فيما يشبه الالتزام الأخلاقي والجمالي، تبنى لقاء مارس السنوي، الذي تنظمه مؤسسة الشارقة للفنون، في دورته الجديدة التي انتهت أنشطتها قبل أيام، طيفًا واسعًا من القضايا والموضوعات والنقاشات وعروض الأداء، التي لئن اختلفت وتعددت وتنوعت، إلا أنها تذهب كلها إلى منطقة واحدة،...
المقالات الأخيرة
تعبيرات الشباب.. حركة غير منظمة بلا قادة ولا منظرين
لا يفوت الشباب مناسبة لاختبار أداءات تعبيرية جديدة، تختلف عما هو رسمي وتقليدي. بهذه التعبيرات، التي تشمل الغرافيتي والفن المفاهيمي والغناء والرقص، إضافة إلى اللبس ونحت لغة جديدة، تتداخل فيها لغات عدة، أرادوا تأكيد وجودهم الجديد، والتعبير عن هوية خاصة ومختلفة عمن سبقهم من أجيال. الجدران والأعمدة والفضاءات العمومية، تأتي بمنزلة لوحات إعلانية عن وجودهم. وموسيقاهم بإيقاعاتها العالية الحادة، وكلماتها السريعة التي تحكي تفاصيل حياتهم، واحدة من الأدوات التي لجؤوا إليها في الفضاءات العمومية؛ للتعبير عن لحظاتهم الخاصة، وعن ذواتهم التي تتطلع إلى التحرر من تقاليد وسُلَط اجتماعية لم تعد مناسبة لهم.
فن الشباب هو بيان قوي عن استرداد ملكية الجسد وتاريخه، في مقابل الموجات المتعاقبة من التسليع والاستعباد. ويبني جسوره مع التاريخ ومع كفاح الأجداد. ويعلمنا الشباب كيف نحيل فنوننا إلى ملاذ ومأوى، ونحيل جماعاتنا الفنية إلى عائلات جديدة تخلق أنساقها التعليمية والأخلاقية من دون سُلطة أو غبن. تعبيرات الشباب بآلياتها ومضامينها، تبقى فعلًا تعبيريًّا عن الروح الديمقراطية وجوهرها، وعن حرية التعبير واستقلالية الفضاءات العمومية.
ويعبر المظهر الحديث للشباب عن الرغبة في الانفلات من السلطات، وتجاوز حدود جيل الآباء، والانسلاخ من الانتماءات القديمة والانتماء لثقافة عالمية جديدة وحُرّة. من ناحية، منح النقد والاحتجاج والفضح الإبداعات النسوية فرصة لنقد الفكر الذكوري والهيمنة السياسية للنماذج الأبوية.
لا يمكن حصر أداءات التعبير لدى الشباب في أنها مظاهر لاحتجاجهم على الحرمان الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي يعيشونه؛ لأنها في أبعادها الاجتماعية والثقافية أبعد من ذلك بكثير، فهي في عمقها الثقافي ابتكار لأسلوب حياة في مواجهة توحش الرأسمالية وتَشَيُّؤ الإنسان.
من ثم، على خلاف ما كان سائدًا منذ ستينيات القرن الماضي، لا تُعَدّ هذه الفنون وما صاحبها من أداءات تعبير فنية لدى الشباب حركة منظمة، لها من يقودها ومن ينظر لعملها، فهي ثورة ديناميكية في المجتمع، لا يوجد لها قادة ولا منظرون.
«الفيصل» في ملف العدد الجديد، تسلط الضوء على التعبيرات الجديدة للشباب، من منظور سوسيولوجي وثقافي.
المنشورات ذات الصلة
الموريسكيون… استعادة الذاكرة التاريخية
الاعتراف بحق الموريسكيين مبادرة رمزية من أجل التوافق أنطونيو مانويل رودريغث راموس* ترجمة: آنا مارية سانشيز -...
الانتعاش الاقتصادي عامل تحرر وانفتاح على التعايش مع الآخر
خلدون النبواني- كاتب سوري في مؤلفه الأشهر «الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية» (1905م)، يفترض عالم الاجتماع...
الشخصية الثقافية لمعرض الكويت 46.. سعد البازعي يتمرد على «شرط» الناقد ويدفع المعرفة إلى وجهات جديدة
يكاد الدكتور سعد البازعي، الناقد والمفكر والمترجم والأكاديمي والناشط الثقافي، أن يتحول إلى ظاهرة ثقافية غير مسبوقة....
0 تعليق