المقالات الأخيرة

الفن وحقوق الإنسان والتهديدات من أعلى

الفن وحقوق الإنسان والتهديدات من أعلى

يمكن للفن، بمساعدة الصور أو الفيديوهات المقنعة، أن يعرض للناس المخاطر القادمة من أعلى، مثل: المراقبة المفرطة والهجمات العسكرية وتغير المناخ، التي تهدد جميعها سلامة الناس الجسدية والعقلية. وقد يساعد الفن أيضًا الأشخاص على التعامل مع الصدمات التي يعانونها بسبب هذه...

الحداثة بين سردي «النهاية» و«البداية»

الحداثة بين سردي «النهاية» و«البداية»

يأتي كتاب «لا شيء قيل من قبل»(1) ليتوج الجهد الذي كرسه المؤلف فيليب فوريست للتعريف بمنجز «النظرية الفرنسية» وأصولها وغاياتها وخلفياتها المعرفية وروافدها(2). يسعى الكتاب عمومًا إلى مناقشة من يزعم أن الحداثة انطفأت جذوتها، وأن الأدب لم تعد له جدوى في حياتنا الراهنة...

بورخيس، نزيل الغرفة 10… حكاية حوار

بورخيس، نزيل الغرفة 10… حكاية حوار

كانت الساعة الواحدة والنصف تقريبًا حين انتهت نشرة الظهيرة على القناة الثانية الفرنسية، وكان الخبر الأخير فيها عن وصول خورخي لويس بورخيس إلى باريس آتيًا من إيطاليا حيث حاز على جائزة «تشينو ديل دوكا» التي تهدف إلى تعزيز دور الفنون والآداب والعلوم. اتصلتُ من فوري...

في المخيال تولد الأديان ولادة ثانية

في المخيال تولد الأديان ولادة ثانية

المخيلة منجم الإبداع البشري، كل شيء يضيق فيه الواقع يتمكن الإنسان من تخيله. لا ينفرد الإنسان بالعقل وحده، بل ينفرد بملكة الخيال أيضًا. بواسطة التخيل أصبح الإنسان كائنًا يتطلع للمستقبل، ويرسم خريطة لتطوير أحواله والتقدم للأمام. يؤكد غاستون باشلار «أهمية المخيال...

بين الجمال والبروباغندا… آراء في وظيفة الفن

بين الجمال والبروباغندا… آراء في وظيفة الفن

دائمًا ما يُطرح سؤال متعلق بالوجهة التي يمكن أن تتخذها الأشكال التعبيرية التي تجد نفسها في سياقات معينة تفرض عليها خدمة أغراض شتى. وتنبع وجاهة السؤال من الإيمان بما تملكه الأشكال التعبيرية من قوة التأثير من جهة، ومن توازي القيم الجمالية التي تنطوي عليها مع قيم أخرى لا...

الأيديولوجيا والتنوير

بواسطة | يناير 1, 2022 | مقالات

لكي يرسو التنوير في المجتمع لا بد أن يجابه الأيديولوجيا، وكان إرنست كاسيرر (1874– 1945م) أشار إلى ضرورة الانتباه إلى «حواجز النظام الجامدة» (فلسفة التنوير: ص 35) بالفكر، فبالأحرى يجابه التنوير الحق وعلى نحو جذري التفكير الأيديولوجي لدى عامّة الناس وضمنًا لدى النُّخب المولّدة له. إن التفكير الأيديولوجي يعطّل التفكير التنويري أيّما تعطيل، وهذا ما دلّت عليه التجارب عبر التاريخ.

وفي مجتمعنا يُعيد التديّن المزيّف أو التديّن المؤدلج شأنه على نحو فاسد حتى يراد له أن يكون دينًا شعبيًّا شاملًا، ونرى أتباع هذا التديّن الزائف يتوسّلون كل السُّبل من أجل هذه الشعبية والشمول ومنها المعول الأيديولوجي كبضاعة رائجة في سياساتهم الصلفة لكونهم يؤمنون بأنهم لولا أن يكونوا كائنات مؤدلجة فلا حياة لهم وهذا هو الانغلاق الذي يعيشون في أتونه وهمًا ويريدون أن يكون سائدًا فيما حولهم.

نحن لا نشك في القيمة التنويرية للدين الإسلامي في حدّ ذاته، فالدين نور وتنوير إلهي، لكن الإسلاميين عندما يتعاملون معه ينخرطون فيه بروح وشكل مؤدلَجين، ويحوّلون المعطى التنويري للدين إلى نظام مأسسة أو مسرحة، بحسب تعبير جورج باتاي (1897– 1962م) في كتابه (التجربة الداخلية، ص 26)، مؤدلجتين وهكذا فعلوا في خلال القرن العشرين عندما خلطوا الأوراق ولعلّ آخرها ما فعلوه في لبنان والعراق واليمن حتى استحالت الحياة في هذه الدول التي تنتمي إلى دول العالم الثالث إلى دمار وشرذمة وتخلف مضحك، شبه شامل ناهيك عن عدم الاستقرار.

تصدير الثورة

إن تجربة الإسلاميين الأيديولوجية في الشرق الأوسط خلال القرن العشرين هي تجربة صارخة في فشلها؛ فمنذ سنة 1979م عندما تسلّم الخميني (1902– 1989م) زمام السلطة ونظام الحكم في إيران دخل النظام الإسلامي المعاصر في أزمة التصادم مع الواقع اليومي، وكذلك العام عندما رفع شعار «تصدير الثورة»، وكان العراق أول الدول المتضرّرة من ذلك بسب المذهب الجعفري المشترك شيوعًا بين البلدين فكانت تلك الحرب العراقية– الإيرانية التي كانت مُرّة المذاق على الشعبين، وقد عشت يوميّات تلك الحرب وكنت ألمس أطماع إيران بالعراق ليس على صعيد الحرب في يومياتها بجبهات القتال فقط، إنما بأبعاد أخرى مخزية تتعلّق بامتدادات تخص الداخل العراقي لتشكيل قوة ضغط داخلية تعبث بالوضع العراقي خارج إطار جبهات القتال، وهذه هي القذارة التي ما كنتُ أطمح إلى رؤيتها.

وكانت هذه القوة ظهرت بعد غزو الكويت أيّام ما سُمي بالانتفاضة يوم كان الخميني ميتًا، لكن شعار «تصدير الثورة» لم يمت في نفوس اليمين المتطرّف من أتباع الخميني؛ بل زاد أدلجة ليستمر على نحو صارخ بُعيد إسقاط دولة البعث في إبريل 2003م، وقد رأينا كيف بلورت إيران خامنئي (ولد سنة 1938م) أيديولوجيا خلق الدولة العميقة في العراق وبلا حياء، وبما لا يخلو من نذالة عبر الاستعانة بكل عناصرها من الأتباع العراقيين الذين خانوا عراقيتهم بالتعاون مع زمرة من الإيرانيين؛ ولا سيما من عناصر «الحرس الثوري»، وكان مقتل قاسم سليماني (1957– 2020م) قد فضح هذه اللعبة القذرة، حيث كان هذا الشخص من أفظع المؤدلجين الإيرانيين الذي وجد في العراق قبل وبعد انهيار دولة البعث فضاءه للانتقام بدلًا من الفرح بنهاية صدام والنظام البعثي وترك العراقيين يبنون بلدهم.

فكر منغلق

على العكس من التنوير تنهض الأيديولوجيا بفكر منغلق يكرّر نفسه مرارًا في كل لحظة يمرّ بها، وهو تكرار غير إبداعي، وهكذا هي الأيديولوجيا الإسلامية، ومنها الأيديولوجيا الإيرانية التي كرّرت شعار «تصدير الثورة» ولا سيما بعد رحيل البعث فغرقت في سمومها وأوهامها، وما صنعته في لبنان والعراق واليمن من دول عميقة بدت مدار سخرية لكون هذه الإستراتيجية اليوتوبية المعيبة لا تؤدّي إلا إلى دوران الفراغ في كل مرّة، فكان شعار «تصدير الثورة» هو الفراغ الذي تريد إيران تدويره في كل المراحل؛ لأنها لا تملك غيره من وهم فهو عدتها وبضاعتها المأمولة.

بعد نهاية الدولة البعثية اجتهدت يوتوبيا خامنئي بتفعيل فراغها الحارق عبر كل أجهزتها، وهو الأمر الذي حدا بالمروّجين من أتباع هذه السياسة الغرق في أوحال الأوهام عبر العمل بسياسة مؤدلجة ضيقة الأفق تقف ضد المصالح الغربية في بغداد، حيث العناصر التابعة لها يقومون بزرع عبوات ناسفة لتدمير الأهداف الغربية كما كانت تفعل عناصر تنظيم (القاعدة) ليخلو لها المجال بغية السيطرة على العراق أو في أقل تقدير إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار فيه.

وهكذا بدلًا من اغتنام فرصة التنوير الإسلامي الذي يدعو إلى البناء والإعمار تغور الأيديولوجيا الإسلامية الإيرانية في زرع العبوات الناسفة بالشوارع العراقية، وهي تقضي إلى التدمير والخراب والقلق والتوتر، وبدلًا من أن ترتكن إيران خامنئي إلى روح التنوير في القرآن الكريم نراها تعمل بالظلام المؤدلج الذي لا يريده الله ولا سنة نبيه (صلى الله عليه وسلم)، وتجتهد بأن يأخذ هذا الظلام صورًا شتى ليحلّ ويسود بمراهنات متعدّدة عبر مجنّديها الأراذل.

المنشورات ذات الصلة

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *