صديقي يلعب دور العدو بجواري

صديقي يلعب دور العدو بجواري

كرهتُه، لقد دمَّر حياتي، في البداية عمد إلى الانتقاد، ثم الافتراء، حتى إنه اخترع مؤامرة ولفَّق الأدلة ليصنفني وحشًا، وللأسف نجح في مسعاه، فقد صدَّق الناس، لسذاجتهم، ذلك الهراء، بصرف النظر عن أن المحكمة لن تقتنع بأية من تلك الأدلة المزعومة. لقد دمَّر حياتي، فحاولتُ الانتحار، وبدلًا من الموت، شعرتُ بشيء على رأسي، فخلعته، لأجده خوذة مستقبلية، وأدرك أن الأمر كان برمته مجرد لعبة، وأن صديقي يلعب دور العدو بجواري.

* * *

البارحة بلغ آدم أوغوريك الثلاثين، ولديه سببان للاحتفال. تسألون: لماذا؟ لأنه انتهى كذلك من العمل على آلة السفر عبر الزمن، وفي اليوم التالي الذي قفز فيه عشر سنوات إلى المستقبل، رأى برنامجًا يخصص حلقته لذكرى وفاة عالم اخترع آلة السفر عبر الزمن، وأدرك أن ذلك العبقري توفي بسبب نوبة قلبية أصابته بعد وقت قصير من اكتمال اختراعه.

شعر آدم بضيق نفسه وألم شديد في صدره، فزحف إلى الآلة بأقصى جهده ليعود إلى عصره، غير أنه خرج منها وسقط على الأرض ميتًا.

* * *

استيقظنا جميعًا من السبات، ولو كان آباؤنا وأمهاتنا على قيد الحياة لأصبحت أعمارهم خمس مئة عام، وكذلك زوجتي، إلا أنهم جميعًا متوفون.

تشوش الدموع رؤيتي للحاويات الزجاجية.

ولكن، هل سيظلون هُم، كما عرفتهم؟ لقد نُسخت ذكرياتهم وشبكاتهم العصبية على الأقراص، وعندما يستنسخونهم سيبدو وكأنهم بُعثوا من جديد، إلا أنهم لن يعرفوا بذلك، بل ستُحمَّل فيهم ذكرياتهم الاصطناعية، وهذا كل ما يمكن فعله، ذاك أن السفينة لم تتسع للجميع، بل للنخبة فقط، ولعلِّي أحد…

* * *

يا لها من بلاد! تفرِّخ الإرهابيين، لا أكثر! بدأت القنابل انفجارات لا حصر لها. أطلقت الطائرات من دون طيار النار والقذائف على الناجين. صاح الرئيس الفخور بصوت أشبه بالرعد: النصر لنا! لقد انتصرنا! وفخر لكونه القوة العالمية العصية على الهزيمة. اغتصب الجنود النساء العزل، لا بأس، سيُقتلن على أية حال. كما عذبوا الأبرياء. نطلب الأدلة؟ علامَ؟ فالجميع إرهابيون. نزف الجرحى ممن فقدوا أطرافهم لساعات. حُرِق المواليد الجدد أحياءً.. فقد قُصفت المستشفى خطأً. مئات من الأيتام، بل آلاف منهم، سيقضون جوعًا. وامتلأت الشوارع بالجثث، إلا أن الأهم في هذا كله، هو أننا انتصرنا!