المقالات الأخيرة

جائزة العويس تكرم الفائزين في فروعها المختلفة

جائزة العويس تكرم الفائزين في فروعها المختلفة

 احتفلت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، الخميس الماضي، بتوزيع جوائز الفائزين في الدورة الـ 18 بحضور شخصيات فكرية وثقافية إماراتية وعربية، بينهم الشيخ سالم بن خالد القاسمي وزير الثقافة، والدكتور أنور محمد قرقاش رئيس مجلس الأمناء، ومحمد المر رئيس مجلس أمناء مكتبة...

عبدالسلام بنعبد العالي… بورتريه صيني لفيلسوف مغربي!

عبدالسلام بنعبد العالي… بورتريه صيني لفيلسوف مغربي!

لو كنتُ بورتريهًا، فلأكُن بورتريهًا صينيًّا ليست كتابة البورتريه بأقلّ صعوبةً من رسمِه، في الحالتين كلتيهما نحن مهدّدون بأن نخطئ تقديرَ المسافة، أن نلتصق بالمرسوم إلى درجة المطابقة، بحيث نعيد إنتاجَه إنتاجًا دقيقًا يخلو من أيّ أصالةٍ؛ أو أن نجانِبه، فنرسم شيئًا آخر......

الموريسكيون ومحاولات محو الذاكرة

الموريسكيون ومحاولات محو الذاكرة

تظل قضية الموريسكيين واحدة من أبرز القضايا المتعلقة بتاريخ الوجود العربي الإسلامي في الأندلس، وهي التي شهدت كثيرًا من الأحداث الدراماتيكية منذ سقوط غرناطة عام 1492م حتى طردهم من الأندلس عام 1609م في عهد الملك فيليب الثالث، فالأحداث التي ترتبت على سقوط «غرناطة» آخر...

الاغتراب والرواية المقيّدة

الاغتراب والرواية المقيّدة

تتوزع حياة الإنسان على وضعين: وضع أول يدعوه الفلاسفة: الاغتراب، يتسم بالنقص والحرمان، ووضع ثان يحلم به ويتطلع إليه وهو: عالم التحقق أو: اليوتوبيا. يتعرف الاغتراب، فلسفيًّا، بفقدان الإنسان لجوهره، وتوقه إلى استعادة جوهره المفقود بعد أن يتغلب على العوائق التي تشوه...

نص الصحراء واللامفكر فيه عند إدمون جابيس وبلانشو ولفيناس

نص الصحراء واللامفكر فيه عند إدمون جابيس وبلانشو ولفيناس

يصف موريس بلانشو الأدب كمنفى في الصحراء، حيث يصبح الكاتب ضعيفًا تسكنه المخاوف مثل تلك المخاوف التي سكنت بني إسرائيل عندما قادهم النبي موسى، امتثالًا لطلب «يهوه»، في رحلتهم عبر صحراء سيناء إلى أرض كنعان؛ فالصحراء فضاء هندسي مناسب لاحتواء مفاهيم من قبيل العزلة...

معاجم التمرد والرفض.. أعمال ضد الخلود

بواسطة | يناير 1, 2018 | الملف

نبيل عبدالفتاح: أضاف للثورة وفجر قدرات تخييلية

شكل الغرافيتي أحد أهم طقوس الإيقاع الثوري في الانتفاضة الشعبية الكبرى في يناير، من حيث الأبعاد الجمالية للحالة الثورية وأبعادها التخييلية والإبداعية، في هذا الإطار يتعين التميير بين الأعمال الغرافيتية المختلفة على النحو التالي:

أولًا- الغرافيتي الاحترافي، ونقصد به الأعمال التي قام بها بعض الرسامين والفنانين التشكيليين المحترفين.

ثانيًا- الغرافيتي التلقائي غير الاحترافي الذي قام به بعض الأشخاص المشاركين في الفعل الثوري الانتفاضي استهداءً ببعض أعمال المحترفين، وهو ما نستطيع أن نصفه بتفجير بعض الطاقات الجمالية والفنية لدى بعض الفاعلين وتوظيفهم لها في إضفاء بعض السمات الجمالية الموازية والمتكاملة مع الفعاليات الثورية، التي حملت ملامحها العفوية وطاقتها الثورية وأشكالها المبتكرة على جماليات اليومي والعادي، فضلًا عن المخيلة في أحلام وآمال الفاعلين الثوريين في حركة الجموع الشعبية في الشوارع والميادين. إضافة إلى الانطباعية والتعبير الاحترافي في الخطوط وتوزيعاتها والنسب والتوازنات والاختيارات اللونية التي كشفت عن خيارات الفنانين المحترفين.

وأعتقد أن الغرافيتي أضاف للثورة العديد من الجوانب المهمة، بعضها غير ملموس في التاريخ للعملية الثورية في 2011م، وتتمثل فيما يلي:

أولًا- إضفاء الجوانب الجمالية على حركة الجموع الشعبية في ميدان التحرير والشوارع المحيطة به، وكذلك الأمر في العديد من المدن الثورية.

ثانيًا- المساهمة في تفجير بعض الطاقات الإبداعية لدى الذين تحولوا إلى فنانين تلقائيين من خلال لجوئهم إلى استلهام غرافيتي المحترفين، وإيجاد بعض الصيغ التعبيرية عما يفكرون ويشعرون به أثناء الحالة الثورية، وبعض هؤلاء استطاع في أعقاب هذه العملية أن يستكمل أدواته الفنية سواء بالدراسة أو بتطوير أدواته الفنية.

ثالثًا- ساعد الغرافيتي، من ناحية أخرى، على إمداد حركة الجموع الشعبية بالشعارات المبتكرة التي انتقلت من الرسوم الغرافيتية إلى الفعل الثوري، كشعارات تتسم بالبساطة والاختزال والقدرة.

باحث سياسي مصري

بطرس المعري: وطاويط الظلام

أول الكتابات التي رأيتها على الجدران غير تلك التي كان يكتبها الفتيان والمراهقون على حيطان المدرسة، هي تلك الكتابات التي كانت بمناسبة زيارة أنور السادات لإسرائيل، طبعًا كانت ضد الزيارة، كانت واحدة من تلك الكتابات تقول: «تسقط المؤامرة الاستسلامية الساداتية»، أو شيء من هذا القبيل. أعتقد أن الكتابة على جدران الأماكن العامة والأسوار والأبنية كانت موجودة من قديم الأزل مع سكن الإنسان الأول في كهفه البدائي، كانت كتابات بمجملها في الخفاء تعبر عن داخل الإنسان الخائف أو تعبير عن الحب أو الشتمية وهذه فيها احتجاج على صديق أو رفيق في الحارة. أيضًا الحب عندما لا يستطيع الإنسان التعبير عنه على الملأ سيحكيه في السر أو يكتبه على الجدران.

في السنوات القليلة الماضية تطور هذا الفن ورأينا العديد من الكتابات الاحتجاجية وما تابعناه كان متطورًا في مصر أكثر منه في أي دولة عربية أخرى شهدت أحداثًا واضطرابات. أيضًا لاحظت أن الكتابات على الجدران منتشرة في بيروت بشكل جيد، وفيها روح النكتة والدعابة أقرب إلى روح زياد الرحباني… تلك الكتابات التي تعكس السخرية المريرة الممزوجة بين التهكم والهجاء السياسي والاجتماعي، إضافة إلى مفارقات تعكس روح الشارع وطريقته في التعاطي مع حملات السياسيين وشعاراتهم. ما نراه اليوم أن العديد من الغرافيتيين العرب ليس من السهولة بمكان أن يعملوا بسرعة وبمهارة وقوة، فهم أشبه بوطاويط الظلام، لكونهم يعمدون إلى السرعة في طبع آثارهم وعلى التفريغ بوساطة بخاخات على قطع من الكرتون المُعد مسبقًا للكتابة والرسم على الجدران.

فنان سوري

محمد عبلة: استفدت من تقنيات الغرافيتي

الغرافيتي هو نقد اجتماعي وسياسي، فهو ينتقد سلبيات المجتمع، وابتُكر كي يقول صاحبه كلمته على الحائط ويجري، وإذا زاد على ذلك فإنه يصبح فن تزيين للحوائط، سواء في البيوت أو المقاهي أو غيرهما، ويصبح جداريات لها غرض غير الاعتراض السياسي أو النقد الاجتماعي، وأدواته هي الإسبراي وأفلام الأشعات الطبية وغيرهما، حيث تُفرَّغ على هيئة الشكل المراد رسمة، ثم توضَع على الحائط، ويملأ الفراغ إما بالإسبراي أو بالفرشاة، وصاحبه عادة ما يستخدم لونًا واحدًا فقط. عن نفسي أقمت معرضًا اسمه «كلام شوارع» كنت متأثرًا فيه بالغرافيتي، كانت رسوماته على القماش، وكانت لوحاته على شكل الغرافيتي، كان به احتجاج واضح، واستيحاء كامل لأفكار الغرافيتي وأدائه وعلاقته بالشارع، لكني ما زلت أتصور أن تطور وظيفة الغرافيتي سوف يخرجه من فكرته الأساسية، وهي الاعتراض والنقد، ويدخل به بتقنياته نفسها إلى عالم جديد، ومن ثم فإنه سيحمل اسمًا جديدًا ومختلفًا غير الغرافيتي.

فنان مصري

حمود شنتوت: فن الشعب

أعتقد أن الكتابة على الجدران هي فن الشعب، وهي طريقة لرفع الذائقة لدى المتفرج العادي من خلال احتلال جدران هامشية، وربما بعض الأحيان رئيسية يشاهدها جمهور الشارع العادي. بالنسبة لبلادنا العربية هناك فنانون قلائل قدموا الكتابة على الجدران بطريقة تجريدية متكئين على قوة الخط واللون وسلاسة التعبير، إذ أعتقد أن فن الخط لا يزال موضوعًا شائكًا لم توجد له حلول فنية وازنة. في بيروت شاهدتُ أعمالًا لافتة على جدران المدينة، وفي دمشق صاغ موفق مخول جداريات من النفايات، في حين شاهدتُ في باريس ازدحامًا من هذه النوعية من الأعمال في المترو والشارع والجدران القديمة، حققها فنانون غير معروفين يستخدمون البخاخات وتقنيات الطبع بقلم الرصاص، أما في سوريا فما زال فن الكتابة على الجدران نادرًا للغاية، في حين تنحصر أعمال الخط بمربع اللوحة عند منير شعراني ومحمد غنوم وسبهان آدم.

فنان سوري

مصطفى علي: فن لقيط

هو فن غير قانوني نشأ في أوربا وقد اخترعه الشباب للتعبير عن حراكهم المتمرد، بهذا المعنى هو فن لقيط لكنه مع الوقت أصبح اليوم فنًّا مهمًّا وتعمل فيه أسماء محترمة، بل هناك جهات ومؤسسات حكومية تدعو بعض هؤلاء ليرسموا على جدران معينة في قلب مدن أوربا، بعد أن انتشرت أعمالهم المشاكسة في أماكن غير مسموح بها. أذكر أنه قبل الحرب كنا بصدد إنجاز مشروع غرافيتي بتمويل من سويسرا مع شبان وشابات سوريين، ولكن المشروع لم يتحقق وهو حتى الآن لا يزال فنًّا غير قانوني في سويسرا! فقرصنة الجدران من جانب كتّاب وفناني الجدران تفعل فعلها في إيصال مانشيتات (عناوين) سياسية وثقافية واجتماعية عند مداخل ووسط أنفاق القطارات والمترو. فن ينفذ بطريقة الخطف حيث يتوضح أن الكتابة والرسم على الجدران فن أعزل، أدواته بسيطة. لكن اليوم سنلاحظ أنه دخل إلى المتحف عبر أعمال فنانين تشكيليين وظفوا تقنياته في اللوحة والمنحوتة والحفر والطباعة.

