تعبيرات الشباب: حروف وأرقام ورموز

تعبيرات الشباب: حروف وأرقام ورموز

يشير العمل الميداني إلى وجود فجوات اجتماعية بين الشباب والأجيال التي تسبقهم، فضلا عن فجوات في التواصل نظرًا لاختلاف محمولات اللغة. من هنا فقد اخترع الشباب لأنفسهم لغة خاصة لها أجروميتها، وأحيانًا تكون هذه اللغة شفرية، كنوع من التعمية على الأهل والأقارب وتحقيق التواصل بين الأقران.

وأهم تجليات هذه اللغة تكمن في التكثيف والتركيب المزجي لمجموعة من المفردات والنحت اللغوي، عبر الاشتقاق من مفردات أجنبية، وبخاصة الإنجليزية بوصفها اللغة السائدة في الفضاء الإلكتروني. ولعل بعض الأمثلة توضح ذلك، ففي مجال التكثيف فإنهم يستخدمون الأرقام بديلًا للحروف، بل بديلًا للكلمات، مثلما يكتبون me4 بديلًا ل for me أو c u وأصلها see you. واللافت أن المفردة الأولى تبدأ بحرف ال s والمفردة الثانية تبدأ بحرف ال y، لكنهم يعتمدون على الصوت ليكون رمزًا كتابيًّا. والأمثلة متعددة في لغة الدردشة بين الشباب، فضلًا عن النحت الخاص بمعجم الحاسب الآلي، مثل «يكبير ويفرمت ويدلت» إلى آخره. وفي التركيب المزجي يستخدم الشباب كلمة «إستمورننج» بمعنى: اصطباحة. أي استقبال الصباح بالشراب والطعام. فقد أخذوا من اصطباحة جزءًا واستكملوه بالمفردة الإنجليزية.

تمرد على سلطة المجتمع

هذه اللغة تمرد على سلطة الآباء بل سلطة المجتمع وتقاليده التي لا ترضي الشباب، وتمارس عائقًا لحريتهم وتجاربهم التي تعد خروجًا على ثقافة الأجيال السابقة، فضلًا عن أنها تمرد على لغة التعليم وهيمنة ثقافة التلقين وتكبيل قواعد اللغة. من هنا تعد هذه اللغة الشفرية بداية لتشكيل عالم يتحركون فيه تحدثًا وكتابة، بعيدًا من قواهر المجتمع وأعرافه البليدة.

لم يكن لهذه اللغة وجود قبل أن يكون هناك ما يسمى بشبكة الإنترنت، وإذا كانت اللغات السرية، أو اللغات الخاصة مثل لغة الشباب تعتمد في قيمها على الشفهية، فإن لغة «الشات» لغة كتابية، أي أنها تعتمد على الكتابة. وهي لغـة الحوار بين المتصلين على الشبكة، والراغبين في الحوار بعضهم مع بعض على نوافذ محادثات الإنترنت. وتعتمد لغة الحوار على عدد من الكلمات ذات المقاطع القصيرة بالنسبة للغة العربية أو الإنجليزية. ونظرًا لأن بعض أجهزة الحاسب الآلي بما حُمل عليها من برامج لا تستطيع قراءة الحروف العربية، فقد نشأت الحاجة إلى اختراع لغة تسهل الاتصال والتواصل بين المتحاورين على الشبكة. كما أن بعضًا يفضل كتابة أصوات الكلمات العربية بالحروف الإنجليزية. ولما كانت تقف بعض الأصوات حائلًا دون التعبير عنها برموز كتابية، وهو ما يؤدي إلى بـطء قراءتها، فضلًا عما قد تحدثه من لبس في مفهوم الرسالة الفورية، ويبدو أن هذه اللغة قد اصطلح على أحرفها بعد تجارب عدة في التواصل عبر الشبكة إلى أن تثبتت بعض أحرفها.

ومن الحروف التي كانت الرسـائل الفورية المكتوبة لا تستطيع نقل أصواتها (الحاء، الخاء، العين، الغين، الهمزة). ونظرًا للمشابهة الصورية بين هذه الحروف وبعض الأرقام فقد استبدل بها كتابة هذه الأرقام كي تنقل أصوات الكلمات، وبالتالي تنتقل معانيها للطرف الآخر على الشبكة. لذا فقد استُبدل بحرف (ح) الرقم (7) وبحرف (ع) الرقم (3) وبحرف (خ) الرقم (7)، وإضافة فاصلة عليا، وموقعها على زر حرف «الذال» عند تغيير اللغة إلى الإنجليزية في لوحة المفاتيح. ويكتب حرف (غ) هكذا (3`)، وتكتب الهمزة هكذا (2).

فإذا أردنا كتابة كلمة مثل حبيبي تكون 7ABIBI، وعندما نكتب كلمة «علوم» تكون هكذا 3LOOM، وغالب الأمر في لغة المحادثات الفورية على الشبكة أن تكون بالعامية، وتُكتَب أحرفها بالطريقة السابقة، وهي الأشهر في التداول. لكن هناك بعض الحروف المتداولة، لكنها أقل شهرة، ورغم هذا فالعلم بها بات ضروريًّا وبخاصة أن هناك بعض المواقع تتعامل بهذه الرموز الكتابية في شرح محتوياتها مثل موقع الموسيقا «طرب» الذي يكتب حرف (ط) هكذا (6) لمشابهة الرقم شكلًا لحرف الطاء؛ لذا فهم يكتبون كلمة طرب هكذا (6ARAB)، وكذلك يكتبون حرف الخاء بشكل مختلف؛ إذ يستبدلون به الرقم (5). وعنصر المشابهة هنا صوتي، فالرقم خمسة يبدأ بحرف الخاء، وهنا تكمن بعض الخلافات بين حروف بعض المواقع والحروف السائدة، هذا فيما يتصل بكتابة الأصوات العربية بالحروف والأرقام الإنجليزية.

قاموس الاختصارات

أما لغة التواصل التي تتم بكتابة الحروف الإنجليزية، فهناك مجموعة من الاختزالات قد تمت على عدد ليس بالقليل من الكلمات، وبالتالي الجمل، والهدف منها هو سرعة التواصل بين المتحاورين في وقت أقل، فضلًا عن اختصار التكلفة على الشبكة. ونستطيع أن نرصد مجموعة من هذه الاختصارات فيما يأتي:

«see you soon» تُختصر إلى «c u soon»، وتُختصر «cause» إلى «c o z»، و«how are you» إلى «how r u»، و«for me» إلى «4m»، و«to me» إلى «2me»، و«me too» إلى «me 2»، و«today» إلى «2day».

وتأتي هذه المجموعة من الكلمات والجمل على سبيل المثال لا الحصر، وبخاصة أن لغة «الشات»، التي تعتمد على الاختزال، لا تتوقف على الرغم من كونها ترتبط بمستعمليها على الشبكة فقط. ولم يقتصر الأمر على اختصار المفردات إلى حروف قليلة، لكنهم اخترعوا مجموعة من العلامات كتعبير عن الفرح والحزن.