الآثار في السعودية… منذ أول بعثة أجنبية للتنقيب إلى قائمة التراث العالمي

الآثار في السعودية… منذ أول بعثة أجنبية للتنقيب إلى قائمة التراث العالمي

بدأت أنشطة البعثات الأثرية الأجنبية على أرض المملكة العربية السعودية في أوائل الخمسينيات من القرن العشرين، وكان لشركة أرامكو -في ذلك الوقت- دور ملحوظ من خلال بحوثها الجيولوجية للتنقيب عن النفط ومد الأنابيب، حيث سعى العاملون الأجانب بالشركة، مع من انضم إليهم من المهتمين بالآثار، إلى البحث والتنقيب وتسجيل وتوثيق الآثار التي وجدوها، فكانت البعثة الرسمية الأولى هي البعثة البلجيكية التي كان يرأسها المستشرقان ريكمانس، وفيليب ليبنز، ورافقهما فيها المستشرق البريطاني جون فيلبي الذي اشتهر باسم «عبدالله فيلبي».

أسهمت هذه البعثة في الكشف عن عدد من المواقع الأثرية في جنوب غرب المملكة ما بين عامي 1951-1952م، وتمكنت من اكتشاف وتسجيل وتصوير العديد من النقوش والرسوم الصخرية في تلك المنطقة. تلتها البعثة الدنماركية، بإشراف الجيولوجي جفري بيبي، وقد امتدت مسوحاتها إلى مناطق واسعة في المملكة؛ من موقع «ثاج» بالمنطقة الشرقية إلى موقع «الفاو» في وادي الدواسر بالمنطقة الوسطى. وخلال الأعوام من 1962م حتى عام 1967م أجرت البعثة الكندية التابعة لجامعة تورنتو، برئاسة فريدريك وينيت ومساعده ويليام ريد، أعمال تنقيب ومسوحات أثرية في شمال المملكة وشمالها الغربي. تلتها البعثة الإنجليزية من معهد الآثار بجامعة لندن بمشاركة بيتر بار وجون دايتون ولانكستر هاردينغ، وأجرت هي الأخرى مسوحات أثرية في شمال غرب المملكة.

وعلى الرغم من أن البعثات الأجنبية كانت قليلة في تلك المرحلة، فإنها كانت حجر الأساس في كثير من الكشوفات الأثرية التي سُجلت في دائرة الآثار لاحقًا، وبعضها أُدرجت في قوائم التراث العالمي باليونسكو. ومع توسع عمليات التنقيب للبعثات الأجنبية، كانت هناك بعض الجهود المحلية التي قام بها المختصون السعوديون الموجودون آنذاك، والذين سعوا بكل ما يحملون من علم ومعرفة لإرساء أسس البحث الأثري السعودي. وكان الدكتور عبدالرحمن الطيب الأنصاري، والدكتور سعد الراشد، والدكتور أحمد الزيلعي في طليعة هؤلاء المتخصصين في مجال الآثار. وقد عمل الدكتور الأنصاري على تطوير الدراسات الأثرية في جامعة الملك سعود، وإنشاء جمعية التاريخ والآثار التي شجعت الطلبة على دراسة تاريخ الجزيرة العربية، ونشر الوعي بثقافة الآثار بينهم، ودفع المهتمين منهم لإكمال تعليمهم العالي في هذا المجال الجديد. ومن أهم البعثات التي قام بها الدكتور الأنصاري رحلة التنقيب عن الحفريات الأثرية في قرية «الفاو».

البداية الفعلية للعناية بالآثار

حتى منتصف الستينيات تقريبًا، لم تكن هناك جهة رسمية في المملكة مختصة بالآثار، وكانت وزارة الداخلية هي الجهة الرسمية التي تلجأ لها أجهزة الدولة وكذلك الأفراد؛ للحصول على التراخيص اللازمة لزيارة المواقع الأثرية التي لم تكن إدارات المناطق تسمح بالتجول فيها دون إذن رسمي. وفي عام 1964م صدر الأمر السامي بإنشاء إدارة خاصة بالآثار والمتاحف تتبع وزارة المعارف. وقد مرت هذه الإدارة بالعديد من التطورات: تحولت إلى مديرية عامة للآثار، ثم وكالة مساعدة، ثم تحولت إلى وكالة الآثار. وتعد بداية السبعينيات الميلادية البداية الفعلية للعناية بقطاع الآثار في المملكة، فقد صدر مرسوم ملكي في عام 1972م بتأسيس المجلس الأعلى للآثار، وكان يهدف إلى جمع الخبرات اللازمة تحت مظلة واحدة لتحقق وكالة الآثار الأهداف التي أنشئت من أجلها. وقد صدرت النسخة الأولى من نظام الآثار في العام نفسه 1972م، ومع أن هذا النظام الذي اشتمل حينها على عدد من المواد المتعلقة بالآثار الثابتة أو المنقولة داخل المملكة جاء بسيطًا في مواده، إلا أنه كان خطوة أساسية لتنظيم الجهود المتعلقة بتطوير هذا القطاع، وإصدار القرارات التي تسهم في تحسين عمله، والتوسع في أعمال المسح الأثري التي شملت معظم مناطق المملكة مع بداية خطة التنمية الخمسية عام 1975م.

مراحل تطوير قطاع الآثار

في عام 2003م صدر الأمر السامي بنقل مهام وكالة الآثار إلى الهيئة العليا للسياحة، ثم تغير اسم الهيئة في عام 2008م ليستوعب الأنشطة المتعلقة بالآثار، فأصبح اسمها الهيئة العامة للسياحة والآثار. وبعد إصدار نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني الجديد في عام 2014م؛ تغير اسمها إلى الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني. وقد عاصرت تلك المرحلة في أثناء عملي في إدارة الإعلام السياحي بالهيئة لنحو ثلاثة عشر عامًا، أعددتُ وأسهمت مع فريق العمل في إعداد عشرات الكتب والكتيبات ومئات التقارير الصحفية التي أصبحت مرجعًا لعدد كبير من الكتَّاب المهتمين بالآثار والمشتغلين بالإعلام السياحي؛ لكونها صادرة عن الهيئة كجهة اختصاص رسمية. وقد ظلت الهيئة تعمل على تنمية وتطوير قطاع الآثار إلى أن تحولت إلى وزارة للسياحة، وانتقل القطاع كاملًا إلى هيئة التراث في وزارة الثقافة عام 2020م، لتواصل هيئة التراث جهودها في تطوير القطاع، وتوسيع نطاق البحث والتنقيب من خلال الفرق العلمية المحلية والدولية التي بلغت في بعض الأعوام 40 فريقًا يضم إلى جانب العلماء السعوديين مجموعات من كبار العلماء المنتمين لأكثر من عشر دول، وعشرات الجامعات والجهات المعنية بالآثار حول العالم.

وقد كشفت نتائج المسوحات والتنقيبات الأثرية -التي شهدت توسعًا ملحوظًا في الأعوام الماضية- عن مكونات العمق الحضاري للجزيرة العربية، وتعاقب الحضارات التي عاشت وتكونت على أرضها، وطبيعة اتصالها بالحضارات المجاورة التي عاصرتها خلال حركة التجارة القديمة وطرقها الممتدة، والمدن التي نشأت عليها، ودلائل العلاقات التجارية التي ربطت الشرق بالغرب والشمال بالجنوب. وكانت نتيجة التوسع الكبير الذي قامت به المملكة في مجال الآثار: حصر وتسجيل (8176) موقعًا تشمل كل المراحل والفترات الحضارية والتاريخية التي شهدتها مختلف المناطق السعودية التي تمثل الجزء الأكبر من مساحة الجزيرة العربية. ويعد تأسيس السجل الوطني للآثار من أهم الإنجازات التي أسهمت بشكل كبير في توثيق المواقع الأثرية السعودية الثابتة، وكذلك الآثار المنقولة، حيث استثمرت هيئة التراث معطيات التقنية الرقمية الحديثة لحفظ التراث الأثري، وإدارته بأساليب علمية متطورة من خلال التحول الكامل إلى البيئة الرقمية في تسجيل وتوثيق وإدارة المواقع الأثرية والتاريخية.

مواقع التراث العالمي

إن تسجيل التراث الإنساني للأمم يختزن في جوهره اعترافًا ضمنيًّا بإسهامات شعوب تلك الأمم في مسيرة الحضارات البشرية عبر العصور. وهو إلى جانب المكاسب الحضارية الكبيرة التي ينطوي عليها يعني أن تلك المواقع الأثرية والتاريخية ترقى لأن تكون تراثًا إنسانيًّا عالميًّا يتوجب تسجيله، وحمايته، والمحافظة عليه. وعلى الرغم من أن رحلة التنقيب عن الآثار في المملكة العربية السعودية بدأت أوائل الخمسينيات من القرن العشرين، فإن رحلتها لتسجيل تراثها الوطني في قوائم التراث العالمي باليونسكو لم تبدأ عمليًّا إلا في 19/7/1427هـ الموافق 13/8/2006م، مع صدور الأمر السامي بالموافقة على تسجيل ثلاثة مواقع سعودية كمرحلة أولية، وهي: مدائن صالح، والدرعية التاريخية، وجدة التاريخية. وقُدِّم الملف الخاص بترشيح «مدائن صالح» كأول موقع سعودي يُرشَّحُ للتسجيل في 11/1/1428هـ، ثم توالت جهود المملكة في هذا الجانب حتى سجلت ستة مواقع منها ثلاثة مواقع أثرية هي: «مدائن صالح بمنطقة المدينة المنورة، والرسوم الصخرية بمنطقة حائل، وموقع حِمى الأثري بمنطقة نجران»، وثلاثة مواقع تاريخية هي: «الدرعية التاريخية بمنطقة الرياض، وجدة التاريخية بالمنطقة الغربية، وواحة الأحساء بالمنطقة الشرقية».

الحِجر.. مدائن صالح

تقع مدينة «الحِجر» أو مدائن صالح؛ على بعد 22كم إلى الشمال الشرقي من محافظة العلا التابعة لمنطقة المدينة المنورة، عند دائرة عرض 4726 شمالًا، وخط طول 5337 شرقًا، وتحتل موقعًا إستراتيجيًّا على طريق التجارة القديم الذي يربط بين جنوب شبه الجزيرة العربية وبلاد الرافدين وبلاد الشام ومصر، ويتفرع طريق الحِجر القديم إلى فرعين: أحدهما يتجه شمالًا إلى (البتراء) -وهي العاصمة السياسية لدولة الأنباط- مرورًا بمنطقة تبوك شمال غرب المملكة، والفرع الآخر يتجه إلى بلاد الرافدين عبر مدينة تيماء، وهو ما أهَّل مدائن صالح قديمًا لتُصبح عاصمة اقتصادية لدولة الأنباط.

تحتوي المنطقة (851) موقعًا ثقافيًّا وطبيعيًّا وصفتها اليونسكو بأنها ذات قيمة استثنائية للتراث الإنساني، بالإضافة إلى أعداد هائلة من النقوش المعينية واللحيانية التي تحتاج لدراسة رموزها وفكها. وتعد مناطق العلا وديدان والخريبة من الآثار اللحيانية التي يعود أقدمها إلى 1700 ق.م، وقد سُكنت مدائن صالح من قِبل المعينيين والثموديين في الألفية الثالثة ق.م، ومن قَبْلهم سُكنت من اللحيانيين في القرن التاسع ق.م، وفي القرن الثاني ق.م احتل الأنباط المدينة، وأسقطوا دولة بني لحيان، واتخذوا من بيوتها معابد ومقابر لهم. ومن المعلوم أن الأنباط قد أسسوا مملكة ضخمة امتدت من عاصمتهم البتراء شمالًا إلى الحِجر أو مدائن صالح جنوبًا. ويرجع أقدم دليل يشير لوجود الأنباط فيها إلى القرن التاسع الميلادي، حيث كانت بداية نشأة مملكتهم في مدينة «سلع» المسماة حاليًّا «البتراء»، ولكنهم قرروا السيطرة على طريق التجارة القديم، فأسسوا عاصمتهم التجارية في مدائن صالح.

والأنباط هم شعب قديم استقر في شمال غرب الجزيرة العربية، وكانت لغتهم شكلًا من أشكال الآرامية المتأخرة، مما يظهر تأثرًا كبيرًا بالعربية. وقبل الإسلام بأكثر من سبع مئة سنة امتدت مملكة الأنباط من دمشق إلى البحر الأحمر، وفي عام 63م ضمتها روما، وحولها الإمبراطور تراجان إلى مقاطعة رومانية في عام 106م. وقد استطاع الأنباط توظيف مصادر المياه في المنطقة من خلال شبكة من الخنادق والقنوات والآبار التي لا يزال بعضها يستخدم إلى اليوم. وتُظهر آثار مدائن صالح دقة الأعمال الهندسية الرائعة التي اشتهروا بها. ومن الشواهد على ذلك وجود (131) قبرًا ضخمًا نُحتت كلها على الصخور المنفردة التي تبدو كجُزرٍ وسط بحر من الرمال.

تبلغ مساحة موقع الحِجر الأثري «16.21 كيلو مترًا مربعًا»، وتتوزع المقابر الأثرية الموجودة فيه إلى مجموعات، حيث توجد في الجهة الجنوبية مجموعة من المقابر تتكون من كتلتين صخريتين: الغربية: مقبرة تسمى «قصر الصانع» عليها نقش مؤرخ بشهر إبريل من السنة السابعة عشر من حكم الحارثة الرابع ملك الأنباط، والشرقية: تضم ست مقابر بسيطة في نحتها وليس لها واجهات. وتقع مجموعة مقابر المنطقة (ج) جنوب المنطقة السكنية، وهي تتكون من كتلتين صخريتين: الأولى: تضم 18 مقبرة تحمل واجهاتها عناصر زخرفية متنوعة، والثانية: تضم مقبرة واحدة.

أما مجموعة مقابر «قصر البنت» التي تقع غرب جبل إثلب، فهي تتكون من صخرتين: الأولى ضخمة وممتدة بشكل طولي من الشمال إلى الجنوب وتضم 29 مقبرة، والثانية: تقع إلى الشمال الغربي من الصخرة الأولى، وتضم مقبرتين في جهتها الشرقية.

وفي الشمال الغربي لـ«قصر البنت» تقع مجموعة مقابر جبل المحجر، وهي تتوزع على ثلاثة جبال أحدها جبل المحجر ويضم 14 مقبرة، بالإضافة إلى البئر النبطية المنحوتة في الصخر، بينما تقع منطقة الخريمات إلى الغرب من خط سكة حديد الحجاز في وسط الموقع، وتتميز بكثرة واجهات المقابر فيها؛ إذ يبلغ عددها 53 مقبرة موزعة على مجموعة من الكتل الصخرية التي تتميز بتنوع الواجهات وتعدد العناصر الزخرفية. وقد سُجّل الموقع كأول موقع أثري سعودي يُدرَج في قائمة التراث العالمي باليونسكو خلال اجتماع لجنة التراث العالمي التي انعقدت في مدينة كيبيك الكندية يوم الإثنين 4 رجب 1429هـ/ 7 يوليو 2008م.

الرسوم والنقوش الصخرية

تقع مواقع النقوش الصخرية في (جبة والشويمس) بمنطقة حائل؛ وهي من أهم وأكبر المواقع الأثرية في المملكة، حيث تمثل هذه النقوش أو الرسوم التي نُفّذت على الواجهات الصخرية عن طريق الحز والحفر الغائر؛ مظهرًا حضاريًّا عبّر من خلاله السكان المحليون منذ عصور ما قبل التاريخ، والعصور التاريخية التالية عن أنشطتهم المعيشية، وحياتهم اليومية، وممارساتهم الدينية، وتفاعلهم مع البيئة المحيطة. كما يعتبر الموقع متحفًا مفتوحًا يتميز بالتفرد، ليس فقط من حيث القيمة الأثرية والتاريخية، بل من حيث القيمة الفنية والجمالية أيضًا. وقد أكدت الدراسات الأثرية التي تناولت هذه الرسوم الصخرية أن معظمها يرجع إلى فترة العصر الحجري الحديث (أربعة عشر ألف سنة قبل الوقت الحاضر). وتصور هذه الرسوم أشكالًا آدمية في أنشطة مختلفة، كالاحتفالات الجماعية، أو الممارسات الدينية، أو المعارك الحربية والمبارزات الثنائية، وأنواعًا من الحيوانات التي كان يستخدمها الإنسان في الجزيرة العربية أو يصطادها، ومنها الأبقار الوحشية، والوعول، والغزلان، والنعام، والماعز الجبلي، والحيوانات الوحشية كالأسود والنمور وغيرها، بالإضافة إلى رسوم أخرى تعود إلى فترات تاريخية قبل الإسلام، وتكثر فيها صور الجِمال، ورسوم القبائل، ومناظر الغزو، ومبارزات الأفراد، وتجاورها أحيانًا كتابات بخط المسند الشمالي، وتتكون هذه المنطقة من موقعين هما: «جبة والشويمس».

موقع جبة: مدينة أثرية تقع على بُعد 100كم إلى الشمال الغربي من مدينة حائل في وسط صحراء النفود الكبير، وتبلغ مساحتها نحو 12500 كيلو متر مربع، وتتميز بكثرة الرسومات، وتنوع موضوعاتها التي تنتشر على الواجهات الصخرية، وتعود لفترات حضارية مختلفة يمكن تقسيمها إلى أربع فترات:

الفترة الأولى: عُرفت رسومها باسم (نمط جبة المبكر)، ويعود هذا النمط لأكثر مِن 10 آلاف عام، وأبرز رسوماتها لأشكال آدمية وحيوانية مكتملة ومرسومة بحجمها الطبيعي.

الفترة الثانية: عُرفت بالفترة الثمودية، ويعود هذا النمط إلى ما بين 1500 و 2500 عام، وتتميز تلك الفترة برسم الإنسان والحيوان، وبخاصة الجياد والجِمال، ومناظر صيد النعام، وبعض شجر النخيل، وعدد من النقوش الكتابية الثمودية.

الفترة الثالثة: عُرفت بالفترة العربية، وتميزت برسم الإنسان والوعول والخيول بأحجام تقل عن حجمها الطبيعي كثيرًا.

الفترة الرابعة، «والمكتشفة حديثًا»: هي آخر فترات الاستيطان القديم في تلك المنطقة، وتُعرف بـ«الفترة الإسلامية»، وقد تميزت بالكتابات الكوفية الإسلامية غير المُنقطة وغير الممدودة، وهي في مجملها آيات قرآنية، وأدعية، وأحد تلك الكتابات يرجع تاريخ كتابته لشهر رجب من عام 147هـ، وتنتشر الرسوم الصخرية في تلك المنطقة على عدد من الجبال أهمها جبل «أم سنمان» الذي نُقش عليه 5431 نقشًا ثموديًّا، و1944 رسمًا لحيوانات مختلفة منها 1378 رسمًا لجِمال بأحجام وأشكال مختلفة، و262 رسمًا للإنسان.

موقع الشويمس: هو الموقع الثاني من حيث كثرة الرسوم الصخرية في منطقة حائل، ويقع في الجنوب الغربي من مدينة حائل على بعد 290 كم، وإلى الغرب من قرية الشويمس الحالية بنحو 35 كم، وهو مرتفعات من الحجر الرملي قد نُقشت عليها لوحات فنية شديدة الدقة، والروعة، وتشمل رسومات لجماعات وأفراد، كما تشمل حيوانات كالكلاب، والحمير، والفهود، والأسود، والأبقار الوحشية، وتتميز النقوش الصخرية في موقع الشويمس عن غيرها من المواقع بالدقة في تنفيذ الرسم على الحجارة، ويُعتقد أن تلك الرسوم تعود لثلاث فترات مختلفة:

الفترة الأولى: فترة نهاية العصر الحجري ما بين 12 و14 ألف سنة، وتتميز رسوماتها للإنسان أو الحيوان أنها بالحجم الطبيعي، ويصل طول بعضها إلى 12 مترًا تقريبًا.

الفترة الثانية: الرسومات فيها شبيهة للفترة الأولى، والفارق هو ما يُسمى بطبقة العتق في الرسومات الأقل كثافة.

الفترة الثالثة: وهي الفترة الأحدث، تعود للفترة الثمودية، وقد تميزت برسوم طائر النعام والإبل، حيث يحتوي الجزء الشرقي لأحد الأودية في هذه المنطقة على لوحة من الإبل يعود تاريخها لفترة لاحقة من العصر الحجري الحديث، وكذلك يحتوي على نصوص كتابية ثمودية عبارة عن أسماء أشخاص، أو آلهة، أو عبارات تذكارية.

كما تتميز تلك المنطقة بالحرات البركانية، ويبلغ عددها 12 فوهة بركانية، وكذلك بالكهوف التي يبلغ عددها 10 كهوف، وتعد «حرة نار» من أكبر الحرات بالمنطقة، كما يُعد كهف «شعفان» من أكبر الكهوف الأثرية في المملكة، حيث يتجاوز طوله تقريبًا 1500 متر تحت الأرض، وعرضه يُراوِح ما بين 10 إلى 12 مترًا. ومن خلال الدراسات الميدانية التي شارك فيها باحثون سعوديون ودوليون؛ اكتُشِفت القيمة الاستثنائية العالمية لهذا الموقع الذي سُجِّلَ في قائمة التراث العالمي باليونسكو يوم الجمعة 16 رمضان 1436هـ الموافق 3 يوليو 2015م، في اجتماع لجنة التراث العالمي التاسع والثلاثين الذي انعقد في مدينة بون الألمانية.

الفنون الصخرية بموقع حِمى الأثري

تُعَدّ منطقة الفنون الصخرية في موقع حِمى الأثري بمنطقة نجران واحدة من أكبر مجمعات الفن الصخري في العالم. تقع على مساحة 557 كيلو مترًا مربعًا، وتضم 550 لوحة من الفن الصخري، وتحوي مئات الآلاف من النقوش والرسوم الصخرية، وعشرات الآلاف من النقوش الصخرية المكتوبة بالقلم الثمودي، والنبطي، والمسند الجنوبي، والسريانية، واليونانية، بالإضافة إلى النقوش العربية المبكرة (من فترة ما قبل الإسلام). ويرى عدد من الباحثين أنها تمثل بدايات الخط العربي الحديث. كما يمثل الموقع محطة مهمة على طرق القوافل القديمة وطرق التجارة التي كانت تعبر الأجزاء الجنوبية من الجزيرة العربية، ويُعتقد أنها كانت إحدى الأسواق الرئيسة في الجزيرة العربية القديمة، وتعتبر الآبار الموجودة فيها آخر نقطة لإمدادات الماء على طريق الشمال، والأولى بعد عبور الصحارى على طريق الجنوب.

وتشير نتائج الدراسات العلمية التي تناولت الموقع إلى أن الفنون والنقوش الصخرية التي يضمها تعد مصدرًا مهمًّا للتوثيق الكتابي والفني والتاريخي حتى الإثنوغرافي لأحداث التغير المناخي وتأثيرها في حيوات البشر، ويتضح ذلك من خلال البقايا الأثرية الشاسعة التي عُثر عليها في الموقع على شكل مذيلات، ومنشآت، ومقابر ركامية، وورش لتصنيع الأدوات الحجرية مثل الفؤوس، والمدقّات، ورؤوس السهام الحجرية، بالإضافة إلى الآبار القديمة التي تُستعمل حتى اليوم، وقد سُجّل الموقع في قائمة التراث العالمي باليونسكو خلال اجتماعات الدورة الرابعة والأربعين للجنة التراث العالمي التي انعقدت في مدينة فوزهو بجمهورية الصين الشعبية يوم 14 ذي الحجة 1442هـ/ 24 يوليو 2021م.


المراجع:

–  الآثار السعودية.. التوعية والحماية وإعادة الاعتبار/ الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني 2015م.

–  التراث العالمي بالمملكة العربية السعودية.. مواقع مسجلة وأخرى مرشحة للتسجيل/ الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني 2017م.

–  هيئة التراث/ قطاع الآثار/ المواقع السعودية المسجلة في قائمة التراث العالمي، 2020م.

الخط العربي في المخطوطات العربية والإسلامية قراءة في التحولات والجماليات

الخط العربي في المخطوطات العربية والإسلامية قراءة في التحولات والجماليات

في البدء؛ كانت قيمة الحرف مرهونة بدوره كجزء من أجزاء الكلمة، فلم يكن للحرف دور وظيفي فاعل إلا من خلال ربطه بحرف آخر أو بمجموعة أخرى من الحروف حتى يقدم لقارئه معنى أو وصفًا أو مدلولًا أو صورةً مجازيةً قادرةً على تحريك الخيال، ولكنه بعد أن مر بكثيرٍ من التجارب والتحولات وأصبح فنًّا مستقلًّا من فنون التعبير، صار قادرًا وحده على أن يكون وحدة بصرية منتجة للمعاني والصور والمدلولات والمجازات، لم يعد مجرد رسم ضمن كلمة من أدوات التعبير المكتوب عن القول المنطوق، ولا جزءًا من التعبير الذهني اللساني عن الفعل المتصل بالنشاط الإنساني المباشر في مختلف مجالات الحياة، فقد استطاع أن يتجاوز دوره الصوتي الشفاهي ليصبح فضاءً بصريًّا يكتنز كثيرًا من قيم الفن وجماليات الإبداع المحمَّل بالإشارات والتأويلات، ويصل إلى أقصى وظائفه كجزء محوري أصيل من بنية الهوية العربية والإسلامية، ليس فقط بالمفهوم الثقافي على اتساع مجالاته، بل بالمفهوم الحسيِّ والروحانيِّ والفكريِّ المنفتح على عوالم لا حدود لها من التأمل والتدبر والتبصر والتفكر، والذهاب إلى ما هو أبعد وأعمق من الإشارات المباشرة للنص المكتوب في مقابل القول الملفوظ.

وهكذا؛ اكتسب الخط العربي دورته الدلالية عبر مراحل زمنية مختلفة، ومن خلال تجارب إنسانية متعددة، واستمد قدرته على الربط بين الأبعاد اللسانية والبصرية لوظائف اللغة من كونية الرسالة السماوية التي نزلت بلسان عربي لكل الأمم والثقافات، حيث أتاح الفضاء البصري للخط العربي مجالات واسعة لاستخلاص المعاني الكامنة في الأبعاد السيميائية والجمالية للحروف بوصفها مشهدًا يجمع بين الحسي والمرئي لينقل المتلقي من مظهرية البصر إلى جوهرية البصيرة بحسب حركة الحرف في الكلمة، وحركة الكلمة في الجملة، وحركة الجملة في النص، فصار الخط كما قالت العرب: «لسان اليد، وبهجة الضمير، وسفير العقول، ووحي الفكرة، وسلاح المعرفة، وناقل الخبر، وحافظ الأثر».

بدايات التحول

في بدايات الإسلام؛ كان الخط العربي في إطاره اللغوي المحدد؛ أداة التوصيل التقليدية التي تقوم بدور الوسيط في تبليغ الرسالة التي نزلت بالعربية، ومن ثم كان استخدامها في نقل المعارف المتصلة بعلوم الدين والدنيا مرتبطًا بالإطار العام لذلك الغرض، ومع أن الخط العربي شهد مع ظهور الإسلام تحولًا تدريجيًّا من حيث الشكل والتوظيف، إلا أنه مع انتشار الإسلام خارج الجزيرة العربية، واتصال العرب والمسلمين بغيرهم من شعوب الأمم والحضارات الأخرى، شهد عددًا من التحولات الجذرية، وحقق مكتسبات أكثر وأوسع، ولعل أبرز هذه التحولات أو المكتسبات ما يتصل منها بالأبعاد الجمالية البصرية التي تختزن قدرًا كبيرًا من القيم الحسية والروحية، وقد بلغ الاهتمام بهذا الجانب ذروته في العهود الأموية والعباسية حتى جاوزت أنواع الخط العربي ما يزيد على ثمانين نوعًا في صورة من صور الترف الحضاري التي لم تتحقق لأي لغة أخرى في تاريخ الحضارات الإنسانية، وهو ما أشار إليه الدكتور راغب السرجاني بصيغة مغايرة، مؤكدًا «أن الخط لم ينل عند أمة من الأمم ذوات الحضارة ما ناله الخط العربي عند المسلمين من العناية به، والتفنن فيه، فخلال مدة وجيزة استطاع الفنان المسلم أن يجعل للكلمة وظيفة أخرى مرئية، إضافة إلى وظيفتها المسموعة». فكان الخط العربي بتعبير الدكتور مصطفى عبدالرحيم «الفن الوحيد الذي نشأ عربيًّا خالصًا، صافيًا نقيًّا، ولم يتأثر بمؤثرات أخرى».

وبالنظر إلى أسماء الخطوط التي وردت في مراجع الخط العربي والمصادر التاريخية والأدبية، سنجد أنها سُميت بأسماء ذات أغراض مختلفة ولكنها تلبي احتياجات محددة، فهناك خطوط سُميت بأسماء الأماكن والبلدان من مثل: المكي، المدني، البصري، الكوفي، البغدادي، العراقي، الشامي، المصري، الموصلي، اليمني، المغربي، الأندلسي، الفارسي، الكردي، الأصفهاني، وخطوط سُميت بأسماء الممالك مثل: العباسي، الفاطمي، المملوكي، وبعضها الآخر سُمي بأسماء الأشكال الهندسية والفنية، ونوعيات الورق، وخصائص الأقلام، وأعمال التجويد، وأساليب الكتابة، وطبائع الزخارف، وأصناف المواد، وكذلك بأسماء الأغراض والأعمال والمعاملات اليومية، والأكثر من ذلك أن الخط الواحد توالدت منه أشكال مختلفة تؤكد مدى الاهتمام بتنويع جمالياته وتعدد وظائفه، ولعل هذا الثراء الذي يتمتع به الخط العربي، هو ما جعل العرب يخصصون لكثير من أمور حياتهم خطًّا يميز وظيفته عن الآخر؛ بما يعكس قدرًا مدهشًا من الرفاهية الحضارية في علاقاتها الجمالية باستخدامات اللغة، كما يعكس في الوقت ذاته مدى ازدهار الخط العربي وطرائق تطويره، واتساع دوائر الاهتمام به، ليس فقط على مستوى الفنانين المشغولين بإبراز جمالياته، بل على مستوى الطبقات الحاكمة التي استثمرت هذا التنوع الجمالي، وسعت إلى توظيفه على أفضل نحو فخصصت خطًّا للقرآن الكريم، وخطًّا لكتابة الحديث الشريف، وخطًّا لكتابة العهود والبيعات، وخطًّا لمخاطبة الخلفاء والملوك، وخطًّا لمخاطبة الأمراء والقادة والقضاة، وخطًّا لرسائل الحمام الزاجل؛ وصولًا إلى تخصيص خط لمخاطبة النساء.

البناء والتجويد

تجاوز الخط العربي مسألة كونه أداة من الأدوات التعبيرية المباشرة؛ ليصبح حالة فنية تختزن في مدلولاتها أدق التفاصيل اللسانية والبصرية والحسية، كما أنه تحول مع الوقت إلى مشهد بصري مُلهم تُكتب فيه القصائد والمقالات، وتكثر فيه الأوصاف والأقوال، وكما أن لكلِّ فنٍّ قواعده البنائية التي تحكم عملية إتقانه وتجويده، كان للخط عند العرب أوصافه التي تحكم معايير التجويد فيه، ويقول محمد بن يحيى الصولي صاحب «أدب الكتَّاب» إن الخط يوصف بالجودة: «إذا اعتدلت أقسامه، وطالت ألفه ولامه، واستقامت سطوره، وضاهى صعوده حدوره، وتفتحت عيونه، ولم تشتبه راؤه ونونه، وأشرق قرطاسه، وأظلمت أنفاسه، ولم تختلف أجناسه، وأسرع إلى العيون تصوره، وإلى القلوب تثمره، وقدرت فصوله، وأدمجت أصوله، وتناسب دقيقه وجليله، وتساوت أطنابه، واستدارت أهدافه، وصغرت نواجزه، وانفتحت محاجره، وخرج عن نمط الورَّاقين، وبَعُدَ عن تصنُّع المحررين، وخُيِّل إليك أنه يتحرك وهو ساكن».

وهو هنا يفرِّق بين الخط كفنٍّ عربيٍّ خالص، والخط كحرفةٍ وظيفيةٍ لنقل المعرفة، فيشير إلى أن تحقيق الجودة الفنية والجمالية سيبقى مشروطًا بـ«الخروج عن نمط الورَّاقين، وتصنُّع المحررين». وقد رأينا في كثير من المخطوطات أن الإبداع في الخط العربي لدى الفنانين الحقيقيين بلغ حد الإعجاز في تصغير الحجم حتى تستوعب الصفحات أكبر قدر من الكلمات، فبدت كل صفحة كأنها لوحة فنية تسرُّ النظر، وفي المقابل رأينا الورَّاقين من أصحاب الصنعة يستخدمون خطوطًا تساعدهم على مطِّ الحروف لزيادة عدد الصفحات ومضاعفة أجور النسخ، وهذا من الشواهد الجلية التي نلمسها بوضوح في تراث المخطوطات العربية والإسلامية للتفريق بين الفن والصنعة، وفيما يتصل بالبُعد الجمالي الذي أشار إليه الصولي للتدليل على جودة الخط ولخَّصه في جملة «يُخيَّل إليك أنه يتحرك وهو ساكن». نجد أن صاحب «الفتوحات المكية» محيي الدين بن عربي، قد ذهب إلى أبعد من ذلك، حيث يرى «الحروف أمة من الأمم، مخاطبون ومكلفون، وفيهم رسل من جنسهم، ولهم أسماء من حيث هم، وهم على أقسام كأقسام العالم المعروف». بل يربط قيمة المُعطى الدلالي لوظائف الخط بقدرته على التحول الإيجابي من السكون والثبات إلى الحركة والفاعلية والتأثير، فيقول: «إن الحرف مجهولٌ ما لم يُحرَّك، فإذا حُرِّك مُيِّز بالحركة التي تتعلق به من رفعٍ ونصبٍ وخفض».

مراحل التطوير

لم يكن الاهتمام بتطوير الخط العربي وليد مرحلة متأخرة عن صدر الإسلام كما يتوهم بعضهم، ولم يبدأ مراحل تطوره فقط عندما خرج من محيطه العربي إلى ثقافات أخرى كما يتوهم بعضهم الآخر، فالشواهد التاريخية تؤكد أن الاهتمام بتطوير اللغة ومنها الخط العربي بطبيعة الحال؛ بدأ منذ المراحل الأولية للدعوة، وكان الاهتمام عملية من عمليات البناء والتطوير لما كان من اللغة والخط قبل الإسلام، فنزول القرآن الكريم بكل هذا العمق الفكري المعجز، وبهذا الأسلوب اللغوي البليغ يعني بالتأكيد أن الأمة لم تكن أمية بالمعني السطحي المباشر للكلمة، وأن العرب كان لديهم من الوعي اللغوي ما يعينهم على فهمه والتواصل مع مضمون رسالته، غير أن الحاجة لمزيد من الاهتمام باللغة على نحو عام والخط العربي على نحو خاص، كانت مطلبًا حتميًّا لتطوير أدوات الدعوة، وتفعيل آليات تبليغ الرسالة لنشرها على نطاق أوسع، ولم يكن لذلك أن يتحقق إلا بتوسيع دوائر تعليم المسلمين لرفع نسبة العارفين باللغة، وهنا تجدر الإشارة إلى معركة بدر التي طُلب فيها من كل أسير تعليم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة كشرطٍ لإطلاق سراحه من الأسر، وهذا يعني أمرين؛ الأول أنه كانت هناك بين العرب قبل الإسلام مجموعات تجيد القراءة والكتابة ومنهم هؤلاء الأسرى بطبيعة الحال، والأمر الثاني أن القائمين على الدعوة من المسلمين الأوائل أدركوا منذ البداية أن توسيع النطاق المعرفي باللغة هو اللبنة الأساسية في عملية تبليغ الرسالة ونشر الدعوة، وقد نقل القرطبي عن ابن عباس تفسيرًا لهذا الخلط بين مفهوم الأمية وعدم معرفة اللغة، بقوله: «الأميون هم العرب كلهم، من كتب منهم ومن لم يكتب؛ لأنهم لم يكونوا أهل كتاب»، بمعنى أنهم لم يكونوا من الأمم التي نزلت فيهم رسالات سماوية قبل الإسلام، وبالتالي فإن لفظة «أمية الأمة» لم يكن لها صلة بالأمية التي تعني الجهل بالقراءة والكتابة.

وقد رصد صاحب «فتوح البلدان» أحمد بن يحيى البَلاذُري شيئًا من ذلك في قوله: «دخل الإسلام وفي قريش سبعة عشر رجلًا كلهم يكتب: عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، أبو عبيدة بن الجراح، طلحة بن أبي سفيان، يزيد بن أبي سفيان، أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، حاطب بن عمرو العامري، سهيل بن عمرو العامري، أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي، أبان بن سعيد بن العاص بن أمية، خالد بن سعيد بن العاص، عبدالله بن سعد بن أبي سرح العامري، حويطب بن عبدالعزى العامري، أبو سفيان بن حرب بن أمية، معاوية بن أبي سفيان، جهيم بن السلط، وكانت الشفاء بنت عبدالله العدوية كاتبة في الجاهلية، وهي التي علَّمت أم المؤمنين حفصة القراءة والكتابة».

التحوّل البصري

مع التطور التدريجي الذي لحق باللغة وتجويد خطها في السنوات الأولى من الإسلام، إلا أنها ظلت محتفظة لعقود عدة بما يعرفه العرب عن آليات قراءتها ونطقها والتعامل معها؛ لأنها في تلك الحقبة كانت تُستخدم في نطاقها العربي من حيث الثقافة والامتداد الجغرافي المتقارب، ولم تكن هناك حاجة مُلحّة إلى رسم الحروف بالتنقيط أو التشكيل، وقد «ظل الناس في مختلف الأمصار الإسلامية يقرؤون القرآن الكريم في مصحف عثمان إلى ما يقرب من الأربعين سنة بدون تنقيط الحروف أو تشكيلها». ولكن عندما انتشر الإسلام وانتقل من الجزيرة العربية إلى أمم غير عربية نتيجة الفتوحات الإسلامية، كان من الطبيعي أن يختلط المسلمون في تلك البلاد بالعرب، وهو ما أدى إلى ما يعرف بـاللحن والتصحيف والقراءات المغلوطة، وهنا برزت الحاجة إلى وضع تشكيل لضبط عملية القراءة، وكانت هذه أولى المؤشرات العملية على بدايات التحوّل البصري في رسم الحروف والكلمات، حيث «وُضع التشكيل بالنقط في عهد أبي الأسود الدؤلي المتوفى عام 69هـ، ثم وَضع النقط على الحروف غير المنقوطة تلميذاه نصر بن عاصم ويحيى بن يعمر، ثم وَضع التشكيل الأحدث الخليل بن أحمد المتوفى عام 170هـ»، وهكذا نلحظ أن التدرُّج في تطوير بنية اللغة ورسم الأبعاد الجمالية لحروفها جاء تلبيةً لاحتياجات كل مرحلة، حيث «تم التشكيل بالنقط في النصف الثاني في القرن الأول، بينما التشكيل الحديث تم في القرن الثاني الهجري». ومن هذا التحول المبدئي بدأت التحولات الكبرى في مسيرة تطوير اللغة كوسيط معرفي من جهة، وتطوير رسم الخط العربي كوسيط جمالي من جهة أخرى، وهو ما أشار إليه ابن خلدون في مقدمته بقوله: «كان الخط غير بالغ إلى الغاية من الإحكام والإتقان والإجادة، ولما فتح العرب الأمصار، وملكوا الممالك، ونزلوا البصرة والكوفة، واحتاجت الدولة إلى الكتابة، استعملوا الخط، وطلبوا صناعته وتعلّمه، وتداولوه، فارتقت الإجادة فيه».‏

أثر الخط العربي في ثقافة الآخر

لم يترك الأثر الجمالي الذي نتج عن أساليب رسم الخط العربي ظلاله فقط على اللغة العربية، فكثير من تراث المخطوطات الإسلامية يقدم لنا نماذج مدهشة من الأعمال التي كُتبت بلغات غير العربية ولكنها استخدمت أنواع الخط العربي، وعندما تشاهدها تعتقد للوهلة الأولى أنها مكتوبة بالعربية، ولكنك سرعان ما تكتشف أن الخط فقط هو العربي، بينما اللغة المستخدمة قد تكون فارسية أو غيرها من لغات الأمم التي دخلها الإسلام، وبلغ تأثير الخط العربي فيها درجة كبيرة من التأثير المباشر في مكونات هويتها الأصلية، وهذا يعني أن مراحل التطور التي مر بها الخط العربي جعلته يتجاوز دوره التعبيري كناقل للمعرفة، إلى دور بصري أكبر كناقل للمشاعر الحسية والروحية التي تقدم فيضًا هائلًا من الرسائل الجمالية التي تنتقل من طريق البصر إلى البصيرة، وتضفي حالة روحانية من نشوة التلقي التي تُحدثها الفنون التي تستهدف المكامن الحسية لدى الإنسان على اختلاف دينه أو ثقافته أو مخزونه المعرفي؛ لذلك حقق الخط العربي حضورًا لافتًا في الثقافات الأخرى بوصفه فنًّا قائمًا بذاته، وبوصفه مدخلًا جماليًّا للحوار بين الثقافات، ليس فقط في إطار وظيفته اللغوية الناقلة للمعارف الذهنية، بل في إطار وظيفته الفنية المحمَّلة بالقيم البصرية والحسية التي أكسبته قيمًا جمالية جديدة جعلت منه فنًّا عربيًّا خالصًا مرجعيته الأساسية اللغة العربية التي ولد منها؛ لا من تكرار عمليات التجريب الفردية كما حدث -على سبيل المثال- في الاتجاهات التشكيلية التي قامت في الأساس على التجريب الفردي ثم تحولت بعد النضوج إلى مدارس فنية، وهنا ينقل لنا أستاذ الآثار الإسلامية الدكتور مصطفى بركات ما خلصت إليه رؤية باول بارتس نتيجة دراستها العميقة للخط العربي، وهي الرؤية التي تحولت لاحقًا إلى رأي علمي ونقدي وجمالي في الوقت نفسه، حيث تتمثل خلاصة هذه الرؤية في أن «علامات الكتابة العربية لا تحاول أن تعني شيئًا فحسب، وإنما تريد هي الأخرى أن تكون شيئًا، وهذا هو هدفها، وغايتها، ومعناها الدفين، فهذه العلامات لا تؤدي مجرد وظيفة المقابل الصوتي في اللغة فقط، وإنما هي أعمال فنية في حد ذاتها».

هذا الرأي العلمي المهم الذي يقدم رؤية غربية للخط العربي؛ يؤكد أن وظيفته لم تعد محددة بالإطار التعبيري عن شيء سواه، بل أصبح الخط العربي نفسه شيئًا منفردًا ومستقلًّا ولا بد له من مدلولات حسية إضافية تعبِّر عنه، وتكشف عن جمالياته التي جاوزت علامات اللغة، وأدارت حوارًا بصريًّا وحسيًّا مع من لا يجيدون العربية، وكأنها تكوينات فنية تستند إلى مرجعية لغوية ولكنها عابرة لحدود اللغة كاللوحة التشكيلية أو المعزوفة الموسيقية التي لا تحتاج إلى وسيط لغوي ينقل معناها أو مدلولها الجمالي أو الحسي للمتلقي، وللتدليل على ذلك نذكر قصتين؛ الأولى أن الخليفة العباسي الواثق بالله قد أرسل ابن الترجمان بهدايا إلى ملك الروم، وعند وصوله اكتشف أن جماليات الخط العربي قد سبقته إلى هناك، حيث رآهم قد علَّقوا على باب كنيستهم كتابات باللغة العربية، وعندما تساءل مندهشًا عن الأسباب، قيل له: «هذه كتب المأمون بخط أحمد بن أبي خلد، وقد استحسنوا صورتها فعلَّقوها». والثانية يروي فيها صاحب «أدب الكتَّاب» أبو بكر محمد بن يحيى الصولي: «أن سليمان بن وهب كتب كتابًا إلى ملك الروم في أيام الخليفة العباسي المعتمد فقال ملك الروم: ما رأيت شيئًا أحسن من هذا الشكل، وما أحسدُ العرب على شيء حسدي على جمال حروفهم». وهذا يعني أن ملك الروم قال ما قاله تحت تأثير الأبعاد الجمالية البصرية والحسيّة التي نقلها الخط العربي إليه، وليس تحت تأثير اللغة التي لم يكن يعرفها أو يحسن قراءتها، ويعني أيضًا أن اعتناء العرب بالخط العربي أتاح لهم فرصة أكبر في أن تؤدي الكتابة وظيفة جمالية تُسهم في تعزيز عملية التلقي من خلال المحتوى البصري، وهي وظيفة إضافية تعزز بدورها فعل الوسيط اللغوي في نقل الرسالة المراد توصيلها.

والأكثر من ذلك أن جماليات الخط العربي، كانت لدى الأمم غير العربية التي انتشر فيها الإسلام ملاذًا لتلقي المعارف الإسلامية، فهذه الجماليات البصرية والحسية والروحية قلَّصت المسافة بين الشعوب غير العربية والدين الذي جاءهم محمولًا في كتاب عربي، وشيئًا فشيئًا حلّت العربية محل اللغات السائدة، وأحدثت تغييرًا جذريًّا في الهوية الثقافية لتلك الشعوب والأمم، وفي هذا السياق يؤكد المؤرخ البريطاني أرنولد جوزيف توينبي صاحب موسوعة «دراسة للتاريخ» أن الخط العربي بلغ من قوة التأثير ما بلغته الجيوش الفاتحة، حيث يقول: «لقد انطلق الخط العربي الذي كُتب به القرآن غازيًا ومُعلِّمًا مع الجيوش الفاتحة إلى الممالك المجاورة والبعيدة، وأينما حلَّ أباد خطوط الأمم المغلوبة». بينما يشير المستشرق الألماني أرنست كونل صاحب كتاب «فن الخط العربي» إلى أن الحدود والحواجز لم تمنع الخط العربي الذي تدفق من الجزيرة العربية إلى مختلف الأمم من الربط بين الشعوب ذات الثقافات المختلفة، وأن العرب برغم الإطار الجغرافي المحدد منحوا الدين الإسلامي بُعدًا كونيًّا يتوافق مع كونية الرسالة الإسلامية، ويقول: «لقد منح العرب الدين الإسلامي اللغة والخط، وانتشر الخط العربي في الدين الإسلامي فأصبح رابطًا بين الشعوب رغم الحدود الحاجزة».

جماليات الخط في المخطوطات

لا يمكن الحديث عن جماليات الخط العربي في المخطوطات العربية والإسلامية بمعزل عن وصف الخصائص التي يتميز بها كل خط عن الآخر؛ لأن القيم الجمالية التي ينتجها كل خط تتكئ في الأساس على تلك الخصائص لإبراز سمات التميز والاختلاف، ولأن عدد الخطوط وأنواعها وما تفرع منها أكبر من أن نتناوله في هذا المقام، فإننا سنركز فقط على إبراز بعض الخصائص الجمالية لعدد قليل من الخطوط التي عُرفت بكثرة الاستخدام والاستعمال في تراث الثقافة العربية والإسلامية بشكل عام، وفي تدوين المخطوطات العربية والإسلامية على وجه الخصوص، ومن أبرزها الخط الكوفي الذي يحفل بقدرٍ كبيرٍ من التنوع الناتج عن عملية التوالد المدهش لأنواعه المتعددة، فتارةً نجده في بناء هندسي مربَّع، أو في بناء مورَّق بالزخارف النباتية، وتارةً نجده في صورة الشكل المجدول والمعشّق والمضفَّر، ولم يقتصر الأمر على الخط الكوفي وحده، فكل ما يمكن قوله عن تنويعات «الكوفي» وتجلياته الجمالية، يمكن قوله على خطوط أخرى مثل الأندلسي، والديواني، والفارسي، والثلث، والنسخ وغيرها من أنواع الخطوط التي تحمل اسمًا واحدًا وأشكالًا متعددة، وإذا تأملنا «الخط الكوفي المصحفي المائل»، سنجد أنه يتميز عن غيره بأن ألفاته ولاماته متوزاية ومائلة إلى اليمين قليلًا، بينما الحروف النازلة فيه متوازية مع الحروف الطالعة، وهو خالٍ من نقط التشكيل وزخارف الصنعة الفنية، وهو من كتابات القرن الأول الهجري دون غيره.

أما «الكوفي المصحفي المشق» فهو أكثر جمالية من «المائل»، ففيه تُمطُّ حروف الدال والصاد والطاء والكاف والياء الراجعة مطًّا كبيرًا على السطر من دون المد في وسط المقاطع المكونة من حرفين أو أكثر، وفي هذا النوع من الخط الكوفي يجوز ترك المسافات الكبيرة بين الكلمات لتوسيع مساحات الفراغ للراحة البصرية من جهة، وتقليصها بين السطور لإبراز الحروف المتدلية على السطر التالي من جهة أخرى، وقد بدأ استخدام هذا النوع من الخط الكوفي في القرن الأول حتى الثالث الهجري، وأكثر المتوافر من المصاحف المخطوطة كُتبت به، غير أن الخط الكوفي المصحفي المحقق؛ يُعتبر أجود الثلاثة وأكثرها جمالية من حيث الشكل والتنسيق والتنظيم، فأشكال الحروف فيه متشابهة ومتساوية المساحات، وليست ممطوطة بذات الدرجة التي كانت عليها في الكوفي المصحفي المشق، وهو يتميز بوجود مدَّات في وسط المقاطع لتحقيق أكبر قدر من التوازن، كما يتميز أيضًا باتساع المسافات بين سطوره، واستقلال كل سطر بحروفه، والأهم من ذلك أنه من أوائل الخطوط التي كشفت عن جمالياتها البصرية بصورة واضحة بعد استخدام التنقيط والتشكيل، واستقرار التطور النوعي الذي شهدته اللغة بدءًا من العقد السادس من القرن الأول حتى أواخر القرن الثاني الهجري، ولذلك يُعد أحد أهم تجليات العناية الفنية المبكرة بالخط العربي، فمنذ استخدامه للكتابة في القرن الثاني الهجري بدأ الجانب البصري للخط العربي يتجلى أكثر، ويكشف عن وظائف جمالية لم تكن مطروحة من قبل.

خصائص الخط الكوفي

حظي الخط الكوفي في بلدان العالم العربي والإسلامي باستخدامات متنوعة وبالغة الخصوصية، وقد تعددت خصائصه بتعدد البلدان والممالك التي اهتمت بمخزونه الفني والجمالي، فعرفت اللغة العربية الكوفي الموصلي، والإيراني، والهندي، والأيوبي، والمملوكي، والفاطمي، وعندما فتح العرب بلاد فارس في صدر الإسلام، وكان تعلم الكتابة العربية أمرًا حتميًّا لقراءة القرآن الكريم وتوصيل رسالة الإسلام، كان الخط الكوفي هو أجمل ما حملوه معهم من الخطوط، وسرعان ما أصبحت الكتابة العربية هي الكتابة الرسمية، فحلَّت حروف الخط العربي محل الحروف البهلوية والفارسية، وتفنن الخطاطون في ابتكار جماليات جديدة تشبَّع منها الخط العربي، وفي العصر العباسي عمد الفنانون الإيرانيون إلى توظيف خط النسخ بصورة مغايرة عن أصله المتعارف عليه، فأدخلوا في رسوم حروفه بعض الجماليات المبتكرة من باب التجويد والتطوير، ونتج عن ذلك ما سمي بخط «التعليق أو الفارسي»، وقيل: إن الخطاط حسن فارسي هو أول من استنبط قواعد هذا الخط المُستلهم من خطوط النسخ والرقاع والثلث، فابتكر «خط التراسل أو التحرير» الذي انتشر انتشارًا كبيرًا من خلال استخدامه في المراسلات العامة، وعلى هذا المنوال تطورت فنون وأنواع الخط العربي، وتنوعت جمالياته بتنوع استخداماته لدى الأمم والشعوب التي دخلها الفاتحون واستقر فيها الإسلام، فوجدنا كثيرًا من الخطوط العربية تحمل هويات جمالية وثيقة الاتصال بطبيعة البيئات الثقافية التي نشأت فيها لدى الشعوب التي دخلت الإسلام وعرفت فنون الخط العربي، فعرفنا من خلالها الخطوط العربية التي امتزجت بثقافات تلك الشعوب، وصارت جزءًا من هويتها، وقد عُرِّفتْ هذه الأنواع من الخطوط بالبلدان والأقاليم والمدن التي تطورت فيها كإشارة إلى قدرة الخط العربي على تجاوز الجغرافيا والنفاذ إلى عمق الثقافات المغايرة، وكذلك الإشارة إلى تعدد مراحل تطوره خارج النطاق الجغرافي لمراكز الحكم الإسلامي سواء في الجزيرة العربية أم في العراق ومصر والشام، فعرفت اللغة العربية أنواعًا من الخطوط لم تكن من موروث الثقافة العربية، مثل الخط الإيراني، والفارسي، والكردي، والسلجوقي، والبهاري، والتركي، والأتابكي، والتمبكتي، والإفريقي، والأصفهاني، وغير ذلك من الخطوط التي مرت بمراحل انتقالية متباينة تشبَّعت خلالها بأنماط مختلفة من ثقافات الأمم والشعوب، وتعكس مجمل المخطوطات الفريدة والنادرة التي يحتفظ بها مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، قدرًا كبيرًا من دلائل هذا التنوع الثري في استجلاء جماليات الخط العربي، وكيفية توظيفها في المخطوطات الإسلامية التي كُتبت في مختلف بلدان العالم الإسلامي عبر أزمنة متباعدة ومختلفة، وجُمِعَت تحت سقف واحد لحمايتها من التلف والاندثار، ومن بين مخطوطات المركز التي بلغت أكثر من ثمانية وعشرين ألفًا وخمس مئة مخطوط؛ يمكن للباحثين والدارسين والمهتمين بفنون الخط العربي أن يلحظوا هذا التنوع الجمالي الذي يحفل به الخط العربي، فقد حرص المركز منذ نشأته عام 1403هـ/ 1983م على أن يكون الاهتمام باقتناء وترميم المخطوطات الفريدة والنادرة على رأس أولوياته، ويشتهر بين المراكز العلمية العربية والعالمية بامتلاك مجموعات مميزة من المخطوطات الأصلية، وهي مجموعات تُعرض من حينٍ لآخر في معارض متحف الفيصل المتنوعة، مثل: معرض «مصاحف الأمصار»، ومعرض «وهج: زينة الصفحة المخطوطة»، ومعرض «تكوين»، ومعرض «أسفار»، إضافة إلى مشاركاته في المعارض الوطنية والدولية بمختارات من هذه المخطوطات الفريدة والنادرة.

كما أن المركز -إلى جانب مجموعاته الخاصة- يحتفظ بأكثر من (140000) مخطوطة مصورة مُخَزّنة رقميًّا أو على شرائح (الميكروفيش، والميكروفِلم) من ضمنها (15000) نسخة مصورة من المخطوطات المحفوظة بالمكتبة الوطنية البريطانية، و(8000) نسخة مصورة من محفوظات المكتبة الوطنية الفرنسية، وفي سياق العناية بهذه الكنوز التراثية من المخطوطات العربية والإسلامية؛ أسس المركز قسمًا متخصصًا في ترميم المخطوطات، وسلسلة لتحقيقها وإعادة إحيائها وإتاحتها للباحثين والمختصين، إضافة إلى سلسلة أخرى لفهارس المخطوطات الأصلية، ومن خلال السلسلتين يتم التعريف بنوادر المخطوطات العربية والإسلامية على نطاق واسع، وإبراز أهميتها العلمية وخصائصها الجمالية عبر إصدارات متميزة من حيث الطرح العلمي الجاد والطباعة الفاخرة، ويمكن من خلال هذه المخطوطات التي استندت إلى بعضها كمرجعية لهذه القراءة والصور المصاحبة لها، رصد الكثير من ملامح التحولات الفنية والجمالية التي شهدها الخط العربي منذ فجر الإسلام حتى الوقت الراهن.


المراجع:

– مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الخط العربي من خلال المخطوطات.

– أدب الكتاب لأبي بكر محمد بن يحيى الصولي.

– الفتوحات المكية لابن عربي، الجزء الأول.

– إحياء التراث العربي لأسامة ناصر النقشبندي.

– الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.

– فتوح البلدان لأحمد بن يحيى البَلَاذُري.

– أبحاث الدورة الثانية لملتقى القاهرة الدولي لفن الخط العربي.