المقالات الأخيرة

جائزة العويس تكرم الفائزين في فروعها المختلفة

جائزة العويس تكرم الفائزين في فروعها المختلفة

 احتفلت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، الخميس الماضي، بتوزيع جوائز الفائزين في الدورة الـ 18 بحضور شخصيات فكرية وثقافية إماراتية وعربية، بينهم الشيخ سالم بن خالد القاسمي وزير الثقافة، والدكتور أنور محمد قرقاش رئيس مجلس الأمناء، ومحمد المر رئيس مجلس أمناء مكتبة...

عبدالسلام بنعبد العالي… بورتريه صيني لفيلسوف مغربي!

عبدالسلام بنعبد العالي… بورتريه صيني لفيلسوف مغربي!

لو كنتُ بورتريهًا، فلأكُن بورتريهًا صينيًّا ليست كتابة البورتريه بأقلّ صعوبةً من رسمِه، في الحالتين كلتيهما نحن مهدّدون بأن نخطئ تقديرَ المسافة، أن نلتصق بالمرسوم إلى درجة المطابقة، بحيث نعيد إنتاجَه إنتاجًا دقيقًا يخلو من أيّ أصالةٍ؛ أو أن نجانِبه، فنرسم شيئًا آخر......

الموريسكيون ومحاولات محو الذاكرة

الموريسكيون ومحاولات محو الذاكرة

تظل قضية الموريسكيين واحدة من أبرز القضايا المتعلقة بتاريخ الوجود العربي الإسلامي في الأندلس، وهي التي شهدت كثيرًا من الأحداث الدراماتيكية منذ سقوط غرناطة عام 1492م حتى طردهم من الأندلس عام 1609م في عهد الملك فيليب الثالث، فالأحداث التي ترتبت على سقوط «غرناطة» آخر...

الاغتراب والرواية المقيّدة

الاغتراب والرواية المقيّدة

تتوزع حياة الإنسان على وضعين: وضع أول يدعوه الفلاسفة: الاغتراب، يتسم بالنقص والحرمان، ووضع ثان يحلم به ويتطلع إليه وهو: عالم التحقق أو: اليوتوبيا. يتعرف الاغتراب، فلسفيًّا، بفقدان الإنسان لجوهره، وتوقه إلى استعادة جوهره المفقود بعد أن يتغلب على العوائق التي تشوه...

نص الصحراء واللامفكر فيه عند إدمون جابيس وبلانشو ولفيناس

نص الصحراء واللامفكر فيه عند إدمون جابيس وبلانشو ولفيناس

يصف موريس بلانشو الأدب كمنفى في الصحراء، حيث يصبح الكاتب ضعيفًا تسكنه المخاوف مثل تلك المخاوف التي سكنت بني إسرائيل عندما قادهم النبي موسى، امتثالًا لطلب «يهوه»، في رحلتهم عبر صحراء سيناء إلى أرض كنعان؛ فالصحراء فضاء هندسي مناسب لاحتواء مفاهيم من قبيل العزلة...

الحركة النسوية الروسية في مواجهة الكرملين والكنيسة

بواسطة | مارس 1, 2024 | قضايا

لكن واقع الحال مختلف تمامًا، والعلاقة في روسيا بين الحركة النسوية من جهة والسلطة الحاكمة والكنيسة الأرثوذكسية الموالية لهذه السلطة من جهة ثانية ليست قطعًا علاقة وفاق. وهذا ليس وليد اللحظة الراهنة، ففي عام 2012م، مثلًا، وصفت لاريسا بافولوفا، المحامية الممثلة للكنيسة الأرثوذكسية الروسية، النسوية بأنها «خطيئة مميتة»(١). وقد تفاقم الأمر مؤخرًا بالارتباط مع الحرب الروسية ضد أوكرانيا التي تعارضها الحركة النسوية عمومًا، ووصل الأمر إلى حد أن أوليغ ماتفيتشيف، نائب رئيس لجنة مجلس الدوما لسياسة المعلومات وتقنية المعلومات والاتصالات في روسيا، قدم في بدايات إبريل من العام الماضي مشروع قانون لتصنيف النسوية كـ«أيديولوجية متطرفة»(٢)، وهذا ما كان سيؤدي إلى حظرها.

فما خفايا هذه المسألة؟! هذا ما سوف تتناوله هذه المقالة، التي ستتطرق إلى هذا الجانب من الجوانب الاجتماعية والسياسية والثقافية الراهنة في روسيا، ولكن قبل ذلك يجدر بنا تسليط بعض الضوء على تاريخ الحركة النسوية في روسيا.

الحركة النسوية الروسية في لمحة تاريخية(٣)(٤)

للحركة النسوية في روسيا تاريخ طويل ومعقد، وتعود بدايات ظهور هذه الحركة إلى أواخر القرن التاسع عشر، مع أن جذور النشاط النسوي في روسيا أقدم من ذلك بكثير، ويمكن إعادة جذورها إلى القرن الثامن عشر. وعلى نحو عام يمكن تقسيم تاريخ تطور الحركة النسوية في روسيا كما هو مبين في الفقرة التالية.

النسوية المبكرة في روسيا: ظهرت الموجة النسوية الأولى في روسيا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وتأثرت بالحركات النسوية الأوربية الأوسع في ذلك الوقت. وقد لعبت ناشطات نسويات بارزات مثل: ناديجدا ستاسوفا، وآنا فيلوسوفوفا، وألكسندرا كولونتاي أدوارًا مهمة في الدفاع عن حقوق المرأة، بما في ذلك حق الاقتراع والتعليم وفرص العمل، كما ركزت الحركة النسوية المبكرة في روسيا على قضايا مثل تعليم المرأة، والوصول إلى مؤسسات التعليم العالي، والإصلاحات القانونية لتحسين حقوق المرأة.

الحقبة السوفييتية: تعرضت الحركة النسوية في روسيا لتغييرات مهمة في الحقبة السوفييتية (1917-1991م)، حيث وعدت الثورة البلشفية عام 1917م، بالمساواة بين الجنسين. وبعد ثورة أكتوبر، تعاون البلاشفة في البداية مع الحركة النسائية ونفذوا الإصلاحات التي كانت النسويات تطالب بها وتروج لها منذ عقود، لكن في الوقت نفسه، لم توافق الدولة السوفييتية على وجود حركة نسائية مستقلة، معتبرة أنها حركة برجوازية؛ لذا نفذت الدولة السوفييتية مشروعها الخاص الهادف إلى التعبئة السياسية والاقتصادية للمرأة لصالح هذه الدولة، فطبقت سياسات تعزيز حقوق المرأة، مثل منح حق الاقتراع، وتوفير الوصول إلى التعليم والعمل. ومع ذلك، حافظت الدولة أيضًا على بعض الأدوار التقليدية للجنسين، مؤكدة دور المرأة العاملة والأم، وهذا ما يعده بعضٌ حدًّا من حرية المرأة واستقلاليتها. وفي بدايات هذه المرحلة استمرت الناشطات النسويات مثل ألكسندرا كولونتاي في الدفاع عن حقوق المرأة داخل النظام السوفييتي، وركزن على قضايا مثل إجازة الأمومة والأجر المتساوي.

ومع ذلك، بقيت المساواة موضع شك ومساءلة في النظام السوفييتي، وكتبت النسوية السوفييتية إيكاترينا ألكسندروفا في مقالها «لماذا تريد المرأة السوفييتية أن تتزوج»: «تعمل المرأة السوفييتية في أكثر الوظائف تنوعًا، وكثير منهن متعلمات جيدًا، ولديهن مهن، ومستقلات ماليًّا عن الرجال، ومع ذلك، في هذا المجتمع خاصة بين هؤلاء النساء، يزدهر النظام الاجتماعي الأبوي وعلم النفس الخاص به».

حقبة ما بعد الاتحاد السوفييتي: أدى انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991م إلى تغييرات مهمة في الحركة النسوية في روسيا، حيث شهدت التسعينيات ارتفاعًا في النشاط النسوي، فركز نشطاء حقوق المرأة على قضايا مثل العنف الأسري، والحقوق الإنجابية، وعدم المساواة بين الجنسين، وأخذت المنظمات النسوية والمنظمات غير الحكومية في الظهور، مثل الرابطة الروسية للمحاميات، ونساء روسيا، ومركز دراسات النوع الاجتماعي. ومع ذلك، واجهت الحركة النسوية تحديات صعبة بسبب صعود القيم المحافظة والتقليدية، فضلًا عن تصور النسوية على أنها مستوردة من الغرب. وفي السنوات الأخيرة، واجهت الناشطات النسويات ضغوطًا متزايدة، بما في ذلك القيود الحكومية على المنظمات غير الحكومية والحملات المناهضة للنسوية.

النسوية المعاصرة

في السنوات الأخيرة، اكتسبت الحركة النسائية في روسيا زخمًا كبيرًا بفضل جيل الشباب من النشطاء الذين يستخدمون الشبكات الاجتماعية ومنصات الإنترنت. ويشمل النشاط النسوي المعاصر في روسيا مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك العنف القائم على النوع الاجتماعي، والحقوق الإنجابية، وفجوة الأجور بين الجنسين، والتمثيل السياسي، وسواها. وتواصل المنظمات النسوية والنشطاء النسويون العمل من أجل تغيير الوعي الثقافي وتغيير السياسات وتحدي الأعراف الجنسانية التقليدية. وقد أدت شبكة الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي دورًا مهمًّا في تعزيز الأفكار النسوية وربط النشطاء في جميع أنحاء البلاد.

ومن الشخصيات النسوية المعاصرة البارزة في روسيا ماريا أليوخينا وناديجدا تولكونيكوفا والمجموعات النسوية مثل فرقة موسيقا الروك بانك، وسوى ذلك. لكن من المهم التنويه إلى أن الحركة النسوية في روسيا متنوعة، وأن الجماعات والأفراد المختلفين فيها قد يكون لديهم أهداف ومقاربات مختلفة، وأن هذه الحركة تستمر في التطور والتكيف مع السياقات الاجتماعية والسياسية والثقافية المتغيرة في روسيا.

ومع ذلك، كما سلف التنويه، تواجه الحركة النسوية في روسيا تحديات كبيرة، مثل: الحماية القانونية المحدودة، والأعراف الاجتماعية المحافظة، والموارد المحدودة. وتصور النسوية على أنها حركة دخيلة جاءت من الغرب. وغالبًا ما تواجه الناشطات النسويات معارضة شديدة، بما في ذلك القمع الحكومي وردود الأفعال العنيفة من المحافظين والمعارضين للأفكار النسوية. وغالبًا ما تصور وسائل الإعلام، التي تسيطر عليها الدولة، النسوية على نحو سلبي، كما تواجه الناشطات أيضًا التهديدات والمضايقات والعنف عبر الإنترنت وخارجه.

الدولة والكنيسة

عن العلاقة بين الدولة والكنيسة في روسيا، يقول المؤرخ قسطنطين أكينشا في صحيفة «روسيا تايمز» المستقلة: «في عام 1994م، بعد ثلاث سنوات من انهيار الاتحاد السوفييتي، بدأت عملية إعادة بناء الكنيسة، وقد كان هذا المشروعَ الأيديولوجي الرئيس للرئيس بوريس يلتسين، الذي اكتمل في عام 2000م، الذي كان يهدف إلى التراجع الرمزي عن سنوات الحكم الشيوعي وإحياء الماضي الروسي. مع ذلك، فالكنيسة القديمة المجددة لم تستطع العودة بالزمن إلى الوراء، لكنها أصبحت رمزًا في روسيا البوتينية الجديدة، بمزيجها الذي يجمع بين القومية الشوفينية ودين الدولة. وهكذا أصبح أي هجوم على أي نصب يجسد وحدة الكنيسة والدولة في عهد بوتين لا يمكن أن يمر من دون عقاب»(٥).

وعن هذه العلاقة يرى بعض المفكرين السياسيين أن الكنيسة الأرثوذكسيةَ فيها قد شغلتْ في نظام بوتين الموقعَ نفسَه الذي كان يشغله سابقًا الحزبُ الشيوعي في النظام السوفييتي، أي أن الكنيسة الأرثوذكسية قد تحولت إلى ركيزة أيديولوجية قومية لنظام بوتين(٦).

وبهذا الموضع الذي تموضعت فيه الكنيسة في تبعيتها لنظام بوتين، جعلت من نفسها موقع نقد حاد، بل هجوم، من جانب معارضي بوتين، وهذا ما جعل إحدى الفرق النسوية تقتحم في أثناء الحملة الرئاسية الدعائية لبوتين في 12 فبراير 2012م كاتدرائية المسيح المخلص في موسكو وتقيم فيها «صلاة عابثة» تعبيرًا عن رفضها لبوتين، وفي هذه الصلاة غنّت عضوات الفرقة أغنيةً تتهم البطريرك كيريل (رأس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية) بالخضوع للحكومة وتنصحه أن يؤمن بالله وليس ببوتين(٧).

أثارت هذه الحادثة غضب الكنيسة والدولة، وعدَّتها الكنيسة تجديفًا وتدنيسًا للمقدسات، وعدَّها بعض المتطرفين مؤامرة عدوانية ليس فقط ضد الكنيسة الأرثوذكسية، بل ضد الدولة الروسية؛ لأن كاتدرائية المسيح المقدس تُعَدُّ رمزًا وطنيًّا، حيث شيّدتْ نصبًا تذكاريًّا للانتصار على نابليون عند غزوه روسيا. وفي محصلة كل ذلك اعتُقِلَتْ ناشطات الفرقة ناديجدا تولكونيكوفا وماريا أليوخينا ويكاترينا ساموتسيفيتش، وحكم عليهن بالسجن لمدة سنتين بتهمة ارتكاب «أعمال شغب بدافع الكراهية الدينية»، ولاحقًا، بعد استئناف المحاكمة، أُطلق سراح ساموتسيفيتش وعلقت عقوبتها، فيما أُكِّدَت الأحكام الصادرة على المرأتين الأخريين(٨).

وقد أثار اعتقال ومحاكمة تلك النسويات والحملة التي أثيرت ضدهن من ناشطي الكنيسة والمحافظين الروس في تلك الآونة؛ موجةً تضامن واسعة معهن داخل روسيا وخارجها، وجعلت فرقتهن ذات شهرة عالمية، وعَدَّ المتضامنون معهن الحكم صوريًّا ومسيَّسًا(٩). وبالطبع، فالعلاقة الخصامية بين الدولة والكنيسة والحركة النسوية في روسيا لم تكن مقتصرة على فرقة بعينها، ولم تكن محصورة بحادثة اقتحام كاتدرائية يسوع المخلص، فقد استمر هذا الخصام وتَنامَى لاحقًا ليصلَ ذروته مع الحرب الروسية ضد أوكرانيا، التي تعارضها النسويات عامةً.

تُتهَم النسويات عمومًا من الكنيسة الأرثوذكسية الروسية والمحافظين والقوميين الروس ومؤيدي فلاديمير بوتين بأنهن يُرَوِّجْنَ ثقافةً دخيلة غريبة على المجتمع الروسي تتناقض مع القيم والتقاليد الأخلاقية والأسرية الروسية. ويأتي في طليعة ذلك تأييد المثلية، التي ترفضها الدولة والكنيسة والمحافظون الروس، ويزدرون من يمارسها؛ لذا فهم يطلقون على البلدان الأوربية التي سمحت بالمثلية التسمية الاستهزائية «غايروبا» المركبة من كلمتي «gay» أي «مِثْلِيّ» و«Europe» أي «أوربا»(١٠)، وقد اعتُمِدَ في روسيا لأول مرة القانون الذي يحظر «دعاية المثليين» على المستوى الفيدرالي في عام 2013م، وفي عام 2022م، صدر قانون جديد يحظر نشر أي معلومات ترى السلطات الروسية أنها «تُرَوِّجُ للعلاقات الجنسية غير التقليدية أو البيدوفيليا أو تغيير الجنس بين الأشخاص من جميع الأعمار»(١١).

وفقًا للدعاية الروسية الراهنة، فإن أحد أهداف الغزو الروسي لأوكرانيا هو محاربة «الفساد الأخلاقي للغرب» و«الانحلال الجنسي». ويكثر السياسيون والإعلاميون الروس المؤيدون للكرملين الحديث للجمهور عن «الفجور» في الجيش الأوكراني، ويقدمون أنفسهم على أنهم مقاتلون بطوليون من أجل «مستقبل طبيعي». وفي حفل التوقيع على عمليات حول ضم الأراضي الأوكرانية التي استولت عليها روسيا، ركز بوتين على هذا الأمر، فقال: «هل نريد حقًّا في روسيا أن يكون لدينا أحد الوالدين هو رقم 1، والآخر هو رقم 2، هل هم مجانين تمامًا، أم ماذا؟ هل نريد أنْ يُخْبَرَ أطفالنا بأن هناك أجناسًا أخرى غير الأجناس الطبيعية؟ وهل نريد حقًّا أن تنتشر في مدارسنا الانحرافات التي تؤدي إلى التدهور والزوال؟»(١٢).

وفِعليًّا، بعض الفرق النسوية يُعلِنَّ على نحو صريح دعمهن لمجتمعات الميم(١٣). لكن مع ذلك فهذا الموقف لا ينسحب عامةً على كل الحركة النسوية الروسية. وبهذا الشأن تقول الصحفية لارا ستوبينا، ردًّا على سؤال، ما موقف النسويات من المثلية؟ بأن النسوية تنقسم إلى تيارات لها مواقف مختلفة من هذا الأمر، ولكن الغالب فيها هو الموقف الإيجابي من المثليين؛ لأنها حركة مساواة، في رأيها(١٤).

وفيما يخص الحرب ضد أوكرانيا، تباينت مواقف النسويات الروسيات أيضًا، ولكن على نحوٍ عام، عارضت النسويات الروسيات الحرب إلى حد كبير، وفي الآونة الأخيرة، وعلى خلفية الاجتياح الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022م، ومعارضة أكثرية النسويات الروسيات لبوتين تصاعد توتر العلاقة بين الحكومة الروسية والحركة النسوية الروسية، حتى وصل الأمر في أوائل إبريل الفائت، كما سلف الذكر، إلى حد تقدم فيه أوليج ماتفيتشيف(١٥)(١٦)، بمشروع قانون يَعُدُّ النسويةَ أيديولوجيةً متطرفةً، وهذا ما كان ليؤدي إلى حظر النشاطات النسوية فيما لو تم. وقد أشار ماتفيتشيف إلى قيام «لجنة التحقيق في التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لروسيا» بتقويم مشروع القانون.

وعن تسويغ ذلك، قال ماتفيتشيف: إن معظم المنظمات النسوية الروسية، في رأيه، زُرِعَتْ في روسيا في التسعينيات، فظهرت وعملت بفضل المنح الأجنبية، وأضاف أن النسوية هي شبكة عنكبوتية، أُلْقِيَتْ في روسيا من جانب الغرب؛ لكي تُدَمِّرَ القيم التقليدية، وهو ما تؤكده تقارير وكالة المخابرات الروسية. وقال أيضًا: إن جميع قيادات المجتمعات النسوية في روسيا تقريبًا هم ضد العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وتعمل مجموعات عديدة على الشبكات الاجتماعية لنشر معلومات مزيفة عن القوات المسلحة الروسية، وأن النسويات في الغرب جميعهن ضد بوتين، وضد روسيا، والنسويات في أوكرانيا عمومًا يرون أن النسوية الحقيقية هي أن تخدم النساء جنبًا إلى جنب مع الرجال ضد الروس. وفي رأيه، النسويات في روسيا مجرد وكيلات للغرب، وهن منخرطات في تدمير القيم التقليدية، وأنشطتهن تتعارض مع المرسوم الرئاسي بشأن دعم القيم التقليدية، وهن يؤيدن الطلاق، وعدم الإنجاب، والإجهاض، ويعملن ضد السياسة الديمغرافية للاتحاد الروسي(١٧)(١٨).

كما ركز ماتفيتشيف على مسألة أن داريا تريبوفا، المتهمة باغتيال المدون العسكري فلادلين تاتارسكي في 2 إبريل 2023م، هي ناشطة نسوية، وأصرّ على أن ما فعلته هو عمل إرهابي. وفي هذا الصدد ذكرت بعض وسائل الإعلام أن تريبوفا كانت، حسب ما يُزعم، تتحرك في الأوساط النسوية(١٩). وفي المقابل، فقد وصفت نينا أوستانينا، رئيسة لجنة مجلس الدوما للأسرة والمرأة والطفل، مبادرة ماتفيتشيف بأنها «هراء كبير»، وقالت: إنها لم ترَ قانونًا أكثر غباءً منها قطُّ(٢٠)!

وبدوره نعتَ المحامي ألكسندر فاليافسكي مشروع قانون المساواة بين النسوية والتطرف بأنه «قانون داريا تريبوفا»، المتهمة بالقيام بهجوم إرهابي، وقال: إن مساواة الحركة كلها بالتطرف، أمر غير مقبول على الإطلاق(٢١). وفي المحصلة، وبعد الجدل الكبير الذي أثارته مبادرة ماتفيتشيف، وعلى الرغم من وجود العديد من النواب وكبار المسؤولين الروس المعادين للنسوية، لم يُتَّخَذْ أيُّ إجراءٍ لتجريم الحركة النسوية، ولم يوافق مجلس الدوما على عَدِّ الحركة النسوية في روسيا حركةً متطرفةً. لكن هذا لا يَعْنِي أن القضية قد انتهت، بل يمكن عَدّ ما جرى نوعًا من الإنذار الرسمي وغير الرسمي للحركات النسوية في روسيا بأن العديد من نشاطاتهن مرفوضة، ويمكن إنِ استمرّتْ أن تكون وخيمةَ العواقبِ.

كيف ستتطور الأمور لاحقًا في روسيا بين النسوية والدولة والكنيسة؟ هذا ما لا يمكن التكهن به. لكن الأوضاع المضطربة في روسيا اليوم يمكنها أن تدلّ على أن البلاد كلها تَمُرّ بمرحلة حرجة جدًّا ومتعددة الصعد، وخصوصًا بعد التورط في حرب أوكرانيا، وقد تتصاعد المواجهة بين الحكومة وأنصارها من جهة ومعارضيها من جهة أخرى، بما فيهم النسويات، وأنصار النسوية، وهذا سيتضح جيدًا في قادم الأيام.


هوامش:

(1) Konstantin Akinsha, Putin’s Kulturkampf , The Moscow Times. https://urlz.fr/mMCd

(2) Павел Астахов, В Госдуме подготовили законопроект о признании феминизма экстремистской идеологией,04 апреля 2023, https://urlz.fr/mMCD

(3) Feminism in Russia, Wikipedia, https://tinyurl.com/2owhl7qb

(4) История феминизма в России, https://urlz.fr/mME7

(5) Konstantin Akinsha, Putin’s Kulturkampf , The Moscow Times. https://is.gd/Z4i8SE

(6) The Church Has Replaced the Communist Party, https://is.gd/7N45th

(7) Феминизм в России, Википедия, https://is.gd/0GxHs8

(8) Пу́сси Ра́йот, Википедия, https://urlz.fr/mMIr

(9) Пу́сси Ра́йот, Википедия, https://urlz.fr/mMIr

(10) Гейропа, Википедия, https://urlz.fr/mMGJ

(11) Закон о запрете пропаганды ЛГБТ в России , Википедия, https://ibit.ly/7C0pU

(12) Никаких гомосексуалистов в этой стране нет,https://ibit.ly/BWWT9

(13) Пу́сси Ра́йот, Википедия, https://urlz.fr/mMIr

(14) Как феминизм относится к гомосексуалам , Яндекс Кью https://yandex.ru

(15) Госдума рассмотрит законопроект о признании феминизма экстремистской идеологией – Афиша Daily, https://urlz.fr/mMDa

(16) Закон о признании феминизма экстремизмом уже в Госдуме, https://urlz.fr/mMHx

(17) Госдума рассмотрит законопроект о признании феминизма экстремистской идеологией – Афиша Daily, https://urlz.fr/mMDa

(18) Закон о признании феминизма экстремизмом уже в Госдуме, https://urlz.fr/mMHx

(19) Будешь феминистом, теперь держись , https://ibit.ly/9oupn

(20) Будешь феминистом, теперь держись , https://ibit.ly/9oupn

(21) Краснодарские юристы назвали идею приравнивать феминизм к экстремизму «законом Дарьи Треповой», https://www.kommersant.ru/doc/5914905

المنشورات ذات الصلة

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *