طرابلس.. باب البحر، باب الريح

1

ماءٌ قريب وهوًى قديم

طرابلس ترفع مراسي زوارقها خلسة

شفيفٌ شبقها

ماكرٌ غسقها

ثريّةٌ بساتينها

هي تعرف حصباءها واحدة واحدة

هي حيث تركتها الأناشيد

آن استدار الصيف على ساقيتها

ونثر ظلاله في الوادي

2

وحده الغريب، كان بلا قمر

وحده الغريب، يعرف سرّ الوردة

وحده الغريب، يقينه ينهض من رماد

وحده الغريب، جامع حصى

وحده الغريب، نقّار ظلمات

وحده الغريب، تجترُّ فوق أريكته معزة الوقت

وحده الغريب، يحمله اللامكان

3

في عشيّاتها أغربل العمر من تفاصيل الأشياء

في عشيّاتها أغربل الأشياء من رمال الشط

من جبال أكاكوس جاءت إلى بابين:

باب البحر وباب الريح.

4

الصمتُ واحدٌ هنا وهناك

مثلما السماء واحدةٌ هنا وهناك

مثلما السراب في الأفق يرفع راياته للرحّل العميان

مثلما تقلّبُ الأغنية أحزانها على صهْد المكان أو صقيعه

مثلما تؤانس اليدُ يدها الأخرى

مثلما الشهقة تقف وحيدة في بيداء الروح

مثلما يترجّل الحلمُ من على كتفَيِ الغريبِ

مثلما يرحلُ الوقتُ مع خيول الليل.

5

قالت لي امرأة من طرابلس وهي تبتسم:

منذ أنْ جئتُ هذا المكان من درنة وأنا أحمل قنديلي

ليس لأن الطرقات مظلمة، أو أنّ اللصوص والسكارى وراء كلّ منعطف وحانة

لا، بل من وحشة القمر وهذي السماء

ونظرتْ إلى أعلى.

6

الأرض تئنّ من أوجاعها

في طرابلس

عليك أن تخلع نعليك

عليك أن تتدبّر أمرك

ظهور الناس محنيّة

وعيونهم لا ترى نخلًا على كثبان قريبة

ريحٌ تأتي

من جهة القلعة

من بقايا محجر قديم، تقطّعت أطرافه

وسكتت في قلبه همهمات الرجال

الفمُ فمُ عنكبوت

الأرجلُ أرجلُ عنكبوت

لكنّ الخوف نبت في أغاني الرجال

واندسّ في الأزقّة والساحات

7

ثلاثة صفوف من بيوت منهكة

لا دخان موقد يخرج منها ولا أصوات بشر

بيوت وراءها جبال متجاورة

سقوفها تلمع تحت شمس قاسية

من النافذة لمحتهم الفرسان بقبعات البحارة الإسبان

كانوا ثلاثة ثم أربعة

هذا الصباح صاروا خمسة

في طرابلس الفرسان يتكاثرون

كالسحالي في الصحراء الليبية

8

مطرٌ ينسكب على زجاج المقهى

ما تاريخك يا مطرُ؟

هل رافقك الفنكُ آن رفع الحطّاب يده إلى طائر في السماء؟

هل سمعت صوت المرشدة السياحية تدق حجرًا على حجر؟

قالت لي:

إن قابلك فنكٌ، لا تجزع

لا تنبطح ولا تولِّ الدبر

ارفع رأسك عاليًا، كأنّك ملك

وخذ حجرين، اطرق أحدهما بالآخر.

الفنك يخاف صوتًا لا يعرف معناه

وحده الإنسان يصنع أصواتًا لا يعرف معناها

9

السحب الرمادية تنزل متمهّلة على باب الجديد

تمدّ أيديها إلى جيوب العاطلين الواقفين على الشطّ

تقترب من وجه المرأة الشاحب

تزيح قليلًا ضفيرتها

تفتح مكانًا للريح

أهذا عطركِ؟

مِن أين قطف رائحة الزعتر البرّي؟

هو يعلم إذن نقيصة الماء وخديعة اليقطين؟!

لا تشغل بالك بما تبقّى من ورق شجر

نقرته النوارس المهاجرة

وقذفت به قوارب الصيادين

10

ليومين كاملين على الشاطئ

يمرّ الدراجون

يمرّ العداؤون

يمرّ عمال منجم الفحم

يمرّ المتسكعون

يمرّ الحشاشون

يمرّ بائعو الويسكي

يمرّ الحرس الجماهيري

يمرّ قطيع الذئاب

ويمرّ الشاعر المنفي

11

رويدك يا عازف الدفّ

دعني أهب نفسي هذه الأغنية

صاحبي قد مات ودفن في مدريد البارحة

رويدك يا عازف الدفّ

الليل هنا موحش وطويل

دعني ألملم صهد صحرائي قليلًا قليلًا

أرقصُ على قدم واحدة في مفازة التائهين

لن أخذلك يا عازف الدفّ

سأجعل يميني تسبق يسراي

لا أحد هنا يفتح لي الباب

مرّر الكأس إذن!