نحات سوري

كيزر: هوايات فنية متعددة

في البدء أود أن أوضح أن هناك فرقًا بين الغرافيتي وفن الشارع، فأنا من مدرسة فن الشارع، والفرق بينهما بسيط، فن الشارع فن هادف ويعتمد على الأفكار الإنسانية الفنية والاجتماعية والسياسية معًا أو بطريقة مستقلة، والهدف لديه هو تحريك العقول والقلوب عبر الفن غير المباشر الذي يتيح للمشاهد أن يفسر ويحلل الصورة كما يشاء، ومن أهداف فن الشارع إعادة الفن لحياتنا اليومية، واستعادة البيئة التي يقدم فيها الفن.

أما فن الغرافيتي فهو عبارة عن حروف وخطوط غالبيتها معدلة بالغة الإنجليزية، ولا توجد رسالة اجتماعية أو إنسانية في هذا النوع من الفن؛ لأن التركيز يكون على الألوان وأشكال الحروف والخطوط، ونادرًا ما نجد أفكارًا هادفة، لكن معظم السلطات العالمية تعتبر أن الغرافيتي عمل تمردي ومدمر وخطر على الشباب الصغار، وذلك بسبب تغطيته أماكن جميلة وتراثية ومقدسة من دون أي اعتبار لقيمة هذه المباني الجمالية والتاريخية. هنا، لا يمكنني التحدث سوى عن نفسي وتجاربي، فقد كنت أحتمي بغطاء الليل والساعات المبكرة من الصباح، فمن المعتاد أن أتفقد الحائط والشارع بمداخله ومخارجه. في البداية كنت أحضر معي صديقًا كي يراقب سيارات الشرطة أو أي شيء خارج المألوف، وهناك العديد من المواقف الحرجة التي مرت بسلام بسبب العناية الإلهية واستشعار الخطر قبل قدومه، وعدم الرغبة في المجازفة لدرجة أن أهين نفسي أو أدمر مستقبلي. مرة أوقفتني الشرطة في ليلة وأنا أعمل على فكرة على حائط في منطقة الجيزة، فكنت مندهشًا عندما انتهى الموقف بالحديث عن الفن وفكرة الرسمة، وكان رد فعلهم إيجابيًّا وتركوني أعمل! وفي أيام أخرى كنت أترك لهم أدواتي كلها في الشارع وأقفز على دراجتي هربًا منهم وهم يلاحقونني كأني سرقت شيئًا، وهذا يوضح أن المسألة عشوائية، وتجد نفسك كالعادة في مصر تحت رحمة أو مزاج أو شخصية الضابط أو المسؤول. من الصعب ألا توجد أية أثار لفن الشارع في أنحاء المدينة. من الواضح أن الشغف دائمًا هو القائد والوقود للفن الثوري… وهذا أحيانًا يمثل خطرًا بعد مدة معينة، وبعد أي هزة اجتماعية وسياسية كالثورة المصرية، يجد الفنان الثوري نفسه محصورًا في قالب سياسي منذ البداية، كأن الثورة لا تترك له فرصة لأن يخلق لنفسه هوايات فنية متعددة… فبعد انحدار شديد في الطاقة عقب الأحداث الكبيرة والمجهدة من الممكن أن يجد الفنان نفسه فاقد الأمل والحماس… ولأني دائمًا كنت أتوقع مجرى الأحداث فدائمًا ما كان فني مختلفًا وممزوجًا بمدارس فنية أتاحت لي أن أعبر عن نفسي بطرق فيها سخرية وتوعية اجتماعية وموضوعات مضحكة وأفكار تشكيلة وتجريدية أيضًا..

اسم حركي لفنان غرافيتي مصري

أكسم طلاع: الخيمة السوداء

أنا واحد من هؤلاء الذين يقولون بأن الجدران دفاتر العقلاء، ففي عام 1967م سكنتُ مع عائلتي اللاجئة من فلسطين المحتلة في مخيم، كانت الخيم متشابهة ومتلاصقة، وكان من الصعب التمييز بين خيمة وخيمة. وقتها كنتُ ذلك الطفل الذي لم يتعدَّ عمره سبع سنوات أرسم على جدار خيمتي بالسخام والشحار، حتى صارت خيمتنا سوداء، وكان على أمي أن تقوم بغسيل (شادر) الخيمة مرارًا بعد كل (معرض) أكتبه وأرسمه على جدار تلك الخيمة، حتى أن الأونروا خصصت لنا خيمة إضافية لأرسم عليها، وصار سكان المخيم يهتدون إلى عناوين أقربائهم ومن يقومون بزيارتهم بعد أو قبل «الخيمة السوداء» لقد صارت خيمتي نقطة إعلام، لم تكن الدفاتر تكفيني للكتابة والرسم. اليوم أتابع كتابتي على الجدران فالجدران تستحق الكتابة، نحن بالأصل قذرون من الداخل، ومن الجميل أن يكون للشارع الغرافيك الخاص به… كل أنواع الكتابة على جدران المراحيض وجدران المدارس ومقاعد الحافلات العامة فيها جرأة وشجاعة. إنه أدب الشتيمة، فكل إنسان له (غرافيكه) الخاص به، وهو غرافيك لا يحتاج إلى توضيح.

كانت شهوة الرسم والكتابة على الجدران والأرضيات بمثابة إعلان عن جيل أو مرحلة، فمثلًا كتبت وخططت ورسمت شعارات الفصائل الفلسطينية على جدران مخيم اليرموك، فالجدران صوتها عالٍ وهي منبر لا يرد، وأهم من إعلان التلفزيون، إن الإعلان على حائط يجعلك تشعر بالحميمية وبالقرب منه، على عكس ما يحدث اليوم على جدران الفيس بوك، حيث تشعر أن من يكتب عليها هي أشباح… هكذا وكغرافيتي أصيل وشعبي أنظر من كوة الحمّام إلى جدران الفيس بوك الغشاش.

فنان وناقد فلسطيني

بديع جحجاح: جدارية مجردة

الكتابة والرسم على الجدران فن جميل ومهم، ومساحة حرية لشباب اليوم، وهي كتابات ورسوم لا تخلو من نزعة الكاريكاتير والسخرية، أعتقد أنها منصة وعي نشأت مع فنون الجاز والروك والراب، فالموسيقا نمّت هذه الاتجاهات ومهدت لها لإنتاج الحركة والشعور بالفردية والانتصار على ضخامة المدينة وصرامة القانون. في دمشق وفي سوريا عمومًا لم تشهد نمو هذا الفن، وما نفذه الفنان موفق مخول كان عبارة عن جدارية مجردة مبتعدًا من نصوص وحروفيات ورسومات لها تأثير مباشر في حياة المجتمع، لكون الغرافيتي في الأصل فنًّا متصلًا بالشارع والناس. صحيح أن قيمته الجمالية لحظية وهي عابرة بسبب تأثير عوامل الطبيعة، لكن فن الفوتوغراف استطاع توثيق أعمال الغرافيتي والكتابة على الجدران في كل من بيروت ومصر وأوربا وأميركا، وذلك عبر لوحة متحولة وقابلة للتطوير والبناء على تقنياتها الأكثر انفلاتًا وتحررًا من اللوحة التقليدية ذات الحامل.

فنان سوري

شريف عبدالمجيد: الغرافيتي منبوذ من قاعات العرض الفخمة

دفعني شغفي لتوثيق فن الغرافيتي، الفن الذى كنت أقرأ عنه في الخارج وأتابع أعمال بانكسي، أشهر فنان غرافيتي في العالم، ولم أتصور أن أرى رسومات تشبه أعماله عن الحرية والإنسانية والعدالة في شوارع القاهرة، بل إن بعض الفنانين المصريين كانوا متأثرين برسوماته. كان ذلك هو دافعي الشخصي ولم يخطر في بالي أن يصدر ذلك في كتب بعد ذلك. (أصدر شريف ثلاثة ألبومات للغرافيتي: «أرض أرض.. حكاية ثورة الغرافيتي»، و«غرافيتي الألتراس»، و«مكملين»، وكتب سيناريو فلم وثائقي بعنوان: «حيطان» أنتجه التلفزيون المصري) الغرافيتي فن متمرد يصنعه شباب منبوذ من قاعات العرض الفخمة في الزمالك ووسط البلد، وهو شباب يريد أن يصل للشارع بينما القاعات تريد منه على الأكثر فنًّا يقلد اللوحات الزيتية لفان غوخ ورينوار ومحمود سعيد.

من هنا كان ميلاد صورة الغرافيتي متلازمًا مع الثورة على الواقع الضيق الثابت قصير النظر. لكن معظم فناني الغرافيتي لم يحصلوا على الشهرة التي يستحقونها؛ إما لأنهم ضد فكرة الشهرة نفسها، وضد تسليع الفن ودخوله في عالم المزادات والتجارة، وإما لأن الفعل الثوري جعل الأهمية ليست لأهم لوحات الغرافيتي الفنية، بل لأهمية الموضوعات التي تطرحها ولو على حساب الجودة الفنية نفسها… وبالتأكيد حدثت تحولات في مفهوم معظم فناني الغرافيتي المصري بعد أن هدأت الأحداث، فهناك من اتجه لعمله الأكاديمي مرة أخرى، وهناك من وظف الغرافيتي في مشروعات ثقافية وفنية مثل مشروع البُرُلُّس الذي تبناه فنانون تشكيليون. ولا يزال الغرافيتي قادرًا على التشكل والتلون وتقديم المزيد في الحياة الثقافية المصرية، وربما كانت كتبي عن الغرافيتي وسيلة مهمة لدراسة الطبيعة الفنية والثقافية التي صاحبت الثورة المصرية بكل مراحلها، ولدراسات أيضًا عن دور هذا الفن في السنوات الماضية.

فوتوغرافي

كريم سعدون: نشاط تخريبي

الغرافيتي من حيث النشأة، هو احتجاج شخصيّ حادّ وغاضب، وتعدُّه من المؤسّسات الرسميّة نشاطًا تخريبيًّا يستهدف الأماكن العامّة كما يعمل على تشويه البيئة ويستخدم نوعًا فنيًّا معينًا وبأدوات خاصّة تتيح لمنتجها سرعة في الإنجاز، تجده في أماكن يصعب الوصول إليها من الجسور أو الأماكن الطبيعية أو على منشآت مهجورة أو ممتلكات عامّة، وفي الغالب كان من ينتجها مجهولًا وتوقيعه عبارة عن حروف وأرقام لا تشي بهويّة منتجها للابتعاد من ملاحقة الشرطة، لكن في الألفية الثالثة جرى الاعتراف برسّامي الغرافيتي واعتبار نتاجاتهم قابلة للعرض في الصالات المتخصّصة. وأعتقد أنّ السلطات استطاعت امتصاص الاحتجاج الشخصي الذي كان يدفع صاحبه لتشويه المعالم العامّة، التي تكلّف المجتمع خسائر وجهودًا كبيرة لإزالتها، وأصبح منتجه يطلب الرخصة مقدمًا للرسم على الجدران، واختلفت وظيفة الرسم أيضًا وتطوّرت ونزل الرسام المعني إلى استخدام خامات صالحة للعرض، وأصبح اسمه ذائعًا. ويلفت سعدون إلى أن الغرافيتي أعيد استخدامه «كوسيلة لتجميل المباني المهجورة وإدخالها في بنية التصميم المديني، ولكن حين وصل هذا النوع من الرسم إلى منطقتنا في ظل الأحداث التي عصفت بها، أصبح وسيلة احتجاج مثيرة، وصار منتجها رسام شوارع ينتج رأيًا لحثّ الناس وتثويرهم، كما أصبح مطارَدًا من السلطات، وتعرّض بعضهم للاعتقال كما في مصر. إنّ بدايات ذلك في العراق كانت بعد عام 2003م، ولكنها على ما تابعته منها فقد كانت تقليدًا بسيطًا للنتاج الأول للغرافيتي العالمي، وبعدها شهد تحولًا وأصبح أكثر نضجًا في تحويل الشعارات والرسوم إلى وسائل احتجاج شعبيّة، كما حصل في حرف مسار بعض شعارات الحملات الانتخابية إلى كوميديا لاذعة».

فنان عراقي مقيم في السويد

تحسين الزيدي: عدم الثقة في القانون

الغرافيتي يحمل رسالة معيّنة، وغالبًا ما تكون احتجاجيّة لظاهرة ما أو لحدث سياسي أو اجتماعي.. في العراق خاصّة هناك سببان لانحسار هذا النوع من الفنون:

أولهما- لا توجد ثقة عند فنّان الغرافيتي في نظام وقانون يحميه عند التعبير عن رأيه في عمل ما يمسّ جهة معينة سياسيّة أو اجتماعية، أو حتّى في نقد ظاهرة سائدة؛ لأنّ الغرافيتي يكون مرئيًّا لأكثر عدد من الناس بمختلف انتماءاتهم، ليس كالعمل التشكيلي المحصور بلوحة كانفاس وبكاليري مغلق.. لذا ظلّ هذا الفنّ محدودًا جدًّا ولم يتوسّع إلا في حالات قليلة. السبب الثاني، هو أنّ الجدار يحتاج إلى رصيف لاشتغاله ومساحة كافية لرؤيته من مسافة تعطيه حقّه، وهذا صعب لكثرة العشوائيات والتجاوزات والبناء غير المدروس الذي أثر سلبًا في ذائقة الفنّان خصوصًا والإنسان العادي بشكل عام.

فنان عراقي يقيم في بيروت

علي محمود خضير: شوط آخر ينتظر الغرافيتي

«أعتقد أنّ شوطًا آخر ينتظر الغرافيتي ليُصبح وسيلة احتجاج وتعبير؛ ذلك لأنّ وسائل الفنّ الحديث بشكل عام تحتاج إلى قاعدة معرفيّة تنهض عليها، وهذه القاعدة الآن مهشّمة. تعرّض الوعي الثقافيّ لشريحة الشباب العراقيّ لتهديم مريع سببته الحروب والعنف الاجتماعي (لفظًا وفعلًا)، وإذا كانت الفنون والمعارف يتراجع موقعها في البلدان الغربية، فإنّ الوضع في الدول العربيّة يكاد يحوّل الفن والثقافة إلى التقاعد والمتاحف». ويقول: إن المحاولات التي يقوم بها فنّان الغرافيتي العراقيّ «مهمة شجاعة ونبيلة يمكن لها عبر الدأب والمثابرة أن تحدث خرقًا في الخراب، جهودهم تشبه دق عزف قيثارة في سهلٍ شاسع تلعب فيه الريح. لكنّ العزف سيُسمع والرسالة –وإن تأخرت- ستصل!

فنان عراقي

المنشورات ذات الصلة

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *