أصول عبقرية نهضت بالإبداع العربي

أصول عبقرية نهضت بالإبداع العربي

أستطيع القول: إن الفن العراقي بأنواعه كافة؛ من موسيقا، وشعر، ورواية، كان أصلًا عظيمًا من الأصول العبقرية التي نهضت بالذائقة والإبداع في الوطن العربي، ولم أكن بدعًا ولا استثناء في ذلك.. فمنذ بداية تشكيل الموهبة الفنية والرسم بالكلمات لدي، كان الفن العراقي بأنواعه من موسيقا وشعر ورواية يسهم بشكل فاتن في تكوين عالم الفن والإفصاح.. ولأني خُلقت من وهج الشعرية وما يتصل بها، فسأتحدث بخاصة عن تأثير الموسيقا والشعرية العراقية في ذائقتي الفنية والشعرية. فمما تركه الموسيقار محمد القبانجي وناظم الغزالي مرورًا بفن فاضل عواد، وحضيري أبو عزيز، إلى أنوار عبدالوهاب كنت أتشكل فنيًّا ويرتفع لدي المثل في الإيقاع ورتم الزمن.

وفي المسألة الشعرية، تمثلت تجربة السياب والبياتي ونازك الملائكة وسامي مهدي في ترجمة المضامين، وموسيقا القصيدة، وطريقة الأداء، والمونولوج الداخلي، والحوار، وتنويع الأصوات، وتوظيف الأسطورة، والثراء المسرحي في النص الشعري.. كل ذلك في عالم تتحول فيه المعلومة إلى موهبة، ورسم التجربة إلى تلقائية آسرة. طبعًا تم ذلك بوعي وتفرد وخلق شخصية فنية شعرية مستقلة بعيدًا مما قد يؤدي إليه مثل هذا التماهي والتمازج والتمثل من الموت والفناء في الأنموذج بشكل عدمي محزن. ومن المظاهر الواضحة لتأثير الفن العراقي، وبخاصة الموّال في تجربتي الشعرية هذه الخصائص: طول الجملة الشعرية. طول العناوين. طول النص الشعري. وتلك أشياء لا يمكن لأي محلل أو ناقد أن يتجاوزها. وفي المضامين سيتبين بشكل لا يحتاج إلى دليل أن التجارب الحزينة والتراجيديا هي الخيط الذي ينتظم نصوص مجموعاتي! وأود أن أشير إلى قصيدة طويلة نشرتها في ديوان مستقل بعنوان: «توثيق عهد بانتصار من أجل تاج الأنبياء»، اعترضت فيها على تردي سعدي يوسف شعريًّا وموضوعيًّا ولغة واهتمامًا. هذه القصيدة تسجل بجلاء خلاصة انتمائي الفني والشعري للتجربة العراقية.