدمات والسلع الأساسية، وإطلاق الأسعار وتصفية وبيع ممتلكات ومشاريع الدولة، وبخاصة المشاريع الناجحة والمربحة، وفتح المجال أمام الرأسمال الأجنبي والمحلي لتملكها عن طريق شراء أصولها الثابتة أو الدخول كأطراف مشاركة، ويتم ذلك وسط تفاقم المديونية والانكشاف الغذائي والتبعية الاقتصادية والتكنولوجية

في جميع الحالات، فإن الحياة والتجربة التاريخية أكدتا سقوط مبدأ الحرية المطلقة للأسواق وقوانينها الغابية، استنادًا إلى «الليبرالية الجديدة» وعلى محورية الدولة ودورها الموازن ووظيفتها الاقتصادية/ الاجتماعية.

المنشورات ذات الصلة

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *