علاقة المُبصر بالمسموع في الفنون الإسلامية

علاقة المُبصر بالمسموع في الفنون الإسلامية

امتازت الفنون الإسلامية في مجملها بوجود نوع من الوحدة الجمالية التي تربط مختلف مكوناتها وأشكالها. هذه الوحدة التي مكنت الفنون الإسلامية من اكتساب خصوصيتها، لم تقتصر على مجال الصناعات المرئية، بل شملت كذلك جل الأنشطة ذات الصبغة الفنية ومنها فنون الموسيقا. ويمكن أن يبرز هذا التقارب في المستويات البنيوية والاصطلاحية والمفهومية، حيث يشترك كلا المجالين في توظيف المصطلحات نفسها ذات الدلالات المتقاربة أو الخصائص المشتركة من حيث التمثيل أو التعبير، أو ما يسمى باللغة المشتركة بين كلا الفنين. ومن بين هذه المصطلحات يمكن أن نذكر مصطلح الهارموني ومصطلح الإيقاع، والتقابل أو التباين، إضافة إلى اللون أو التلوين والشكل، وغير ذلك من المصطلحات التي يشترك في توظيفها كل من المزخرف أو الفنان حسب المتعارفات الحديثة، مع نظيره الموسيقي التي سنقف عند دراسة نماذج منها.

التكرار

تمتاز الفنون الإسلامية عامة، رغم تنوعها، بنوع من الوحدة التي تربط مختلف أشكالها التعبيرية على المستوى الفكري والممارسة. فلم يكن للامتداد الجغرافي ولا للتنوع العرقي والثقافي أثر كبير في تفكيك هذه الوحدة. ويعود ذلك حسب رأينا إلى أسباب عدة أهمها اعتماد الفنون الإسلامية في الأساس على تطبيقات هندسية ورياضية قابلة للمعاودة والتكرار من دون الإخلال بالنظام البنائي العام للتكوين. فيكفي للصانع(١) أو الفنان تطبيق مثل هذه المعارف ليتحصل على تكوينات جديدة تشترك في مستوى خصائصها البنيوية مع التكوينات التي سبقتها، وذلك بغض النظر عن طبيعة العنصر المراد زخرفته أو كذلك إطار استخداماته أو المواد المستعملة والحاملة له. وفي ذلك إشارة إلى الأبعاد القدسية مثل التعبير عن الانتشار اللانهائي الذي يعد من أهم الصفات الإلهية.

يجد هذا الأسلوب في التكوين والانتشار مرادفًا له في فنون الموسيقا، والموسيقا العربية خاصة، حيث يؤدي هذا العنصر دورًا كبيرًا في عملية بناء القطعة الموسيقية. فقد ارتبط تكرار الجمل والمقاطع الموسيقية بأهم أعلام الأغنية العربية الكلاسيكية والمعاصرة مثلما بينت ذلك الباحثة سامية صمود عندما أشارت إلى مدى ارتباط التكرار بالفعل أو التأليف الموسيقي عمومًا وبالموسيقا العربية خصوصًا،(٢) حيث قدّمتْ نموذجًا موسيقيًّا يؤكد ذلك.

الإيقاع

إذا ما استثنينا بعض أنواع الموسيقا الغربية الكلاسيكية، فإن مجمل الأشكال الموسيقية الأخرى ومنها الموسيقا العربية تعتمد بصورة أساسية على الإيقاع؛ ذلك أن الإيقاع عنصر أساس في عملية التنظيم والتنسيق بين كل ما يتعلق بالزمن والسرعة والنبر، حيث يحصل المؤلف الموسيقي من خلال ضبط الإيقاع على البعد الزمني والتنظيمي للمعزوفة. بذلك يكون الإيقاع العنصر البنائي الأساسي في المقطوعة الموسيقية. فإذا كان الإيقاع البصري يمثل أحد أهم خصائص الفنون الإسلامية، فإن التكرار أحد أهم الصيغ المولدة له، فالإيقاع لا يكتسب حضوره إلا من خلال تكرار أصوات أو مفردات أو أشكال معينة. لذلك يمكن القول إن الفنون الإسلامية هي فنون إيقاعية بالأساس، حيث إنها تعتمد بصفة أساسية على تكرار المفردات سواء كانت هندسية أو نباتية أو تشخيصية. فقد تميزت المفردات الهندسية وخاصة منها الأطباق النجمية(٣) بتكرارها وفق إيقاعات منتظمة وحسب صيغ مختلفة، حيث يتنوع الإيقاع على مستوى العنصر الشكلي أو اللوني أو الاثنين معًا.

كما يتخذ الإيقاع صيغة التواتر أو التداول بين المكونات الشكلية أو اللونية. وقد يتخذ الإيقاع البصري اتجاهات تُراوِحُ بين العمودي والأفقي والمائل أو الدائري، وذلك حسب طبيعة التكوين الهندسي الذي يؤلفه، أو حسب إرادة الناظر وتعدد الصيغ التي تكوِّن بنية وطبيعة التكوين. فقد يجد الإيقاع حضوره ضمن التكوينات النباتية خاصة في مستوى الأطر أو الأشرطة الزخرفية التي تحيط بالتكوينات الهندسية أو كذلك تداول بين مفردات مبنية بالأشكال الهندسية مع مفردات مبنية بأشكال نباتية مثلما وجدنا ذلك في العديد من المأثورات ومنها النقوش التي تزخرف أبواب الجامع الكبير بصفاقس، أو المنمنمات الإسلامية على غرار منمنمة مشهد احتفالي التي أنجزها الواسطي. ندرك من خلال هذه النماذج مدى تركيز الفنون العربية الإسلامية على صيغة الإيقاع في عملية البناء وهو ما يجعل منها فنونًا إيقاعية بامتياز، أو ما يجعلها أكثر ارتباطًا بالفنون الموسيقية في هذا المستوى.

التناظر

التناظر أحد أهم خصوصيات الفنون العربية الإسلامية وأحد أهم ركائزه البنائية. فقد وُظّف هذا الأسلوب في التكوين في جميع المجالات المراد زخرفتها. حيث وجد التناظر حضوره في التكوينات الهندسية المجردة، وفي التكوينات الزخرفية النباتية، إضافة إلى المنمنمات والعديد من التكوينات الخطية العربية. ويتخذ التناظر صيغًا تتجاوز التعريف البسيط الذي نعرفه، حيث كان يصطلح على هذه الصيغة التركيبية بـ«الاعتدال» الذي يتجاوز في مفهومه التناظر المحوري البسيط ليشمل مختلف الصيغ التركيبية الأخرى كالإزاحة والدوران. وقد بينت الباحثة سامية صمود مدى اعتماد الفنون الموسيقية العربية على التناظر عبر تقديمها لنموذج موسيقي يؤكد ذلك، وتبين من خلاله أن محور التناظر ضمن هذا المقطع الغنائي لا يتخذ وضعية معينة، بل يمكن أن يوجد في أماكن متعددة داخله. كما أشارت الباحثة إلى أن التناظر المميز للمقطوعة الغنائية لا يكون في مجمله مطلقًا، شأنه في ذلك شأن جل التكوينات الزخرفة الإسلامية(٤).

التباين أو التقابل و«الكونترابنط»

يطلق مصطلح التقابل في التوظيف الموسيقي حسب ما جاء في كتابات الدكتور عبدالحميد حمام عند التقابل بين أحد الخطوط اللحنية والخط الآخر، الذي يسمى أيضا «الكونترابنط»، (Contra – Punto)، أي تقابل الألحان، الذي قد يكون في مستوى المُراوَحة بين الشدة، أي بين الأصوات الخافتة والقوية، وما بينهما من درجات(٥). وقد يجد هذا المفهوم تطبيقات له في جل أشكال الفنون الإسلامية، حيث يتآلف الشكل المضلع بالدائري، والهندسي بالطبيعي، والشكل بالخلفية وغيرها من التباينات التي تشمل الألوان والقيم الضوئية. فإضافة إلى المنمنمات الإسلامية تجد هذه الخصائص الجمالية حضورها ضمن العديد من الأشكال الزخرفية الأخرى مثلما تبين ذلك المفردات الزخرفية المميزة لأبواب الجامع الكبير بصفاقس، حيث يتآلف الهندسي بالطبيعي أو النباتي.

الهرموني أو التناغم والتناسق

مصطلحات تتشابه لتعبر عن الشيء نفسه، والمصطلح الغربي «هارموني» هو الأكثر استعمالًا لدى الموسيقيين، للتعبير عن الأصوات المتقاربة البعيدة من كل ما هو فوضوي أو ما يصطلح عليه بـ«النشاز»، حيث تتوافق النغمات المختلفة إذا عُزفت أو أُديت معًا في اللحظة نفسها، فتشكل كتلًا نغمية متوافقة. تعد المصطلحات التي تعبر عن التناغم أو التناسق أو كذلك الهرموني من أكثر المصطلحات توظيفًا لدى الفنانين والنقاد في مجال الفنون البصرية، حيث يكون التناسق عبر التكامل اللوني أو التناسق الشكلي، أو كذلك التجاور أو التدرج في مستوى العناصر المكونة للعمل. وكل هذه الخصائص تجد لها تطبيقات مباشرة في الفنون الإسلامية، حيث تتناسق المتضادات وفق مجموعة من الأنساق الحسابية التي تشير إلى مدى وعي الصنّاع بالأساليب والطرائق التي تحقق «الهرموني» بين مختلف مكونات العمل. فقد تمكن الصانع من الدمج بين ما هو هندسي وما هو نباتي أو بين الخط العربي والزخارف النباتية والهندسية، أو أيضًا الدمج بين التكوينات «التشخيصية» التي تجد حضورها في المنمنمات وبعض الزخارف الهندسية والنباتية. (انظر إلى الصور المقترحة).

الزخرفة بين الفعل الموسيقي والبصري

مثّلت الزخرفة أحد أهم مميزات الفنون العربية الإسلامية؛ وذلك نظرًا لحضورها ولتغطيتها جل مجالات الحياة، حيث إنها لم تقتصر على أمكنة أو أدوات معيّنة، بل وُظِّفت في جميع الأماكن المعيشية والأدوات الاستعمالية، حيث شملت المسجد والقصر والمدرسة والسجاد والنحاس، والمعادن والعمارة وفن الخط والكتابة وفنّ المنمنمات والأواني بمختلف أشكالها. ولكن على الرغم من كل هذا التنوع، فقد اتخذت لنفسها طابعًا مميزًا رغم اتساع الرقعة الجغرافية واختلاف الخصوصيات المحلية في البلدان العربية والإسلامية.

ولم يقتصر الاهتمام بالزخرفة في الفنون الإسلامية على المبصر من الفنون، بل سجلت الموسيقا العربية بدورها حضورًا كثيفًا للعناصر والمؤثرات الزخرفية، مثلما أكدت ذلك الباحثة سامية صمود التي أشارت إلى أن الفنان في الموسيقا العربية يسعى إلى خلق أشكال زخرفية لإثراء خطه الغنائي.

وأضافت أن الزخارف في الأغنية العربية تحتل مكانة كبيرة ليس فقط على مستوى التأليف الموسيقي، ولكن أيضًا على مستوى التفريق بين المقامات الموسيقية العربية. وأكدت أن مسألة «الخوف من الفراغ» لدى الفنان أو الصانع في البلدان الإسلامية -حسب ما جاء في كتابات ألكسندر بابا دوبولو- تجد ما يرادفها في فنون الموسيقا العربية، حيث يسعى الفنان في المجال الموسيقي العربي إلى تكوين أشكال زخرفية تمكن من إضفاء حيوية على الأغنية التي من دونها يكون الخط الموسيقي القاعدي عبارة عن هيكل مفرغ من الروح(٦).

كما تتميز الفنون الإسلامية بحضور نوع من المنظور أطلق عليه مصطلح «المنظور اللولبي»، الذي صنف لدى العديد من الباحثين كأسلوب تكويني يهدف إلى التعبير عن قدرة الخالق، حيث تتداخل الأشكال فيما بينها بصفة لا نهائية وفق منظور «روحاني» مثلما أشار إلى ذلك ألكسندر بابا دوبولو في كتابه «الإسلام والفن الإسلامي»، عند دراسته للمنمنمات الإسلامية.

وقد ظل هذا الافتراض محل جدل لدى العديد من النقاد الذين اهتموا بجماليات هذه الفنون، غير أننا نرى أن حضور المنظور اللولبي في الفنون الإسلامية عامة لم يكن من اكتشافات الباحث المذكور فحسب، بل إن مثل هذه المسائل وجدت ضمن المراجع العربية القديمة، وذلك على غرار كتابات الكندي الذي يرى أن الفنان المسلم وَظَّفَ المنظور اللولبي في المجال الموسيقي، حيث ربط هذا الأسلوب في التكوين بالطباع وبالأمزجة مثلما بيَّنت ذلك الباحثة سلوى بن حفيظ(٧)، التي أشارت إلى مدى اهتمام الفنان في الحضارة الإسلامية بالمنظور اللولبي في العديد من المجالات التي تتجاوز حدود التصوير والموسيقا. فقد اهتمت بدراسة فن الرقص العربي عبر تقديم مقارنة بين الرقص الشرقي والرقص الغربي؛ ذلك أن الرقص على الطريقة الشرقية يتميز حسب رأيها بالتمايل وبالحركة الدائرية حول مركز، على خلاف الرقص الغربي الذي يفرز الحركة انطلاقًا من تأليفية تعبيرية مفرداتها الخطوات(٨).

بذلك يظهر مدى التجانس بين الفنون البصرية أو الزخرفية والفنون السمعية إضافة إلى فنون الرقص أو التعبير الجسماني، في مستوى توحد الأسس الفكرية والجمالية الذي يتجلى لنا خاصة في الرقص الصوفي، وهو ما يعني أن أشكال التعبير في الفنون الإسلامية قد تتغير في مستوى الوسائل، غير أنها تتوحد في مستوى التعبير عن قدرة الخالق بغية التقرب إلى لله ومحاولة الوصول إليه. فإذا كان الرقص الصوفي مثلًا الأسلوب الأكثر انتهاجًا لدى المجتمعات الإسلامية على اختلاف أمكنتهم وعصورهم لبلوغ مثل هذه الغاية، فإن هذه الطريقة في التعبير دليل على التجانس بين التعبير السمعي والحركي والبصري؛ وذلك لتناغم حركة الراقص الدائرية أو الحلزونية، مع الإطار المكاني الذي يحوي عادة شكلًا أو أشكالًا نجمية تغطي أرضية المكان، إضافة إلى الموسيقا التي تقترن عادة بمفردات لفظية تُنشَد فتؤثر بدورها في الراقص وفي النسق العام لحركته، أي تتّخذ نسقًا إيقاعيًّا وتسارعيًّا حسب حركة وسرعة دوران الراقص حول مركز الشكل النجمي. كل هذه العناصر تُكوِّن فيما بينها سيمفونية من الألوان والأشكال التي تذكرنا بدورها بالتكوينات الفسيفسائية الخزفية أو التكوينات الهندسية التي يسميها بعض الباحثين بـ«الرقش»، الذي يُعَدّ حسب رأينا من أكثر الفنون تجسيمًا للموسيقا.

يمكن إذًا تبين مدى ارتباط الفنون الإسلامية بالفنون الموسيقية، وهو ما يجعلنا نقرّ بوجود نوع من التكامل بين هذين المجالين المختلفين بالأساس. غير أن خصوصية الفنون الإسلامية التي تميزت بتجاوزها للأبعاد الظاهرة أو المسائل الحسية البسيطة نحو أبعاد تجريدية، جعلتها من أكثر الفنون اقترابًا إلى تجريدية الفنون السمعية. فقد بَيَّنَتْ كتاباتٌ قديمة ومعاصرة عدة مدى العلاقة التي تجمع الفنون المجردة بالموسيقا، أو كذلك علاقة الموسيقا بالرياضيات وعلوم الأعداد، وهو ما يؤكد حدود التلاقي بين الفنون الإسلامية التي تعتمد في مجملها على العلوم الرياضية مع الموسيقا. وقد أشارت كتابات عربية وغربية عدة إلى الحضور غير المباشر للعنصر الموسيقي ضمن المكونات البنيوية للفنون العربية الإسلامية، بل إن بعض الكُتّاب مثل سلوى بن حفيظ ذهبت إلى القول بأن الرقش بمنزلة معمار موسيقي(٩)، وفي ذلك تأكيد لمثلِ هذه العلاقة التي قد تصل إلى حدود التطابق بين هذين المجالين.

ولعل مثل هذه الخصائص هي التي دفعت كثيرًا من رموز التجريد الغربي -وبخاصة مَنْ تَأثَّرَ مباشرةً بجماليات الفنون الإسلامية- إلى البحث في مستوى علاقة الفنون التشكيلية بالموسيقا، وذلك على غرار تجارب الفنان كاندنسكي وبول كلي وفازاريلي وغيرهم الذين تشبعوا وتغذوا من جماليات هذه الفنون التي وجدوا فيها مادة خصبة قابلة لتقديم الجديد، وهو ما أكده الدكتور أسعد عرابي عندما قال: «كاندنسكي كليه، ماتيس فازاريلي، والقائمة تطول… جميع هؤلاء كانوا، ولا عجب في ذلك، على احتكاك (بشكل أو بآخر) مع التراث البصري (أو السمعي) الإسلامي وعلى الأخص التجريدي منه»(١٠).

اهتم الفنان كاندنسكي وهو من أهم مؤسسي السوبرماتية بالبحث في مستوى العلاقة بين الفنون السمعية والفنون التجريدية البصرية، إلى الحد الذي ربط فيه الألوان بالنوتة الموسيقية حيث تتحول اللوحة إلى مقطوعة لونية أو موسيقية. كما تجد تطبيقات الفنان موندريون في أعماله التجريدية الهندسية على المستوى الجمالي، وهو ما يجعلها تقترب من الجمالية المتوافرة في الموسيقا حسب ما يقول به هربرت ريد(١١). وهو ما يدل على أن ثراء جماليات الفنون العربية الإسلامية، التي تتصف بكونها هندسية بالأساس، يجعلها من أقرب الفنون إلى جماليات الموسيقا، بل إننا نرجح أن الفنون الإسلامية هي التي ساهمت في دفع كل من الفنان كاندنسكي وبول كلي في اتجاه التألق والعالمية.


هوامش:

(١) نورد مصطلح «الصانع » للتدليل على من يقوم بإنتاج مثل هذه الفنون؛ ذلك أن هذه الفنون كانت تسمى صناعة حسب ما ورد في العديد من المراجع العربية القديمة.

(٢) Samia Sammoud. Répétitions et symétries. http://www.saramusik.org (Dernière mise à jour, le jeudi 9 octobre2003).

(٣) الأطباق النجمية من أهم الأشكال الزخرفية توظيفًا في الفنون الإسلامية. تبنى هذه الأشكال من خلال حركة دوران أشكال بسيطة وبخاصة منها المربعة حول مركزها. وقد كان الهدف منها إضافة إلى وظيفتها الزخرفية، تجسيد الوجود الإلهي من خلال التعبير عن اللانهائي عبر الانتشار المتكرر للمفردات الزخرفية في كل الاتجاهات، والتجسيد للضوء أو «النور» الذي يتخذ مصادر متعددة، حيث تنتشر المفردات بصفة متوازنة ولا نهائية حسب نظام إيقاعي وهندسي.

(٤) Samia Sammoud.ibid.

(٥) الدكتور: عبدالحميد حمام. المجلة الإلكترونية منبر الرأي، اللغة الفنية المشتركة بين الموسيقا والفنون البصرية، ثقافة وفنون، 2009/04/17م.

(٦) Samia Sammoud ibid.

(٧) وردت هذه المعلومة الأخيرة التي نسبت إلى الكندي في نص سلوى بن حفيظ، المجتمعات الإسلامية من خلال الآثار الفنيّة، أشغال الندوة المنعقدة بتونس من 10 إلى 13 مايو 1993م، تحت إشراف الهاشمي القروي، سلسلة علم الاجتماع- عدد 8 تونس.1985م، ص.59.

(٨) تقول سلوى بن حفيظ في هذا الصدد «هذه النظريات اللولبية أثرت على التعبير الحركي، فجاء الرقص الشرقي في حركات تمايل وتـَثَنٍّ بعيدًا من آلية خطوات التعابير الجسدية في الغرب»، المصدر السابق. ص.60.

(٩) تقول سلوى بن حفيظ: «يتضح أن الرقش معمار موسيقي، وبذلك فالفن في الرؤية الإسلامية سبيل للوصول إلى الله من جماليات الكثرة إلى وحدة مبدعه… وهو ما يعني بأن هدف الفنان سواء كان موسيقيًّا أو مزخرفًا هو بلوغ نوع من المحبة والعشق لجمال الإله، وذلك بتجسيد خصائصه في الأعمال الفنية المختلفة، بحيث تتحد الوسائل لتحقق الغايات نفسها». سلوى بن حفيظ. المصدر السابق. ص.58.

(١٠) أسعد عرابي: الفن العربي بين التغيير والإبهام، بحوث ودراسات، بينالي الشارقة الثاني للفنون التشكيلية. ص.61.

(١١) يقول هربرت ريد في هذا الشأن: «وفيما يتعلق بالفن الهندسي الذي بلغ مدلوله المنطقي في «المذهب التشكيلي الجديد» المرتبط باسم بيات موندريون، علينا التسليم بأنه، وبالرغم من القيم النقية فيه هي قيم ذات جاذبية شديدة للأحاسيس المتسامية لدى أولئك الناس الراغبين في اتباع تلك الفنون التي تقترب من الجمالية المتوفرة في الموسيقا». هربرت ريد، الفن الآن، ترجمة فاضل كمال الدين، دائرة الثقافة والإعلام الشارقة 2001م، ص123.