رويدك يا عازف الدفّ

ما زال في الليل بعض شجن

رويدكِ يا عين، لا تبكي محمدًا

12

مطرٌ ينسكب على زجاج المقهى

يدُ طفلة تلوّح من أمام المتجر الكبير

سائحان بعد تيههما يركضان خببًا

ويح قلبي!

لا مآرب لي في عصاي واسمي سرقه اللصوص

كيف إذن أتخفّفُ من شجاي؟

كيف أدوّر بين نفسي وكأسي أغنيتي الوحيدة؟

كيف لي ولهم طيّ موج بحرها على نهار كئيب؟

سأجرب تغريدة الخضير

سأرفع صوتي عاليًا في السوق ظهيرة الجمعة

سأمهل الياسمين حتى الفجر

سأرتّب على علّية المقام الحزين أركان دين قديم

سأدفع الماء رقراقًا إلى خاصرتها

وأدوّن في سجلات الحكومة ضحكتي

13

المدينة ذات المآذن العالية ليست بعيدة

سورها الوحيد نهشته النمال النهمة

في آخر النهار يؤوب إليها طائر الساقين النحيلتين

ليس سهلًا معرفة الداخلين كلّ صباح

ليس سهلًا معرفة نوايا اللصوص من عيونهم

المدينة اتخذت الجبل متّكأً لها

لا تعطيه أسرارها

ولا تنصت لشجنه الطويل في الشتاء

المدينة الواقفة على وجعها

تفتح أبوابها عند كلّ مغيب

للمهاجر والسارق والمريد

أشجار التوت الرفيعة

خبيرة بعادات سكّانها

تفوح بعبق كلّ طائر وريح

14

طرابلس قوس لأحبابها وبعض قوس للغرباء

هي نهد ماء للمجانين وهي دنان خمر للحرس

هي دائرة تكبر وتصغر كلما تقلّب الملك على جنبيه

مدينة لا يدخلها سارق مشمش ولا حامل غربال

الطرق إليها حبال معلّقة، كأنها قرون استشعار

تعلو إذا شاءت لمن شاءت

وتقترب إذا شاءت لمن شاءت

سماؤها رمّان منثور

رملها له على كلّ كثيب

سرير تنام عليه كائنات الليل

مدينة فيها لكل حجر لسان

15

ماذا ترى يا رجلُ؟

أرى غيمًا كثيفًا وطائرًا يعلو وينزل

وماذا ترى أيضًا؟

عجاجًا قديمًا، صيّادين يصعدون هضبةً بعيدةً

ما الوقت عندك يا رجلُ؟

لم أعدْ أحمل معي وقتًا، لا فائدة.

الليلة لا طريق للسفينة

لقد خطفها جنون قبيلة من سكرتها

البحّارة نائمون والريح تهدرُ في أعلى القلعة

أقوى وأصغر البحّارة، علّق الحوتَ على صاري السفينة

قال: هكذا تكون الأمور

بيداء كراهية

بيداء خسران عظيم

بيداء نهار يطول ونهار يقصر

16

في أول الزقاق، حجر كبير

على الحجر وجه بعينين كبيرتين وجبهة عريضة

تحت الوجه حروف أعجمية وقوس ونشاب

في طرف النشّاب حمرة شديدة

كأنه دم مسكوب

أو حمرة جبل ككلة

يتدلّى من القوس

قرن خرّوب أو ثمرة بلّوط ناضج

البشر الذين يمرون على الحجر

يضعون على صدره بعض غبار

لكنه يحلم بيوم

يتقلّبه على جنبيه بين

نهدَيِ امرأة

أو

إصبعي عاشق ولهان

يحكّان له بطنه،

يتركان

فوقه زفرة

أو وردة برّية

17

في واضحة النهار نرى المنحدر من أعلى الجبل

الرجال والنساء العليمون به، لا يصعدون أو ينزلون إلا نهارًا

أمّا غيرهم، فنراهم في البلدة يأكلون اللحم المقدَّد بالفلفل المشبع بالدهن

يسيرون فرادى أو جماعات في وسط المدينة

يمرحون ويرقصون مخمورين

ثم يأخذون سبيلهم إلى المنحدر

يغيبون تمامًا

18

في الثامن من يونيو، عام 2017

بمنتصف الصيف الأبيض

الماء في سكينته،

نورس حطّ وطار

لا تجاعيد على وجهه ولا نأمة

الغرباء واقفون،

أراهم من نافذتي أصابعَ حلوى

وجوههم قبالة الماء والجبل

يقيسون كم ذاب اليوم من حزن

يتساءلون: متى تظهر غرانيق الصيف؟

ليس الجبل العالي

ليست البيوت التي بناها العابرون على رمل هشّ

نوافذ عين الطائر،

لا قطط ولا دجاج

فضاء نحيل خالٍ من أصوات الكائنات

19

لم أرَ في حياتي شمسًا خجولة كشمس طرابلس

20

لقد نزل الفرسان من الجبل

نزلت المرأتان

نزلت الماعزة المنتفخة البطن

ونزل صيادو الطرائد

خلت الساحة وأقفل المقهى أبوابه

وحيدًا أمشي شظايا حياة

يا لهفي على نفسي!

صمت مطبق

ليلٌ يتدحرج من ذاك السفح البعيد

اخلعْ نعليك إنك بطرابلس

21

أمامي:

بيوت واطئة حزينة الأسقف

حمراء، صفراء، زرقاء، ورمادية

طريق ضيق مترب ومحصب

سيارات تلمع بضوء الشمس مغبرّة بتعب المسافرين

بخرٌ خؤون، تجاعيده عيون أسماك براقة

ضفتاه صخور نحتتها الريح الشمالية

وحده القمر في سماء طرابلس

وحدها الشمس في صحن بيتها منتصف الليل

22

طرابلس ترتدي جلباب الصباح ضاحكة

تلتفت يمينًا وشمالًا

علّها ترى أطفالًا في الأزقة

علّها ترى الطائر أحمر صدير

علّها ترى وجهها المتبدّل في المرايا

طرابلس لها في كلّ ظلٍّ وقت

وفي كلّ فصل أغنية

طرابلس أقصى ما يصلُ إليه

شجا بحّار.

23

أهذا وردٌ على شفة الحجر أم نار؟!

نقيع التمر سيّال على حجر

نقيع التمر سيّال على قلبي

فلا أدري أيّ وجهة أمضي

ولا أيّ لحنٍ يغني الطائر

سألتُ الحجر:

هل يتورّم الحجر؟

الإبل حطّت أخفافها هونًا على صدري

والناس راودوا هوسي على رمل

صامتة كعتبات حجريّة منهكة

صامتة كعتبات حجريّة منهكة

تضرب الريح صدري

الشاعر التشيلي: بابلو نيرودا 1903- 1973م

بين الظلّ والفضاء، بين اللُّجم والعذارى،

عطيةُ قلبٍ وحيدٍ وأحلامٌ قاتلة، متهور شاحب، مغضّن الجبهة

وفي الحِداد أرملٌ غاضبٌ كلّ أيام حياتي،

آه، مع كلّ جرعة ماء لا مرئي أشربها نعسان

ومع كلّ صوت آخذه، أرتعش،

أُحسُّ ذات العطش المفقود وذات الحمى الباردة،

أُذنٌ تولدُ، قلق خفيّ،

كأن لصوصًا على وصول، أو أشباحًا،

داخل محارة طويلة عميقة مجوّفة،

كنادل ذليل، كجرس بحّ قليلًا،

كمرآة قديمة، كرائحة بيت مهجور

يرجع إليه الضيوف ليلًا مخمورين،

ثمّة روائح ملابس ملقاة على الأرض،

وأزهار غائبة

-أو ربما أقلّ كآبة-

الحقيقة، فجأة، تضرب الريح صدري،

الليالي الكالحة تغمر غرفة نومي،

جلبة نهار يحترق لقربان يبحث عن العرّاف بداخلي، كآبة حاضرة

قرع أشياء تنادي بلا ردّ

حركة لا تهدأ، واسمٌ عَكر.

الشعر

الشاعر اليوناني: أناستاسيس فيستونايتس: 1952م.

القصيدة لا تشبه أوراقًا

كنستها الريح في الشوارع.

ليست بحرًا ساكنًا،

قاربًا مربوطًا.

ليست سماءً زرقاء

وطقسًا صافيًا.

القصيدة شوكةٌ

في قلب العالم.

سكينٌ لامعٌ

مغروسٌ مباشرةً في المدن.

القصيدة كَرْبٌ،

قطعة معدن لامعة،

جليدٌ، جرحٌ غامقٌ.

القصيدة صلبةٌ،

ماسٌ متعدّد الأسطح.

متينٌ – رخامٌ منحوت.

سيّالٌ – نهر آسيوي.

القصيدة ليست صوتًا،

عبور طائرٍ.

إنها طلقةٌ

في الأفق والتاريخ.

القصيدة ليست وردة تذبل.

أنها ألمٌ محنّط.

فن الشعر

الشاعر الأميركي: أرشيبالد ماكليش 1917- 1982م

على القصيدة أن تكون محسوسة وصمّاء

كفاكهةٍ مكوّرة،

بكماء

كالأنواط القديمة لإصبع الإبهام،

صامتة كعتبات حجريّة منهكة

لنافذة نمت عليها الأشنات.

على القصيدة أن تكون بلا كلمات

كتحليق الطيور

٭

على القصيدة أن تكون ساكنة في وقتها

كما يصعد القمر،

طارحة، كما يطلقُ القمرُ

الأشجار حبيسة الليل عودًا عودًا،

طارحة، كما يختبئ القمر خلف أوراق الشتاء

ذكرى وراء ذكرى- العقل

على القصيدة أن تكون ساكنة في وقتها

كما يصعد القمر

٭

على القصيدة أن تكون مساوية لـ:

غير حقيقي.

لكلّ تاريخ الأسى

ممرٌّ فارغٌ وورقةُ شجرةِ قيقب.      
للحبّ

اتّكاءةُ عشب وفناران فوق البحر.

ليس على القصيدة أن تعني

بل أن تكون.

نصوص

نصوص

المصيدة الحجرية

الكثبان الرملية بنات الريح الجنوبية

بيتُ العناكب صغير على سفينة النجاة

الوادي رشيقٌ كمتسلِّقِ نخيل

الراقص يسأل الناس عن إيقاعه المسروق

قدور البدو شحيحة ورمادهم لم يبرد بعد

بلا سهام مسمومة

بلا صيحات المعارك

يخرج الفارس إلى الميدان

وحده القاتل والقتيل

اقتربي أكثر أيَّتها العِيسُ العَطْشَى

هذه قلادتك على البئر

وهذه ضحكات الجِنّ على كتف الريح

السِّرُّ في فم المصيدة

الجنَّةُ في حوضها الكبير

مُدَّ يديكَ ونَمْ على حكاية الغريب

لقد دخلتِ الأنعام في المصيدة الحجرية

اقلبْ ما شئت ينقلب

نصوص-٢أجل! هذا هو الحال حتى الساعة:

اقلب المئذنة تَصِرْ بئرًا

اقلب الجبل يَصِرْ بحرًا

اقلب اليد تَصِرْ لصًّا

اقلب القدم تَصِرْ سجنًا

اقلب النار تَصِرْ سرابًا

اقلب النهر يَصِرْ طائرًا

اقلب الشجرة تَصِرْ حجرًا

اقلب الضحكة تَصِرْ حبلَ مشنقةٍ

اقلب القصيدة تَصِرْ حاكمًا يَقتُلُ ويُقتَل

اقلب السماء تَصِرْ ألواحَ أناشيد

اقلب الأرض تصر أرضًا أخرى

هل تنهضُ الدنيا بغير جناح

جناحٌ مُلْقًى على الأرض

جناحٌ تُدوّم به الريح

جناحٌ في أوّله ريشةٌ

وفي آخره شهقةٌ

في عين كلّ ريشة دواةُ حبر

وفي قلب كلّ دواة خطٌّ لا يُشبه غيره

الريشةُ مكحلةُ الفقراء

الدواةُ حافظةُ أسرار القنديل

الشهقة بلا أزرار

هل تنهض الدنيا بغير جناح؟!

مختارات من قصائد  التانكا اليابانية الحديثة

مختارات من قصائد التانكا اليابانية الحديثة

قصيدة التانكا، شكل من أشكال القصيدة اليابانية القصيرة، ظهرت منذ القرن الثامن الميلادي. قصيدة التانكا، تتكون من 31 مقطعًا صوتيًّا يابانيًّا:

7-7-5-7-5 من اليسار إلى اليمين. وقد تزيد أو تنقص قليلًا. وعادة ما يكون في منتصف التانكا (بين 5-7-5 و 7-7) كسر أو قطع بين الجزء العلوي والجزء السفلي سواء كان ذلك في المعنى أو الإيقاع أو الاثنين معًا. وفي العقود الثلاثة الأخيرة حازت قصيدة التانكا على شهرة كبيرة في كثير من اللغات.

هذه القصائد ترجمت عن الإنجليزية.

تيكّان يوسانو 1873-1935م

كأنك

تسألين القرمزيّ

لماذا أنت قرمزيّ؟

يا للغباء، كيف

تنتقدين علاقتي العاطفية؟

يوشيكو ميكاجيما 1886-1927م

في يومٍ واحدٍ

أتّحدُ مع طفلتي

أُصلحُ الطيّات المفتوحة

لكيمونها

وهي ترتديه

ساموي ميكاوا 1903-1990م

أذهبُ في رحلة

بيْد أنّ الألم باقٍ

يا جبالُ

يا حقولُ وأنتم جميعكم

امضوا بعيدًا! تلاشوا!

أكيكو يوسانو 1878-1942م

النجومُ

في ليلِ الشتاء أنت

لا أقول نجمة واحدة فقط

كلّها أنت

يوشيمي كوندو 1913-2006م

برشاقةِ

السديم يحيطُ بك

حركةٌ

باذخةٌ من

سيمفونية تخطرُ على بالي

كونيو تاكاياسو 1913-1984م

لا بدّ أنّ

الطفل نائمٌ بجانب أمه

فوق الحقول

القمرُ أزرق

عائدٌ أنا إلى البيت

فوميكو ناكاجو 1922-1954م

تلك الهضاب

تُشبهُ تزيي المفقودين

في الشتاء

ستكون مبرقشةً

بالأزهار الذابلة

تورو مائيدا 1914-1984م

وهو يتلقّى

الماء المقدّس، الطفلُ

يرتعش

ويحدّقُ فيَّ

لا أقدرُ على المضيّ أكثر

ميوكو غوتو 1898-1978م

بين

الأزهار، وجهُ طِفلي

الميت

شديد البرودة، يمكنني

الاحتفاظ بهذه البرودة مدى الحياة

نوبو أونو 1914-1984م

بمِمْطراتٍ

نسوةٌ ينتظرن

عند المحطّة

في المساء، ثلجٌ خفيفٌ

قد يغلّفهنّ

هيروهيكو أوكانو 1924-

كل ّواحدٍ منا

حافظةٌ أسًى

رأسي يتدلى إلى أسفل، وعقلي

هائمٌ في قطار اللّيل

فومي ساييتو 1909-2002م

عندما تضاء

من جهة الموت

أكيد الحياة تسطع

حمراء براقة

بكلّ قوّتها

يوكو ناغاي 1951-2000م

ربّما ليس

الحزن الذي أُحسّ به

في حُبّ أحدٍ ما، إنّما

أعواد الخيزران المتشابكة تخشخش خفيضة

كلّ ليلة، ليلةٍ بعد ليلةٍ

ماساكو تسويجي 1920-2006م

أدحرجُ

بيضةً في الضّوء

على الطاولة

وألعب

لا تلمسني

هيديوكي كوناكا 1937-2001م

اعتقدتُ

أنّي لمستُ قطعة ثلجٍ

ثم استيقظت

هل اختارني

الله لأمرض؟

إي أكيتسو 1950-

لو كنتِ

ستلدين

أنجبي العالم

في الغابات اليافعة

الخضراء المليئة بالبراعم

هوداي يامازاكي 1914-1985م

مرّة واحدة فقط

كانت لي قصة حب حقيقية

التوتُ

يعلمُ

بذلك

سومي كون نو 1952-

شهر مايو ذاك

إلى ضوء الشمس الأخضر

أُسقِطْتُ،

حياةٌ سقطت

من أمّي

نوريو توكيتا 1946-

حمّلنا

ألف قرعة

أنا وزوجتي

فوق المقطورة، رجعتُ

عبر الحقول مبلولًا بالضباب

ماتشي تاوارا 1962-

صقيعٌ، أليس كذلك

أسألك وتجيب

صقيعٌ، أليس كذلك؟

أنا دَفِئةٌ بكَ

إي تايا 1917-2013م

الحُبّ

شيء منفردٌ

أرى

شخصين يلعبان

على شاطئ البحر

هيروشي إشيدا 1930-2011م

وحيدًا في حانة

في مساء ربيعي،

أرتشف ساكيَ

آمل أن يأتي أحدٌ

لا، لا أريدُ أحدًا

كازوكو أوتاكي 1958-

أخطو في

صندل أزرق

أقفُ

أشعر بالزهو

كأنّي خَلقتُ مجرّة

هيروشي يوشيكاوا 1969-

شخصٌ سوف يموت

وهو يفكّر بالموت

زهور الباذنجان

متفتّحة

في سكينة ضوء الشمس

يوكو كاوانو 1946-2010م

إنْ متُّ الآن

حان عامي الأخير

طيور البوبشير

تُشكّل خطًّا

في الشمس الغاربة