نظرية البروتون.. مساعدة لتحسين الوظيفة الاجتماعية للأدب

نظرية البروتون.. مساعدة لتحسين الوظيفة الاجتماعية للأدب

أُلقيت‭ ‬هذه‭ ‬المحاضرة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1951م‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الدراسات‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬بوينس‭ ‬آيرس‭ ‬الأرجنتينية،‭ ‬وفيها‭ ‬يشكك‭ ‬خورخي‭ ‬لويس‭ ‬بورخيس‭ ‬في‭ ‬الافتراض‭ ‬القائل‭: ‬إنه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الكُتاب‭ ‬الأرجنتينيون‭ ‬أصليين‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتبعوا‭ ‬المعايير‭ ‬الأسلوبية‭ ‬والموضوعية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬الغاوتشيسكي (‬أدب‭ ‬سكان‭ ‬الريف‭ ‬في‭ ‬أميركا‭ ‬الجنوبية)‭.‬

يقول‭ ‬بورخيس‭: ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أعبر‭ ‬وأبرر‭ ‬بعض‭ ‬التناقضات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالكاتب‭ ‬الأرجنتيني‭ ‬والتقاليد‭ ‬الأدبية‭. ‬إن‭ ‬شكوكي‭ ‬لا‭ ‬تتعلق‭ ‬بصعوبة‭ ‬حل‭ ‬تلك‭ ‬المشكلات،‭ ‬بل‭ ‬تتعلق‭ ‬بوجود‭ ‬المشكلة‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭. ‬أعتقد‭ ‬أننا‭ ‬نواجه‭ ‬موضوعًا‭ ‬فنيًّا‭ ‬بوسعنا‭ ‬أن‭ ‬نتناوله‭ ‬بأسلوب‭ ‬يثير‭ ‬الشفقة‭ ‬لا‭ ‬بأسلوب‭ ‬منطقي‭ ‬جاد‭ ‬فحسب‭. ‬وعليه‭ ‬فإنني‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬مزيفة،‭ ‬ويمكننا‭ ‬أن‭ ‬نعدها‭ ‬مظهرًا‭ ‬أو‭ ‬مجرد‭ ‬محاكاة‭.‬

يقدم‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬نظرة‭ ‬عامة‭ ‬تمهيدية‭ ‬عن‭ ‬نظرية‭ ‬البروتونية،‭ ‬ويقدم‭ ‬وصفًا‭ ‬عامًّا‭ ‬لمبادئها‭ ‬المركزية‭ ‬الخمسة‭: ‬البروتونية،‭ ‬والاسترداد،‭ ‬والاستفسار،‭ ‬والحقيقة‭ ‬والأخلاق‭. ‬في‭ ‬عام‭ ‬2005م،‭ ‬عندما‭ ‬نُشر‭ ‬كتابي «‬‮»‬Protonism‭: ‬Theory into Practice (البروتونية‭: ‬نظرية‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬الممارسة)‬،‭ ‬كان‭ ‬للمفهوم‭ ‬أهمية‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬البلقان‭. ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬حوَّل‭ ‬الاضطراب‭ ‬السياسي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬في‭ ‬حقبة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الشيوعية‭ ‬والغضب‭ ‬العرقي‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬الصراعات‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬اليوغوسلافية‭ ‬في‭ ‬التسعينيات،‭ ‬النقدَ‭ ‬الأدبيَّ‭ ‬إلى‭ ‬سلاح‭ ‬سياسي‭ ‬أو‭ ‬طائفي‭ ‬أو‭ ‬عرقي‭ ‬أو‭ ‬أيديولوجي‭ ‬يضر‭ ‬بالأدب‭.‬

لأكثر‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬في‭ ‬البلقان‭ ‬ظل‭ ‬أساس‭ ‬النقد‭ ‬الجدلي‭ ‬البدائي‭ ‬كما‭ ‬هو،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬جودة‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬فحصها‭ ‬النقاد‭. ‬كان‭ ‬التحدي‭ ‬الأكبر‭ ‬الذي‭ ‬يواجه‭ ‬أدب‭ ‬البلقان‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬القراء‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بدؤوا‭ ‬في‭ ‬تجاهل‭ ‬الأدب‭ ‬تمامًا‭. ‬جعلت‭ ‬الضوضاء‭ ‬والارتباك‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬جدًّا‭ ‬على‭ ‬القراء‭ ‬تحديد‭ ‬قيمة‭ ‬الأعمال‭ ‬الأدبية‭. ‬في‭ ‬غضون‭ ‬ذلك،‭ ‬بدأ‭ ‬كُتاب‭ ‬وشعراء‭ ‬البلقان‭ ‬في‭ ‬تفضيل‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬الفن‭ ‬الحقيقي‭ ‬معترف‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬قلة،‭ ‬وليس‭ ‬كثيرين،‭ ‬وأن‭ ‬قيمته‭ ‬سيحددها‭ ‬الجيل‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬القراء‭. ‬إن‭ ‬وجهة‭ ‬النظر‭ ‬الجبرية‭ ‬هذه،‭ ‬التي‭ ‬تتجاوز‭ ‬دور‭ ‬النقاد‭ ‬تمامًا،‭ ‬تبدو‭ ‬أيضًا‭ ‬غير‭ ‬كافية‭ ‬لدعم‭ ‬الثقافة‭ ‬الأدبية‭ ‬المزدهرة‭. ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الخلفية،‭ ‬أنشأتُ‭ ‬نظرية‭ ‬البروتونية‭ ‬كطريقة‭ ‬موصى‭ ‬بها‭ ‬لممارسة‭ ‬النقد‭ ‬الأدبي‭. ‬تقترح‭ ‬النظرية‭ ‬أن‭ ‬الناقد‭ ‬البروتوني،‭ ‬عند‭ ‬مواجهة‭ ‬نص،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يسعى‭ ‬أولًا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ذو‭ ‬قيمة‭ ‬جمالية‭ ‬وفكرية‭ ‬وأخلاقية‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬بشروطه‭ ‬الخاصة‭. ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الناقد‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يجد‭ ‬قيمة‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬يضعه‭ ‬جانبًا‭ ‬ويمتنع‭ ‬عن‭ ‬مناقشته‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ -‬وتركه‭ ‬في‭ ‬غموض‭- ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬إظهار‭ ‬خطاب‭ ‬ازدراء‭.‬

البروتونية،‭ ‬كمصطلح،‭ ‬هي‭ ‬استعارة‭ ‬مشتقة‭ ‬من‭ ‬فيزياء‭ ‬الذرة‭: ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الإلكترون‭ ‬المتطاير‭ ‬وخفيف‭ ‬الوزن‭ ‬والسالب،‭ ‬يهتم‭ ‬الناقد‭ ‬البروتوني‭ ‬بالبروتون‭ ‬الدائم‭ ‬والوزن‭ ‬والإيجابي‭. ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إلهام‭ ‬النقاد‭ ‬الأدبيين‭ ‬للتفكير‭ ‬بشكل‭ ‬مختلف‭ ‬وتشجيعهم‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬دور‭ ‬النقد‭ ‬الأدبي،‭ ‬تهدف‭ ‬نظرية‭ ‬البروتونية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حافزًا‭ ‬إيجابيًّا‭ ‬للوظيفة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للأدب‭. ‬كنت‭ ‬آمل‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬ولا‭ ‬أزال،‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توفير‭ ‬أرضية‭ ‬مشتركة‭ ‬للنقاد‭ ‬لتقويم‭ ‬العمل‭ ‬الأدبي‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬موضوعية،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنطبق‭ ‬نظرية‭ ‬البروتونية‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬الممارسة‭ ‬النقدية‭ ‬والنظرية‭ ‬في‭ ‬أجزاء‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬العالم،‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الفني‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬الأخرى‭ ‬والتخصصات‭.‬

البروتونية

نشأ‭ ‬مصطلح‭ ‬البروتونية‭ ‬من‭ ‬مزيج‭ ‬من‭ ‬البروتونية‭ ‬والسيميائية‭. ‬يعمل‭ ‬تطوير‭ ‬Protonismiotics‭ ‬مصححًا‭ ‬للنقاد،‭ ‬مع‭ ‬تمكين‭ ‬القراء‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬تذوق‭ ‬الأعمال‭ ‬النقدية‭ ‬وتقويمها‭. ‬يستخدم‭ ‬الناقد‭ ‬البروتوني‭ ‬البروتونية‭ ‬أداة‭ ‬تحرٍّ‭ ‬لغوية‭ ‬لتحديد‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬عمل‭ ‬النقد‭ ‬السلبي‭ ‬يرقى‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬هجوم‭ ‬hominem‭ ‬على‭ ‬المؤلف‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬علمي‭. ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬كذلك،‭ ‬فقد‭ ‬يصنفه‭ ‬البروتوني‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬نقد‭ ‬خاص‭ ‬غير‭ ‬عام‭ ‬ومن‭ ‬ثَم‭ ‬خطاب‭ ‬غير‭ ‬أساسي،‭ ‬أو‭ ‬قد‭ ‬يختار‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬المؤلف‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬أعلى‭. ‬مثل‭ ‬الأعمال‭ ‬الأدبية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتمتع‭ ‬بصفات‭ ‬إيجابية،‭ ‬فإن‭ ‬النقد‭ ‬السلبي‭ ‬له‭ ‬القيمة‭ ‬الفارغة‭ ‬للنيوترون،‭ ‬ولا‭ ‬يستحق‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬سلبي‭ ‬مماثل‭. ‬وبالمثل،‭ ‬في‭ ‬الرياضيات،‭ ‬يؤدي‭ ‬العدد‭ ‬السالب‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الرقم‭ ‬السالب‭ ‬إلى‭ ‬مجموع‭ ‬سالب‭ ‬أكبر‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬سبب‭ ‬امتناع‭ ‬النقاد‭ ‬البروتونيين‭ ‬عن‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬النقد‭ ‬السلبي‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬النقد‭ ‬السلبي‭. ‬القيام‭ ‬بذلك‭ ‬يقوض‭ ‬الخطاب‭ ‬المنتج‭. ‬

يجب‭ ‬على‭ ‬الناقد‭ ‬الأدبي‭ ‬البروتوني‭ ‬أن‭ ‬يفهم‭ ‬ويتصرف‭ ‬وفقًا‭ ‬لمبادئ‭ ‬اللغة‭ ‬الإيجابية‭ ‬العميقة‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬لديه‭ ‬فهم‭ ‬جيد‭ ‬للرمزية‭ ‬الأدبية‭ ‬كعنصر‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬السلوك‭ ‬التواصلي‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬النقد‭ ‬الأدبي‭. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لدى‭ ‬الناقد‭ ‬فهم‭ ‬جيد‭ ‬لفروع‭ ‬البراغماتية‭ ‬والدلالات‭ ‬والنحو‭ ‬وجميع‭ ‬النظريات‭ ‬الأخرى‭ ‬والمقاربات‭ ‬الفلسفية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بحالة‭ ‬الأدب‭ ‬اليوم‭. ‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬ترفع‭ ‬Protonismiotics‭ ‬القارئ‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الناقد،‭ ‬مزودًا‭ ‬بأدوات‭ ‬لغوية‭ ‬لإجراء‭ ‬تقويم‭ ‬قاطع‭ ‬لتصريحات‭ ‬النقاد‭ ‬غير‭ ‬البروتونيين‭ ‬الآخرين‭. ‬تُمكّن‭ ‬البروتونية‭ ‬القارئ‭ ‬من‭ ‬التعرف‭ ‬إلى‭ ‬الإشارات‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬لغة‭ ‬المقالة‭ ‬النقدية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬فك‭ ‬تشفيرها‭ ‬لاكتشاف‭ ‬الشخصية‭ ‬المهنية‭ ‬للناقد‭ ‬والتأكد‭ ‬مما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الناقد‭ ‬قد‭ ‬اقترب‭ ‬من‭ ‬المؤلف‭ ‬بشكل‭ ‬عادل‭. ‬عند‭ ‬اتخاذ‭ ‬هذا‭ ‬التحديد،‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬نضع‭ ‬في‭ ‬الحسبان‭ ‬أن‭ ‬البروتونية‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬أدبي‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬المؤلف‭ ‬الذي‭ ‬أنشأه،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬شخصية‭ ‬المؤلف‭ ‬غير‭ ‬ذات‭ ‬صلة‭ ‬بما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬العمل‭ ‬يستحق‭ ‬القراءة‭ ‬أم‭ ‬لا‭. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬النقاد‭ ‬البروتونيون‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬ظهور‭ ‬نظريات‭ ‬اجتماعية‭ ‬ولغوية‭ ‬وأدبية‭ ‬جديدة،‭ ‬تتطور‭ ‬موضوعات‭ ‬جديدة‭ ‬للبنية‭ ‬الاجتماعية‭. ‬تمثل‭ ‬النصوص‭ ‬الأدبية‭ ‬نتاج‭ ‬الأفكار‭ ‬والعواطف‭ ‬البشرية‭ ‬التي‭ ‬يُعبَّر‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الكلمات،‭ ‬ولا‭ ‬تنشأ‭ ‬بواسطة‭ ‬الروبوتات‭. ‬ولأن‭ ‬العامل‭ ‬البشري‭ ‬مهم،‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تقدير‭ ‬التأثير‭ ‬العميق‭ ‬المحتمل‭ ‬للنقد‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬وفي‭ ‬كيفية‭ ‬تشكيل‭ ‬الأدب‭ ‬للمجتمعات‭. ‬

يهدف‭ ‬النقاد‭ ‬البروتونيون‭ ‬إلى‭ ‬الوعي‭ ‬الفعال‭ ‬بهذه‭ ‬المفاهيم‭ ‬والاهتمامات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬حتى‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬أداء‭ ‬دور‭ ‬مُثرٍ‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬وفي‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬للبشر‭ ‬وبيئاتهم‭. ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العملية،‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬أيضًا‭ ‬صقل‭ ‬إتقاننا‭ ‬لأساسيات‭ ‬
اللغة‭ ‬المتنوعة‭. ‬مع‭ ‬الأخذ‭ ‬في‭ ‬الحسبان‭ ‬هذه‭ ‬الأساسيات‭ ‬بوصفها‭ ‬أساسًا‭ ‬للمعرفة‭ ‬اللغوية،‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬التفكير‭ ‬بشكل‭ ‬بَنّاء‭ ‬كلما‭ ‬قمنا‭ ‬بالنقد‭ ‬الأدبي‭. ‬تلهم‭ ‬البروتونية‭ ‬الناقد‭ ‬البروتوني‭ ‬بدراسة‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الكلمات‭ ‬وسياقاتها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استخدام‭ ‬الإستراتيجيات‭ ‬اللغوية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تولد‭ ‬إيجابيات‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬أدبي‭ ‬لائق؛‭ ‬لأن‭ ‬تحليل‭ ‬أي‭ ‬نص‭ ‬هو‭ ‬أيضًا‭ ‬عمل‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬الإبداع‭ ‬الأدبي‭.‬

الاسترداد

تربط‭ ‬البروتونية‭ ‬مفهوم‭ ‬الاسترداد‭ ‬بما‭ ‬تؤيده‭ ‬النظرية‭ ‬كمبدأ‭ ‬للحق‭ ‬الأخلاقي‭: ‬لا‭ ‬تعاقب،‭ ‬فقط‭ ‬كافئ‭. ‬من‭ ‬طريق‭ ‬الاسترداد،‭ ‬تعني‭ ‬البروتونية‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬النقاد‭ ‬الأدبيين‭ ‬إيجاد‭ ‬طرائق‭ ‬تعكس‭ ‬النوايا‭ ‬الإيجابية‭ ‬للمؤلفين‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الاحتراف‭. ‬الشكل‭ ‬الوحيد‭ ‬للرد‭ ‬هو‭ ‬المكافأة‭. ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬العمل‭ ‬بحسن‭ ‬نية‭. ‬يعمل‭ ‬الناقد‭ ‬البروتوني‭ ‬وسيطًا‭ ‬للقارئ‭. ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الناقد‭ ‬تقديم‭ ‬تعويضات‭ ‬عن‭ ‬الآثار‭ ‬السلبية‭ ‬السابقة‭ ‬للنقد‭ ‬الأدبي،‭ ‬وإيجاد‭ ‬طرائق‭ ‬لتعويض‭ ‬القراء‭ ‬عن‭ ‬الخسائر‭ ‬أو‭ ‬الأضرار‭ ‬التي‭ ‬تعرضوا‭ ‬لها‭ ‬سابقًا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬إرشادات‭ ‬لتقدير‭ ‬الجوانب‭ ‬الجميلة‭ ‬للأعمال،‭ ‬وليس‭ ‬الأجزاء‭ ‬المشكوك‭ ‬فيها‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تحتويها‭. ‬

إن‭ ‬مكافأة‭ ‬الكتاب‭ ‬الجديرين‭ ‬أمر‭ ‬جميل‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته،‭ ‬لكن‭ ‬مكافأتهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الجمال‭ ‬الموجود‭ ‬في‭ ‬أعمالهم‭ ‬هو‭ ‬مصدر‭ ‬خاص‭ ‬للنمو،‭ ‬وبخاصة‭ ‬الكتاب‭ ‬الناشئون‭ ‬من‭ ‬الشباب‭. ‬يوفر‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالكُتاب‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬حياتهم‭ ‬المهنية‭ ‬لعملهم‭ ‬مصدر‭ ‬فخر‭ ‬وإلهام‭ ‬مع‭ ‬تعزيز‭ ‬وضعهم‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭. ‬المبدأ‭ ‬التعويضي‭ ‬للبروتونية‭ ‬هو‭ ‬مسألة‭ ‬الإنصاف‭ ‬الأدبي‭ ‬والعدالة‭ ‬الشعرية‭. ‬يمثل‭ ‬التعويض‭ ‬أيضًا‭ ‬مسؤولية‭ ‬اجتماعية،‭ ‬كمورد‭ ‬حيوي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬دورًا‭ ‬مهمًّا‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬وظيفة‭ ‬الأدب‭ ‬في‭ ‬تطور‭ ‬الحضارة‭. ‬

تماشيًا‭ ‬مع‭ ‬النهج‭ ‬الذي‭ ‬تعززه‭ ‬المعتقدات‭ ‬البروتونية‭ ‬الأخرى،‭ ‬يعالج‭ ‬الناقد‭ ‬البروتوني‭ ‬التعليقات‭ ‬السلبية‭ ‬فقط‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬المؤلف‭ ‬منها،‭ ‬مع‭ ‬الامتناع‭ ‬عن‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الآراء‭ ‬السلبية‭ ‬الشخصية‭. ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬الناقد‭ ‬البروتوني‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬أية‭ ‬إيجابيات‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬قيد‭ ‬الدراسة،‭ ‬فسيُعَدّ‭ ‬العمل‭ ‬بمنزلة‭ ‬المكافئ‭ ‬الأدبي‭ ‬للنيوترون،‭ ‬ومن‭ ‬ثَمّ‭ ‬لاغٍ‭ ‬وغير‭ ‬مناسب‭ ‬للمناقشة‭. ‬ببساطة،‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لدى‭ ‬الناقد‭ ‬البروتوني‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬إيجابي‭ ‬ليقوله،‭ ‬فلن‭ ‬يقول‭ ‬أي‭ ‬شيء‭. ‬بمعنى‭ ‬آخر،‭ ‬الأدب‭ ‬فن‭ ‬ويجب‭ ‬الاحتفاء‭ ‬به‭. ‬فإن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬شيء‭ ‬للاحتفال‭ ‬به،‭ ‬فهو‭ ‬ليس‭ ‬بأدب‭. ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة،‭ ‬لماذا‭ ‬محاولة‭ ‬النقد‭ ‬الأدبي‭ ‬لعمل‭ ‬لا‭ ‬تُعَدّ‭ ‬أدبًا؟‭!‬

الاستفسار

يجب‭ ‬على‭ ‬الناقد‭ ‬الأدبي‭ ‬البروتوني‭ ‬أن‭ ‬يبحث‭ ‬دائمًا‭ ‬عن‭ ‬الحقيقة‭ ‬والمعلومات‭ ‬الإيجابية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬معرفة‭ ‬كيفية‭ ‬اختيارها‭ ‬وتقديمها‭ ‬للقارئ‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬البروتونية‭ ‬تقدر‭ ‬الاستفسار‭ ‬لتأكيدها‭ ‬المعرفي‭ ‬المهاراتِ‭ ‬التحليليةَ‭ ‬الموضوعيةَ،‭ ‬فإنها‭ ‬تصر‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬موضوعية‭ ‬النقاد،‭ ‬فإن‭ ‬تقويماتهم‭ ‬تتطلب‭ ‬قدرًا‭ ‬كافيًا‭ ‬من‭ ‬سعة‭ ‬الاطلاع‭ ‬السياقية‭. ‬

يسعى‭ ‬الناقد‭ ‬البروتوني‭ ‬إلى‭ ‬تحديد‭ ‬ونقل‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬ناقش‭ ‬بها‭ ‬المؤلفون‭ ‬الذين‭ ‬واجهوا‭ ‬موضوعات‭ ‬معينة،‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬واستجابوا‭ ‬لشكوك‭ ‬زملائهم‭ ‬أو‭ ‬ارتباكهم‭ ‬أو‭ ‬حججهم‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬مقدمًا‭ ‬رؤى‭ ‬أسلوبية‭ ‬وبنيوية‭ ‬فريدة‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬الأدبي‭. ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الثقافية‭ ‬حول‭ ‬العرق‭ ‬والجنس‭ ‬والطبقة،‭ ‬يسلط‭ ‬الناقد‭ ‬البروتوني‭ ‬الضوء‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬التجربة‭ ‬الأدبية‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬ما‭ ‬يشكل‭ ‬‮«‬الأدب‭ ‬الجيد‮»‬‭. ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬التقويمات‭ ‬الأدبية‭ ‬والتداعيات‭ ‬الثقافية‭ ‬لأهم‭ ‬أعمال‭ ‬كل‭ ‬عصر‭ ‬معين،‭ ‬يسعى‭ ‬الاستقصاء‭ ‬البروتوني‭ ‬إلى‭ ‬نهج‭ ‬أكثر‭ ‬شمولًا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يسهل‭ ‬الوعي‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والممارسات‭ ‬التي‭ ‬تعزز‭ ‬جودة‭ ‬الكتابة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إنشاء‭ ‬أدب‭ ‬معاصر‭ ‬أكثر‭ ‬فائدة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬التقويم‭ ‬الرسمي‭ ‬وغير‭ ‬المتحيز‭ ‬للعمل‭ ‬الأدبي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يستلزم‭ ‬إجراء‭ ‬تحقيق‭ ‬لتحديد‭ ‬الحقائق‭ ‬الظرفية‭. ‬تنصح‭ ‬العقيدة‭ ‬البروتونية‭ ‬النقاد‭ ‬بإجراء‭ ‬تحقيقاتهم‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬الظروف‭ ‬والاحتياجات‭ ‬الفعلية‭ ‬لمجتمعاتهم‭ ‬الأدبية‭.‬

الحقيقة

تؤكد‭ ‬البروتونية‭ ‬أن‭ ‬الحقيقة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالأيديولوجيات‭ ‬الأدبية‭ ‬هي‭ ‬بناء‭ ‬اجتماعي‭ ‬مؤقت‭ ‬قابل‭ ‬للتغيير‭ ‬وفقًا‭ ‬للبنية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لأصولها‭ ‬والظروف‭ ‬المعرفية‭ ‬لتطورها‭. ‬وعلى‭ ‬عكس‭ ‬الفلسفة‭ ‬الموضوعية،‭ ‬تؤكد‭ ‬البروتونية‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬حقيقة‭ ‬مستقلة‭ ‬عن‭ ‬العقل‭ ‬البشري‭. ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يُعَدّ‭ ‬حقيقة‭ ‬يُتَوَسَّطُ‭ ‬فيه‭ ‬بطريقة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬واعٍ‭. ‬وبهذا‭ ‬المعنى،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يُعَدُّ‭ ‬حقيقةً‭ ‬عامة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬ظلت‭ ‬قناعة‭ ‬الفرد‭ ‬المؤمن‭ ‬بها؛‭ ‬لأن‭ ‬أية‭ ‬حقيقة‭ ‬تنتظر‭ ‬دائمًا‭ ‬تعديلًا‭ ‬وتعزيزًا‭ ‬إضافيًّا‭. ‬هذه‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬التعديل‭ ‬والتعزيز‭ ‬المستمر‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬وجود‭ ‬حقيقة‭ ‬مشتركة‭. ‬يُعتقد‭ ‬أن‭ ‬الاقتراح‭ ‬صحيح‭ ‬فقط‭ ‬لأن‭ ‬الاعتقاد‭ ‬يلبي‭ ‬بشكل‭ ‬مؤقت‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الفردية‭ ‬أو‭ ‬الجماعية‭.‬

إن‭ ‬الواجب‭ ‬الأساسي‭ ‬للناقد‭ ‬الأدبي‭ ‬البروتوني‭ ‬هو‭ ‬قول‭ ‬الحقيقة‭ ‬حول‭ ‬القيمة‭ ‬الأدبية‭ ‬التي‭ ‬يجدها‭ ‬في‭ ‬العمل‭- ‬وليس‭ ‬التلاعب‭ ‬بالصالح‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬العناصر‭ ‬السلبية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تضلل‭ ‬القارئ‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالصفات‭ ‬الحقيقية‭ ‬للعمل‭. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يفهم‭ ‬الناقد‭ ‬البروتوني‭ ‬أنواعًا‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬الحقيقة،‭ ‬مثل‭:‬‭ ‬الحالة‭ ‬الفعلية‭ ‬للمادة،‭ ‬والتوافق‭ ‬مع‭ ‬الحقيقة‭ ‬أو‭ ‬الواقع،‭ ‬والحقائق‭ ‬الرياضية‭. ‬ستمكن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المنظورات‭ ‬متعددة‭ ‬الأوجه‭ ‬الناقد‭ ‬البروتوني‭ ‬من‭ ‬التصرف‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬ذاتية‭ ‬الحقيقة،‭ ‬مع‭ ‬احتمال‭ ‬قبول‭ ‬الناظر‭ ‬للحقيقة‭ ‬التي‭ ‬يرى‭ ‬شخصيًّا‭ ‬أنها‭ ‬حقيقة‭. ‬

إن‭ ‬الحقائق‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إثباتها‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬تتمتع‭ ‬بفرصة‭ ‬للبقاء‭ ‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬الحقائق‭ ‬المطلقة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو،‭ ‬مثل‭ ‬قوانين‭ ‬الفيزياء‭. ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬كثيرون‭ ‬يؤمنون‭ ‬بوجود‭ ‬إله‭ ‬كلي‭ ‬القدرة،‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬العلم‭ ‬دحضه‭. ‬تعتمد‭ ‬الدرجة‭ ‬التي‭ ‬يُنظر‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬العقائد‭ ‬الدينية‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬صحيحة‭ ‬تمامًا‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬الفرد‭ ‬المؤمن،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬تستمر‭ ‬الأديان‭ ‬القديمة‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬أشكال‭ ‬يمكن‭ ‬التعرف‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬مصادرها،‭ ‬بينما‭ ‬تعكس‭ ‬أيضًا‭ ‬التفسيرات‭ ‬المتنوعة‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬بشكل‭ ‬معقول‭ ‬إلى‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬شروط‭ ‬التعايش‭. ‬وبالطريقة‭ ‬نفسها،‭ ‬قد‭ ‬يحتوي‭ ‬كل‭ ‬مظهر‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬الأدب‭ ‬والفنون‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬تجسيده‭ ‬الخاص‭ ‬للحقيقة‭. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يساعد‭ ‬الناقد‭ ‬البروتوني‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬وجود‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق‭ ‬النسبية‭ ‬الجوهرية‭ ‬والتعبير‭ ‬عن‭ ‬إمكاناتها‭ ‬لعلاقة‭ ‬متبادلة‭ ‬متناغمة‭. ‬

أخلاق‭ ‬مهنية

لا‭ ‬تنشر‭ ‬نظرية‭ ‬البروتونية‭ ‬أي‭ ‬أخلاق‭ ‬أو‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأخلاق‭. ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التوجه‭ ‬الأخلاقي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬النقد،‭ ‬يعمل‭ ‬البروتوني‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬كيفية‭ ‬تنظيم‭ ‬النقاد‭ ‬غير‭ ‬البروتونيين‭ ‬لمفاهيم‭ ‬السلوك‭ ‬الصحيح‭ ‬والخاطئ‭ ‬والدفاع‭ ‬عنها‭ ‬والتوصية‭ ‬بها‭. ‬عند‭ ‬القيام‭ ‬بذلك،‭ ‬قد‭ ‬يشير‭ ‬البروتوني‭ ‬إلى‭ ‬نقاط‭ ‬عمياء‭ ‬في‭ ‬تفكير‭ ‬النقاد‭ ‬تمنع‭ ‬رؤية‭ ‬الإيجابي‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬معين‭ ‬قيد‭ ‬المناقشة‭. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لدى‭ ‬الناقد‭ ‬الأدبي‭ ‬البروتوني‭ ‬نظام‭ ‬من‭ ‬المبادئ‭ ‬الأخلاقية‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يتبع‭ ‬قواعد‭ ‬السلوك‭ ‬المعترف‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬والأدب‭ ‬الحقيقي‭. ‬

عند‭ ‬الكتابة‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬ما،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬البروتوني‭ ‬أن‭ ‬يتصرف‭ ‬بطريقة‭ ‬براغماتية،‭ ‬ويسعى‭ ‬لتصور‭ ‬أعلى‭ ‬فائدة‭ ‬ممكنة‭ ‬قد‭ ‬تنتج‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المهمة‭. ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تمثل‭ ‬هذه‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬جهدًا‭ ‬مصطنعًا‭: ‬تستند‭ ‬مبادئ‭ ‬الأخلاق‭ ‬البروتونية‭ ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬الالتزامات‭ ‬الأخلاقية‭ ‬تنشأ‭ ‬من‭ ‬غريزة‭ ‬وإرادة‭ ‬الإنسان‭ ‬الطبيعية‭. ‬هناك‭ ‬ثلاث‭ ‬فئات‭ ‬رئيسة‭ ‬من‭ ‬الاعتبارات‭ ‬الأخلاقية‭: ‬الغائية،‭ ‬والأخلاقية،‭ ‬والنفعية‭. ‬كل‭ ‬نوع‭ ‬له‭ ‬نقاط‭ ‬قوته‭ ‬وضعفه،‭ ‬وليس‭ ‬أي‭ ‬منهما‭ ‬صحيحًا‭ ‬تمامًا‭. ‬لكن‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬على‭ ‬النقاد‭ ‬البروتونيين‭ ‬القيام‭ ‬ببعض‭ ‬الإجراءات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحسين‭ ‬أنفسهم‭ ‬والمجتمع‭.‬

تركز‭ ‬الأخلاقيات‭ ‬البروتونية‭ ‬على‭ ‬محتوى‭ ‬ومعنى‭ ‬القطعة‭ ‬الأدبية‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الأعمال‭ ‬أو‭ ‬الخلفية‭ ‬الأخرى‭ ‬لمؤلفها‭. ‬هذا‭ ‬يسمح‭ ‬لنا‭ ‬بفحص‭ ‬القيمة‭ ‬الأخلاقية‭ ‬للأعمال‭ ‬الأدبية‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬أعلى‭. ‬وإلا،‭ ‬فإن‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬القراءة‭ ‬للرسالة‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والتحقيق‭ ‬في‭ ‬النصوص‭ ‬الأدبية‭ ‬يصعب‭ ‬تمييزه‭. ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تساعدنا‭ ‬الأخلاق‭ ‬البروتونية‭ ‬في‭ ‬اكتشاف‭ ‬تقاطعات‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدًا‭ ‬بين‭ ‬النص‭ ‬الأدبي‭ ‬والقيم‭ ‬الأخلاقية؛‭ ‬لأن‭ ‬نظرية‭ ‬البروتونية‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬المبادئ‭ ‬الأخلاقية‭ ‬اجتماعية‭ ‬بطبيعتها‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬ليست‭ ‬مطلقة‭. ‬حتى‭ ‬السمة‭ ‬الفطرية‭ ‬لكرامة‭ ‬الإنسان‭ ‬هي‭ ‬سمة‭ ‬فريدة‭ ‬للأفراد‭. ‬

يتطلب‭ ‬النهج‭ ‬الحصيف‭ ‬للأعمال‭ ‬الأدبية،‭ ‬وكذلك‭ ‬تجاه‭ ‬النقاد‭ ‬الأدبيين،‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬ثلاث‭ ‬فضائل‭ ‬أساسية‭: ‬العدالة‭ ‬والثبات‭ ‬والاعتدال‭. ‬في‭ ‬الجوهر،‭ ‬يتطلب‭ ‬الأدب‭ ‬والنقاد‭ ‬الأدبيون‭ ‬معاملة‭ ‬عادلة‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬هذه‭ ‬الفضائل‭ ‬الأولية‭. ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المساواة‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬ستنتج‭ ‬التسلسل‭ ‬الهرمي‭ ‬المناسب‭ ‬للتركيز‭ ‬على‭ ‬الثقافة‭ ‬الأدبية‭ ‬الأخلاقية‭.. ‬يمكن‭ ‬للموقف‭ ‬الأخلاقي‭ ‬لأي‭ ‬ناقد‭ ‬أن‭ ‬يشكل‭ ‬بدوره‭ ‬رؤية‭ ‬القارئ‭ ‬ويشوهها،‭ ‬وبخاصة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬القارئ‭ ‬غير‭ ‬مألوف‭ ‬لموضوع‭ ‬النقد‭. ‬تتجنب‭ ‬الأخلاق‭ ‬البروتونية‭ ‬التركيز‭ ‬الضيق‭ ‬النموذجي‭ ‬لمعايير‭ ‬النقد‭ ‬الأقل‭ ‬بناءة‭. ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الخير‭ ‬وأنواع‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬الأخلاق،‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬مقياس‭ ‬واحد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الارتباك‭. ‬وفقًا‭ ‬لذلك،‭ ‬لا‭ ‬تحاول‭ ‬الأخلاق‭ ‬البروتونية‭ ‬تحديد‭ ‬معايير‭ ‬الصواب‭ ‬والخطأ،‭ ‬بل‭ ‬تؤكد‭ ‬العلاقةَ‭ ‬بين‭ ‬الحكم‭ ‬الأخلاقي‭ ‬ومجالات‭ ‬البحث‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحساسية‭ ‬لأشكال‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬الجمال‭. ‬

تزايد‭ ‬النفوذ‭ ‬والآثار‭ ‬التربوية

في‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬عقدين‭ ‬منذ‭ ‬تقديمها،‭ ‬أثرت‭ ‬نظرية‭ ‬البروتونية‭ ‬في‭ ‬النقاش‭ ‬الأكاديمي‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬أوربا‭ ‬وأميركا‭ ‬الشمالية،‭ ‬واستمر‭ ‬تأثيرها‭ ‬في‭ ‬النمو‭ ‬والانتشار‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭.‬

باختصار،‭ ‬تتمثل‭ ‬الوظيفة‭ ‬الرئيسة‭ ‬للأدب‭ ‬كشكل‭ ‬فني‭ ‬متطور‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬الجمال،‭ ‬وسبب‭ ‬الفن‭ ‬هو‭ ‬الاحتفال‭ -‬للابتهاج‭- ‬بالكون،‭ ‬والله،‭ ‬والطبيعة،‭ ‬والحياة‭… ‬ومن‭ ‬ثم،‭ ‬فإن‭ ‬دور‭ ‬الناقد‭ ‬الأدبي‭ ‬البروتوني‭ ‬هو‭ ‬إيجاد‭ ‬مناسبات‭ ‬للاحتفال‭ ‬بها‭ ‬والاستفادة‭ ‬منها؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تسهيل‭ ‬الوظيفة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للأدب‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نظرية‭ ‬البروتونية‭ ‬لا‭ ‬تدعي‭ ‬أن‭ ‬لديها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬العالم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬أو‭ ‬الأدبي،‭ ‬فإنها‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬النقاد‭ ‬الأدبيين‭ ‬الذين‭ ‬يستخدمون‭ ‬التفكير‭ ‬الإيجابي‭ ‬والمبتكر‭ ‬قد‭ ‬يساهمون‭ ‬بشكل‭ ‬هادف‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬الجنس‭ ‬البشري‭.‬