سرد

حكاية صندوق

حكاية صندوق

رأيته دائمًا جديرًا بأن يضم كنزًا، وليس مجرد أوراق قديمة، ينتظر أبي دائمًا الوقت المناسب لفرزها. هذا الصندوق الخشبي المغطاة زواياه الخارجية بشرائط نحاسية، وله بطانة من القطيفة الحمراء. ولا يمكن إغلاقه إلا بالضغط على غطائه بقوة عدة مرات. كان أبي يسمح بفتحه في وجوده...

اسم في الليل

اسم في الليل

كان جالسًا في مضيفة الطابق الأول من بيته الريفي وقد أراح رأسه على المسند الخلفي بعد أن نام الأولاد وخيم الهدوء. تناهت إليه أصوات غريبة مدغومة كموجة من ظلمة. نهض. خرج بالجلباب إلى الشرفة المفتوحة على الحديقة. كانت السحب تغطي وجه القمر والليل شديد القتامة. مال برقبته...

طيران

طيران

من فوق رأس العجوز كان ثمة برج حمام، رف طويل فوق طُوالات محاط بشبكة سلكية، مليء بطيور(1) نظيفة متبخترة، تتكسر الشمس على صدورها الرمادية في أقواس قزح صغيرة. أذناه كانتا مفعمتين بهديلها، يداه ممدودتان تجاه حمامة زاجلة مفضلة، فتية مكتنزة، وقفت ثابتة حين رأته رامقة إياه...

عصفور الزيبرا

عصفور الزيبرا

رائع حقًّا! أهداني صديق زوجين من طيور الزيبرا. وضعهما بداخل قفص بسيط من أعواد البامبو المضفرة، بداخل القفص كانت توجد أيضًا لفافة من العشب الجاف، التي كانت بمنزلة عش دافئ ومريح لهما. يقال: إن هذا نوع من الطيور يهاب البشر. عَلقت القفص أمام النافذة، حيث كانت هناك أصيصة...

حين تتوقف ساعة العقل

حين تتوقف ساعة العقل

رفع رأسه إلى شاشة الإعلان عن مواعيد الحافلات، تفحصها مليًّا، ثم تأفف بصوت مرتفع: أُفّ..! يبدو أن الحافلة تأخرت مرة أخرى. التفتَ إلى السيدة المنتظرة بجانبي وسألها: من فضلك، لا أرتدي نظاراتي، هل ترينَ إعلانًا يخص الحافلة القادمة من الجزيرة الخضراء؟ ابتسمت المرأة...

ابتهال

ابتهال

ابتعدنا عن بعضنا، بنفس السرعة التي اجتمعنا بها لنلتقط صورة لحفل التخرج... كانت هي ممن جلسن في الصف الأول، ليظهر الصف الخلفي من الخريجات واضحًا في اللقطة. لا أعرف إن كانت لم تسمع صوت المصورة حين رفعت يدها وقالت: « انتهينا... شكرًا حبيباتي»، أم أنها لم تفهم أن المقصود...

مونولوغ لرجل الطربال …. محمد عبدالوكيل جازم

مونولوغ لرجل الطربال …. محمد عبدالوكيل جازم

منذ ساعات وصديقه يُعانق ذاكرته، يأبى مُغادرتها يعبث بها ويبعثر كل محتويات غُرفتها..! صديقه كان يعمل في إحدى المنظمات الإغاثية... تتراءى أمامهُ صور لوجه صديقه الشارد وهو يَمرُّ على تلك الطرابيل والمرارة تسري في جسده وقلبه ليتفقد أحوال النازحين من الحرب..! حربٌ لم تترك...

حكايات طبيعية

حكايات طبيعية

إلى شيماء بن خدة في «حكايات طبيعية» (Histoires naturelles)، يتحول الكاتب «جيل رونار» Jules Renard إلى «صائد صور»: صور طبيعية، صور جديدة؛ في شباك عينيه المفتوحتين تنحبس الحيوانات (عنزة، فراشة، فأرة، عظاية، إلخ...) في حركاتها، في ذبذباتها البراقة. إن الأسلوب الذي تصور...

اعتراف متأخر

اعتراف متأخر

كان أبي مريضًا وملازمًا للفراش. الفراش مكان يعلو عن الأرض قليلًا، وخامته من طين معجون بالتبن. ظل أبي هكذا مدة؛ فنثرتْ جدتي فوقنا صرخة استغاثة، وجرابها خاوٍ من الأمل. لم أدخل دارنا هذا اليوم، فقد كنتُ مشغولًا باللعب، وأهيّج البط، والإوز. بحثتْ عني جدتي كثيرًا؛ حتى...

الرحيل

الرحيل

لم يبق لي مقام هنا. أصبح التراب المطيع نثار بارود تحت قدمي. الأكف التي حملت جمرات «مداعتي» تتمرد على حرقة الخزي ولسعة الهوان. أرى في عيونهم الشماتة تنطق بلغة مبينة. انزاحت سحابات الانكسار من الحدقات الذليلة.. الزنود التابعة التي  بخلت على الأرض بدوس قدمي استطالت فوق...

عام النزوح

عام النزوح

في صباح شتوي ذي ندى..  وبينما كنت أعدّ عناصر فطوري المقدس؛ قطعة جبن أصفر، وكسرة خبز مقرمش، وشاي مزدوج الكثافة، لم أتمكن من شم رائحة الخبز أثناء التحميص، تعجبت فهي المرة الأولى التي يفعل فيها الخبز ذلك! حككتُ أرنبة أنفي أستحثه على إعادة التشغيل أو على التذكر، ففوجئت...

أنثى أنا

أنثى أنا

دعني‭ ‬ أسافر‭ ‬في كهوفِ‭ ‬الصمْتِ علَّ‭ ‬الصمتَ يمنحُني طريقًا‭ ‬للهروبْ فأنا مللْتُ‭ ‬الركْضَ حافيةً تقاذَفُني الدروبْ ما‭ ‬بين‭ ‬موجِكَ هادرًا أحسبُها تبادِلُني‭ ‬النحيبْ والتيهُ يسكنُ‭ ‬داخلي ويكادُ يسلبني‭ ‬الإرادةْ كيلا أُسائلَ أوْ‭ ‬أُجيبْ أُنثى‭ ‬أنا أكذا‭...