المقالات الأخيرة

“لقاء مارس 02: تواشجات” دعوة إلى إعادة تصور مستقبل أكثر شمولًا وإنصافًا

“لقاء مارس 02: تواشجات”

دعوة إلى إعادة تصور مستقبل أكثر شمولًا وإنصافًا

فيما يشبه الالتزام الأخلاقي والجمالي، تبنى لقاء مارس السنوي، الذي تنظمه مؤسسة الشارقة للفنون، في دورته الجديدة التي انتهت أنشطتها قبل أيام، طيفًا واسعًا من القضايا والموضوعات والنقاشات وعروض الأداء، التي لئن اختلفت وتعددت وتنوعت، إلا أنها تذهب كلها إلى منطقة واحدة،...

جائزة العويس تكرم الفائزين في فروعها المختلفة

جائزة العويس تكرم الفائزين في فروعها المختلفة

 احتفلت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، الخميس الماضي، بتوزيع جوائز الفائزين في الدورة الـ 18 بحضور شخصيات فكرية وثقافية إماراتية وعربية، بينهم الشيخ سالم بن خالد القاسمي وزير الثقافة، والدكتور أنور محمد قرقاش رئيس مجلس الأمناء، ومحمد المر رئيس مجلس أمناء مكتبة...

عبدالسلام بنعبد العالي… بورتريه صيني لفيلسوف مغربي!

عبدالسلام بنعبد العالي… بورتريه صيني لفيلسوف مغربي!

لو كنتُ بورتريهًا، فلأكُن بورتريهًا صينيًّا ليست كتابة البورتريه بأقلّ صعوبةً من رسمِه، في الحالتين كلتيهما نحن مهدّدون بأن نخطئ تقديرَ المسافة، أن نلتصق بالمرسوم إلى درجة المطابقة، بحيث نعيد إنتاجَه إنتاجًا دقيقًا يخلو من أيّ أصالةٍ؛ أو أن نجانِبه، فنرسم شيئًا آخر......

الموريسكيون ومحاولات محو الذاكرة

الموريسكيون ومحاولات محو الذاكرة

تظل قضية الموريسكيين واحدة من أبرز القضايا المتعلقة بتاريخ الوجود العربي الإسلامي في الأندلس، وهي التي شهدت كثيرًا من الأحداث الدراماتيكية منذ سقوط غرناطة عام 1492م حتى طردهم من الأندلس عام 1609م في عهد الملك فيليب الثالث، فالأحداث التي ترتبت على سقوط «غرناطة» آخر...

الاغتراب والرواية المقيّدة

الاغتراب والرواية المقيّدة

تتوزع حياة الإنسان على وضعين: وضع أول يدعوه الفلاسفة: الاغتراب، يتسم بالنقص والحرمان، ووضع ثان يحلم به ويتطلع إليه وهو: عالم التحقق أو: اليوتوبيا. يتعرف الاغتراب، فلسفيًّا، بفقدان الإنسان لجوهره، وتوقه إلى استعادة جوهره المفقود بعد أن يتغلب على العوائق التي تشوه...

أصوات النساء في مواجهة داعش… الحركة النسوية الكردستانية

بواسطة | يوليو 1, 2023 | قضايا

في عتمة الليل، يأتيك صوت أم كلثوم راكضًا، متخطيًا حواجز البر والبحر والنفس، وتنهار على أعتابه حرمة البيوت. وفي أغنيتها «ألف ليلة وليلة»، ترسم الست عيون الليل بكحل سرمدي. نغني له بكل ما أوتينا، ونقول للشمس، الآتية بعد سويعات، أن تأتي بعد سنة.

وفي سوريا، لم يجد صوت أم كلثوم جمهوره الذي تعود عليه؛ رجال يرتدون ربطات العنق ونساء أنيقات مستسلمات لسلطانه، أو حتى فلاحون جاؤوا خِصِّيصَى من الأرياف من أجل أن يهتف أحدهم: «عظمة على عظمة يا ست». استقلت خمس فتيات سيارة، واخترن أغنية «ألف ليلة وليلة» لتحلّق بعيدًا. فيما كن يفكرن؟ فيما كن يأملن؟ ولماذا اخترن أغنية؟ وأغنية «للست» تحديدًا؟ راقبتهن الأعين، مطمئنة، بينما فرّ صوت الست من نافذتهن، متنقلًا بين جمهور من الأشباح، ركام البيوت، ألعاب الأطفال المهشّمة، خراطيش البنادق.. بين الأيام والأحلام المهدورة، وغنَّى: «يا حبيبي، الليل وسماه ونجومه وقمره، وقمره وسهره، وأنت وأنا..» تقترب السيارة من وجهتها، تترقبها الأعين، لا تشعر بالخطر. يرفع صوت الست من تون الكُرد رُبعًا، ليرقص على البَيات، ويبتهل للحبيب، «يلا نعيش في عيون الليل..» توقفت السيارة عند حاجز قوات سوريا الديمقراطية في دير الزور الشرقي، وانفجرت، وتناثرت شظاياها في السماء..

الطريق إلى شنكال

في أغسطس 2014م، شق تنظيم داعش طريقه إلى بلدة سنجار، أو شنكال، وهي بلدة تقع على الحدود بين سوريا والعراق. معظم سكانها من الإيزيديين. وهم أقلية كردية عراقية يسمون أنفسهم «عبدة الرب» بينما يراهم تنظيم داعش «عبدة شيطان» ويجب تصفيتهم(١). سيطر مقاتلو داعش على قرية الإيزيديين، وأسروا آلاف الأشخاص. أما الذين تمكنوا من الفرار إلى جبل سنجار، فطاردوهم، ليقطعوا عليهم أي محاولة للعثور على مأكل ومشرب وملبس. فصلوا النساء عن الرجال، وجمعوا الصبيان الذين لم يبلغوا ليرسلونهم إلى معسكرات لتدريبهم، وللاستفادة منهم من بعد غسيل عقولهم. أما الأكبر سنًّا وباقي الرجال والشيوخ، أبادوهم جميعًا رميًا بالرصاص. وأما النساء، فقد فصلوا الفتيات عن أمهاتهن، ونقلوهن في عربات إلى سوق الرقيق، حيث جردوهن من ملابسهن، تفحصوا أجسادهن، ليبعن بأعلى الأسعار.

ستضيء هذه المقالة رؤية الكاتبة والناشطة النسوية الأميركية الشهيرة ميريديث تاكس وكتابها «طريق غير متوقع، نساء يحاربن تنظيم داعش» الذي صدرت ترجمته الكردية العام الفائت، والترجمة العربية هذا الشهر، من ترجمتي. وستطرح المقالة مقاربة فلسفية لما حدث في منطقة بلاد الشام، خصوصًا في سوريا، في المنطقة الكردية تحديدًا.

ذكرت تاكس فيما يخص استرقاق الإيزيديات: بحلول عام ٢٠١٦م، كان هناك ألفان وخمس مئة امرأة إيزيدية على الأقل ما زلن محتجزات، لكن بعضهن استطعن الهرب بمفردهن، أو بمساعدة رجال إيزيديين يديرون شبكة أنفاق تحت الأرض(٢). وفي تصريح أدلت به ناجية إيزيدية مراهقة، تبلغ اثني عشر عامًا، هربت بعد أحد عشر شهرًا من الأسر، لصحيفة نيويورك تايمز عن وقائع اغتصابها المتكرر على يد مالكها وَرَدَ: لأن الفتاة المراهقة كانت على غير دين الإسلام، فإن القرآن، على حسب إصراره، لم يبرر اغتصابها فقط، بل تغاضى عن جريمته وشجّعه عليها. قالت الناجية: «إن مالكها قيّد يديها، وكمّم فمها، ثم ركع وأتم الصلاة، ثم اغتصبها. وحينما فرغ منها أقام الصلاة مرة أخرى خاتمًا الاغتصاب بفريضة دينية»، وحينما أخبَرته أنه يؤذيها وتوسلت إليه أن يتوقف، أجابها بأنه يتقرب إلى الله بجِماعها(٣).

أسواط داعش النسائية

اعتمد التنظيم استخدام النساء كأسواط تجلد النساء أنفسهن، كما ذكرنا في أول المقالة، كيف استخدم صوت أم كلثوم، «الست»، في تنفيذ عملية انتحارية، استخدم الانتحاريات أيضًا بعد تضييق الخناق عليه، وهزيمته بشكل نهائي، وهو نموذج من النساء. نموذج آخر، وهو لواء الخنساء. شرطة نسائية أسسها التنظيم بعد استيلائه على الرقة والموصل، في يوليو 2014م، وفقًا لمسؤول داعشي: «لزيادة الوعي بديننا بين النساء، ولمعاقبة النساء اللواتي لا يلتزمن بالقانون… الجهاد ليس واجبًا على الرجال فقط، يجب على النساء أداء واجبهن أيضًا»(٤). يمكننا تناول مدى قدرة التنظيم على خلق هذا النموذج النسائي الذي يشرف على إهانة وتعذيب وجلد النساء، وعلى استقطاب مئات الفتيات الأوربيات والعرب ليعزز أدوارهن سواء في القتال أو في إهانة ذويهم من النساء أو استرقاقهم جنسيًّا.

من الشهادات التي استوقفتني كثيرًا، تلك الشهادة التي سمعتها فيان دخيل، النائبة الإيزيدية في البرلمان العراقي، وأختها ديلان التي عملت في مخيمات اللاجئين في شمال العراق. في مقابلة لها في صحيفة ديلي ميل في ديسمبر 2015م، كتب المراسل: القصص التي ترويها تبدو كمشاهد من فِلْم رعب. هناك قصة منهن تحكي ما حدث لأم وابنتها التي تبلغ تسع سنوات. ذات صباح، قرر مقاتل، يُعتقد أنه في الخمسين، أن يأخذ الفتاة الصغيرة بدلًا من إحدى النساء. غضبت الأم كالمجانين وحاولت حماية ابنتها.. دون فائدة. أطلق المقاتلون النار على رأسها، وتركوا جسدها ملقى على الأرض. وأخذ المقاتل الطفلة. ما زالت المرأة التي روت لديلان القصة، وفقًا لكلامها، تسمع صراخها كل ليلة وهي تحاول النوم. صرّحت ديلان لجمهور لندن: اغتصبوا تلك الطفلة.. لكن جسدها الضعيف لم يتحمل ذلك. نزفت من أول تجربة جنسية لها، حتى الموت. أما الفتاة الأولى التي ساعدتها ديلان بعد هروبها من داعش، ألقت بنفسها من نافذة في الطابق الثاني، ثم سارت على قدميها ثلاثة أيام بحثًا عن الأمان. بيعت ست مرات، من مقاتل إلى آخر. اغتصبت عند كل واحد منهم يوميًّا، انخفض سعرها آخر مرة، وبيعت مقابل سيجارة(٥).

بين عبودية تنظيم داعش والكونفدرالية الديمقراطية

لزعيم حزب العمال الكردستاني

عبدالله أوجلان

في ضوء نظرية المادية التاريخية، التي ذكرها المفكر فريدريك إنجلز لأول مرة في كتابه: «الاشتراكية: الطوباوية والعلمية»، مستندًا إلى كتابات وأفكار كارل ماركس حول حتمية تطور المجتمعات الإنسانية، ابتداءً من المشاعية، مرورًا بالعبودية، ثم الإقطاعية، ثم الرأسمالية، وصولًا إلى الاشتراكية. هذه الفرضية تقتضي استحالة العودة إلى الماضي، أي أنه لا يمكن لمجتمع رأسمالي أن يتراجع لمجتمع عبودي مثلًا! لكن هذا بالضبط ما فعله تنظيم داعش في المناطق التي خضعت لسيطرته لسنوات. وانطلاقًا من مقولة ماركس نفسه: «إن الناس يصنعون تاريخهم بأيديهم، لكنهم لا يصنعونه كما يحلو لهم؛ إنهم لا يصنعونه في ظل ظروف يختارونها بأنفسهم، بل في ظل ظروف قائمة بالفعل، ظروف ورثوها ونقلوها من الماضي. إن تقاليد جميع الأجيال الميتة تثقل مثل جبال الألب على أدمغة الأحياء»(٦). نقرأ في ضوء ما حدث في هذه المنطقة، كيف قاوم الزعيم الكردي عبدالله أوجلان وميليشياته، وأفكاره، والحركة النسوية الكردستانية، زحزحة تنظيم داعش للمجتمع إلى ظلمات العبودية. ونطرح إشكالية مهمة: هل يمكن للعنصر الذاتي أن يخلق فعلًا ثوريًّا، على الرغم من حالة المجتمع في شتى جوانبه، واستعداد الجماهير للحراك، والعادات والتقاليد والقوى التي تؤثر في هذا المجتمع؟

تصورات أوجلان عن المرأة

تقول تاكس: رأى أوجلان قرية العصر الحجري جنّة، تتمتع المرأة فيها بسلطة ومكانة مساوية أو ربما تفوق الرجل. لم يعرف جنسنا البشري الحروب والإمبراطوريات والعبودية إلا من بعد هيمنة الذكور. فكّر أوجلان في هذا الجزء، وهو ماركسي كلاسيكي، تتبع تفكير فريدريك إنجلز في كتاب «أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة»: «إن إسقاط حق الأم هو الهزيمة التاريخية العالمية للجنس الأنثوي. أصبح الرجل هو القائد في المنزل، أهينت المرأة حدّ الاستعباد، أصبحت أَمَة لإشباع شهوته، ومجرّد أداة لتربية الأطفال»(٧). ربما استندت نظرية التنمية البشرية هذه إلى أدلة قوية قليلة جدًّا، لكن تتمتع بقوة عظيمة ومستمرة بوصفها أسطورة السقوط. عمل أوجلان على بناء نسخة أسطورية من عصور ما قبل التاريخ، مثلما عمل عدد من المنظرات النسويات مثل ماريا جيمبوتاس وريان إيسلر، لإثبات أن النظام الأبوي ليس قدرًا حتميًّا، وأنه لا يزال هناك فرصة لإعادة النظر في الترتيبات الجندرية.

فضّلت التقاليد السياسية والفلسفية الغربية المهيمنة، بما فيها الماركسية، أثينا إلهة الحرب والحكمة اليونانية العذراء، بدلًا من استدعاء عشتار. لم تولد أثينا من رحم، بل خرجت من جبين والدها زيوس. اختلفت كريستا وولف مع هذه الرواية في روايتها كاسندرا، وتساءلت: كيف سيبدو شكل «تاريخ الفكر» إن تشكل من مكان آخر غير رأس إله ذكر؟ وكيف سيبدو شكله لو شاركت النساء في تشكيله؟(٨) واجهت النساء، رغم تزايد أعدادهن في وحدات المقاتلين إلى الثلث تقريبًا، عرقلات جندرية، وفقًا لتحليل ألماني لحزب العمال الكردستاني أجراه أندرياس (في أثناء التحاقه بجامعة ماربورغ) عام 1997م، مثل «الرجال الذين يريدون عرقلة التنمية المستقلة للمرأة، والاحتفاظ بمناصبهم في السلطة، ورفض تقبل النساء كقائدات»، وأيضًا «النساء اللاتي يتشبثن بالرجال ولا يستطعن التخلص من تبعيتهن، وليس لديهن ثقة بأنفسهن، والنساء اللاتي يتجنبن المناصب القيادية ويرفضن تَقبُّل نساء أخريات في تلك المناصب». ذكر المؤلف أن قيادة حزب العمال الكُردستاني أدركت أن «تعزيز المرأة أصبح ضرورة للقضاء على الأدوار التي وجدت منذ قرون. كان لا بد من تأسيس ميليشيات نسائية مستقلة»(٩). مثلت هذه الوحدات النسائية فقط عنصرًا أساسيًّا في منح النساء الثقة والخبرة القيادية لتمكينهم من إنشاء جيش نسائي مستقل تمامًا(١٠).

وبالفعل، قرر حزب العمال الكردستاني في مؤتمره الخامس في يناير 1995م، تشكيل قوات المرأة الحرة في كردستان (YJAK)، وأصبح فيما بعد وحدات المرأة الحرة (YJA-Star). ورأى أنها خطوة في طريق تأسيس منظمات نسائية مستقلة يمكن أن توازي جميع هياكل الحزب الأخرى.

وبحلول عام 1997م، بلغ عدد المقاتلات في الميليشيات النسائية المستقلة نحو خمسة آلاف امرأة، و11 ألف امرأة أخرى في الوحدات المختلطة. حظيت الميليشيات العسكرية بقائدات يخططن لعملياتهن الخاصة، بجانب قائدات الوحدات المختلطة أيضًا. والجدير بالذكر أن معسكرات حزب العمال الكُردستاني العسكرية في جبال قنديل تتقاسم الأعمال المنزلية بين الجنسين بعد ممارسة بعض الضغوط من النساء في حزب المرأة الحرة(١١).

العقلية النسوية الكردية في منطقة الحزام الأبوي

سيطرت «العقلية الأبوية» على النساء أنفسهن لسنوات، لم يكن سهلًا أن تتقبلن هذا الدور، أو أن يرين أنفسهن أهلًا له. في تصريح نوروز سيروكسان، التي عملت في لجنة العمل والمشاريع الاجتماعية في كانتون الجزيرة -وهو أحد كانتونات روجآفا الثلاثة مع عفرين وكوباني- صرّحت أن النساء المحليات من ذوات العقلية الأبوية كن مترددات في الخروج من منازلهن للعمل أو للمشاركة في العمل السياسي. لكن التفاعل مع النساء المقاتلات ألهمهن. وصلت نسبة النساء العاملات نحو 60% من مجمل القوى العاملة المحلية، وقت مقابلتها عام 2015م. «إن استطاعت النساء حمل السلاح والقتال، يستطعن فعل أي شيء، وهذا هو النهج الذي تطور في المجتمع»(١٢).

في نظري، من الميزات التي انفردت بها الحركة النسوية الكردستانية هي أن أفكارها اختبرت ميدانيًّا، وحققت نتائج ملموسة على أرض الواقع. يمكننا ببساطة المقارنة بين النسويات الكرديات وبين ناشطات نسويات شهيرات ينتمين لحركة السلام النسائية الدولية مثل غلوريا ستاينم، والناشطتان الحائزتان على جائزة نوبل للسلام ليما غبوي وماير ماكجواير، ونستعرض الفرق بين رؤيتهن لمفهوم النسوية وأدوار وأهمية النساء، كالتالي:

حينما سافرت غلوريا ستاينم، وليما غبوي وماير ماكجواير إلى كوريا الشمالية مدة ستة أيام عام 2015م. ارتدين ملابس بيضاء مع أوشحة ملونة، ونظمن مسيرة سلمية في مدينة قريبة من كوريا الجنوبية. قالت ستاينم: إن هناك أوجه تشابه بين ضحايا العنف المنزلي ومواطني الكوريتين المنقسمتين. ودعت النساء إلى استخدام خبرتهن في الحياة كأمهات ومربيات لإعطاء الكوريين «دليلًا على وجود خيار إنساني» للوضع الراهن. وقالت: إنّ النساء لديهن «قدرة خاصة على إقامة روابط بين الناس»، غير آبهة بحاجة الرجال لإظهار ذكورتهم العدائية(١٣).

اختلفت الناشطة الكُردية العراقية هوزان محمود على مثل هذه الادعاءات قائلة: «إلى أولئك الذين يرغبون في إعادة النساء إلى الأدوار النمطية كوسيطات وصانعات سلام، أود أن أسأل مع من يفترض أن يصنعوا السلام بالضبط؟ مع تنظيم داعش الذي يعدّ من أكثر التنظيمات الإرهابية وحشية على وجه الأرض؟ مع أولئك الذين تتمثل مهمّتهم الأساسية في إعادة المجتمع إلى العصور المظلمة، من يجبرون الأطفال والنساء على جهاد النكاح، الذين يغتصبونهن ويبيعونهن في أسواق العبيد التي يسيطرون عليها؟… في حالة النساء الكُرد، ربما يكون حمل السلاح والقتال على الجبهات الأمامية هو أفضل خيار لهن. أن يرفضن أن يصبحن إماءً، أو أن يغتصبن، أو يقتلن أو يحكم عليهن قانون الشريعة الإسلامية التابع لداعش. ولن يتحقق هذا إلّا من خلال المقاومة المسلحة»(١٤).

شاركت النساء في الصفوف الأمامية، وكعنصر رئيس، في الحرب ضد تنظيم داعش ومن أجل كرامتهن وكرامة وطنهن. استمرت معركة كوباني قرابة ثلاثة الأشهر، من ربيع عام 2014م حتى يناير 2015م. كانت فكرة هزيمة داعش على أيدي تحالف قوات حماية الشعب والمرأة YPG-YPJ أكثر روعة؛ لأن عددًا كبيرًا من المقاتلين الكُرد المنتصرين كن من النساء- ويبدو أن مقاتلي داعش يعتقدون أنهم إذا قُتِلوا على أيادي النساء لن يدخلوا الجنة ولن يحصلوا على الاثنتي والسبعين حورية من حور العين(١٥).

في النهاية، تحتاج معركة كوباني لعشرات الصفحات للوقوف على أهم التحديات التي واجهها الكرد في مواجهة تنظيم داعش، والانتصار عليه. ووفقًا لرأي ميريديث تاكس؛ إن الدور القيادي للمرأة الكُردية في الحرب ضد تنظيم داعش، وما ينبئنا به بخصوص المجتمع الذي يحاول كُرد روجآفا بناءه، يستدعي اهتمامنا. ووفقًا للكاتب الكُردي محمد أكسوي: «يمثل الكُرد ودولتهم كُردستان أرضًا خصبة لمعركة كبيرة الآن، بين الحرية والعبودية، وتمثل الرحم الذي يهيئ الفرصة لنمو حضارة جديدة»(١٦).


هوامش:

(١) Sebastian Maisel, “Sectarian-Based Violence: The Case of the Yezidis in Iraq and Syria,” Middle East Institute, July 23, 2014, http://www.mei.edu/content/map/sectarian-based-violence-case-yezidis-iraq-and-syria; Raya Jalabi, “Who are the Yazidis and why is ISIS hunting them?” The Guardian, August 11, 2014, http://www.theguardian.com/world/2014/ aug/0y/who-yazidi-isis-iraq-religion-ethnicity-mountains.

(٢) Olivia Goldhill, “This man risks his life every day to rescue kidnapped women from ISIS,” The Telegraph, July 8, 2015, http://www.telegraph. co.uk/women/womens-life/11y23360/Islamic-State-Meet-the-man-who-helps-kidnapped-women-escape-horrors.html; Mohammed A. Salih, “Father of the brave: the man who rescues enslaved women from Isis,” The Guardian, July 13, 2015, http://www.theguardian.com/world/2015/jul/13/father-of-the-brave-the-yazidi-christian-who-rescues-hostages- from-isis; “Escaping ISIS,” Frontline, July 14, 2015, http://www.pbs.org/ wgbh/pages/frontline/escaping-isis/.

(٣) Callimachi, “Theology of Rape,” 2015.

(٤) Kathy Gilsinan, “The ISIS Crackdown on Women, by Women,” The Atlantic, July 25, 2014, http://www.theatlantic.com/international/ archive/2014/0y/the-women-of-isis/3y504y/.

(٥) Flora Drury, “Islamic State’s most wanted women: The fearless Yazidi sisters fighting to save ISIS sex slaves,” The Daily Mail, December 22, 2015, http://www.dailymail.co.uk/news/article-333983y/ISIS-wanted-women-remarkable-Yazidi-sisters-fighting-beasts-Daesh-raping-girls- murdering-people.html.

(٦) كارل ماركس، الثامن عشر من برومير لويس بونابرت، دار الطليعة الجديدة، 2016

(٧) Friedrich Engels, The Origin of the Family, Private Property and the State, 1884, https://www.marxists.org/archive/marx/works/1884/origin-family/ ch02c.htm.

(٨) Christa Wolf, Cassandra, trans. Jan van Heurck (New York: Farrar Strauss and Giroux, 1984).

(٩) Delal Afsin Nurhak, “The Kurdistan Women’s Liberation Movement,” n.d., http://www.pkkonline.com/en/index.php?sys=article&artID=180.

(١٠) طريق غير متوقع: نساء يحاربن تنظيم داعش، ترجمة أميرة بدوي، دار شلير للنشر، سوريا، 2023، ص 240

(١١) Maxine Molyneux, “Mobilization without Emancipation? Women’s Interests, the State, and Revolution in Nicaragua,” Feminist Studies, 11:2, Summer 1985, 245.

(١٢) Cynthia Cockburn, “World disarmament? Start by disarming masculinity,” openDemocracy yoyo, April 30, 2015, https://www. opendemocracy.net/cynthia-cockburn/world-disarmament-start-by- disarming-masculinity.

(١٣) Houzan Mahmoud, “Kurdish Female Fighters and Kobane Style Revolution,” Hu$ngton Post, October 7, 2014, http://www.huffingtonpost. co.uk/houzan-mahmoud/kurdish-female-fighters-_b_5944382.html.

(١٤) Dilar Dirik, “Kurdish Women’s Radical Self-Defense: Armed and Political,” Telesur, July 7, 2015, http://www.telesurtv.net/english/ opinion/Kurdish-Womens-Radical-Self-Defense-Armed-and- Political-20150707-0002.html.

(١٥) “How Kurdish women soldiers are confronting ISIS on the front lines,” PBS Newshour, May 3, 2015, http://www.pbs.org/newshour/bb/kurdish-women-soldiers-confronting-fears-isis/; Dilar Dirik, “Western fascination with ‘badass” Kurdish women,” Al Jazeera, October 14, 2014, http://www.aljazeera.com/indepth/opinion/2014/10/western-fascination-with-badas-2014102112410527736.html; “Kurdish revolutionary: We are showing the strength of women,” [interview with Nesrin Abdullah by Giuliana Sgrena], Green Left, October 26, 2015, https://www.greenleft.org. au/node/60457.

(16) Memed Aksoy, “A(y)lan Kurdi and the Kurdish Question,” Kurdish Question, Sept. 4, 2015, http://kurdishquestion.com/index.php/insight-research/aylan-kurdi-and-the-kurdish-question.html.

المنشورات ذات الصلة

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *