عتباتٌ ماطرة

عتباتٌ ماطرة

حدثتني كثيرًا

عن البيتِ..

والبابِ..

والنافذةْ

عن الشرفاتِ البعيدةِ

والعتباتِ القديمةِ

إذ يعبرُ الزمنُ اللانهائيُّ منها

يمرُّ بها

ويُريحُ عليها خيالَ انتظاراتِه المتعَبةْ.

أخذتني وقد غبتُ فيها أخيرًا

إلى شرفةٍ في خيالِ السماءِ البعيدةِ

أحصَتْ لأُحصيَ مِن بعدها

كلَّ تلك الأماني التي ابتسمَت

في ائتلاقِ النجومِ السعيدةِ

صبَّت على مسمعي

مطرَ الذكرياتِ اللذيذةِ من شَفةٍ عاطرةْ.

قلتُ: ما البيتُ، ما البابُ، ما النافذة؟

ما الطريقُ إليها؟

وما العتَباتُ الحزينةُ؟

ما الشُّرُفاتُ الوحيدةُ والعابرة؟

خبريني عن الشغفِ العذبِ فيكِ

أيا امرأةً طرَقَت بأناملَ من ياسمين نوافذَ روحي

فشعَّ بها العطرُ شمسًا

تُقبِّلُ بالنورِ ظُلمةَ روحي

تُعيدُ اخضرارَ الزمانِ الخصيبِ

وها هو قلبي سماءً يصيرُ

لرنة ضحكتها الساحرة.

حدثيني كثيرًا.. كثيرًا

إلى أن يفيضَ الكلامُ المُدامُ

ويُغرقني فيكِ حدَّ انصهاريَ في كلِّ حرفٍ

يذوِّبني في دلالِ الأغاني المطيرةِ في شفتيكِ.

خذيني إليكِ

اقرئيني قصيدةَ حبٍّ سماويةً

لا تملُّ العروجَ إليكِ

ولا تُرجعيني إليَّ

إلى وحشةِ الروحِ بعدكِ لو لحظةً واحدة.

حدثيني ولو بجلالِ السكوتِ الفصيحِ

عن البيتِ

والبابِ

والنافذة

وعن آخرِ الشرفاتِ التي رشفتْها الغيومُ على مهَلٍ

في مقاهي السماءِ البعيدةِ

جادَت بها مطرًا

يغسلُ العتباتِ القديمةَ في الروحِ

من صخبِ الذاكرة.