هذا ما أعرفه

هذا ما أعرفه

كانت أمي تستيقظ أيام السبت كما لو كانت قادمة من عرض أزياء؛ فيما كنا نتجاهل سريرها الواضح إن كان به عاصفة أو ما إلى ذلك، النافذة المفتوحة، التي دائمًا كان يهرب منها شخص ما. وأصابعها الطويلة، الباردة، التي كانت تحظى كل مرة بمزيد من الخواتم. كانت تدندن في أرجاء المنزل بشعرها المنكوش، وأسنان لامعة، كانت تبدو لي طويلة مثل أسنان شياطين الأساطير. كانت تعد لنا مشروب الكاكاو المميز أيام السبت، مع كثير من قرفة تخفي طعم ورائحة قطرات سم الفئران، الذي كانت تعطينا إياه؛ حتى نبدو شاحبين وتتمكن من السيطرة علينا.

الأم التي كانت مشغولة دائمًا في المستشفى بالأطفال المرضى، المضحية، التي كان يتجاهل الجميع أنها تتعمد فتح النوافذ في ليالي الشتاء حتى نصاب بنزلات البرد؛ فكانت تنهض قبل أن نستيقظ بوقت طويل لتغلق النوافذ مرة أخرى، وكنا نصاب بالدهشة عندما نستفيق ونجد الملاءات شديدة البرودة ملتصقة بأجسادنا وهناك بقايا صقيع على الشعر.

كنت معجبة بهذه الأم البشعة، التي كانت تملأ أرضية الحمام بالصابون حتى يتسنى لها رؤيتنا ننزلق، وتبكي بعد ذلك في غرف الطوارئ، قائلة انظر! كيف أن أطفالي حمقى، دائمًا لديهم شيء مكسور؛ كما لو أن عظامهم من زجاج!

كنت معجبة؛ بولعها، بشكل الأرجل البيضاء في الجبيرة، وإجراء الفحوصات على الأجسام الصغيرة العاجزة، كنت معجبة، أنها نجحت في إثارة الفضول حول كيف سيكون عليه موتي، ما إذا كانت سترميني في المسبح بدون أكمام الإنقاذ، أم إذا كانت ستغطي المدفئة في المكان المكتوب به «لا غطاء»؛ فتشتعل، أم إذا كانت ستزيد الجرعة القاتلة في الكاكاو، أم إذا، يومًا ما، ستضعني في «البانيو»، حيث تكون المياه ساخنة، أكثر من اللازم، كما كانت تفعلها، دائمًا، وتتسبب لنا في حروق.

بالرغم من كل محاولات أمي لم نمت! كانت عيون إخوتي مثل العنب الأخضر، صغيرة للغاية، وكانت شفاههم زرقاء؛ لكنها كانت لما تزل تدب فيها الروح، حتى وأجسادهم مغطاة بالضمادات الطبية! كيف كانت تتمنى بكاءهم؟ وأن تتبختر إلى مقبرتهم وهي تحمل عددًا من آلامهم.

كيف كنت أتخيل نفسي في ثوبي المفضل، الأزرق، الغامق، ذي الياقة الدانتيل، بشعري الممشط، بضفيرتيه اللتين كانت تزينني بهما، بأصابعها الطويلة النحيلة مثل أرجل عنكبوت.. كيف كنت أتخيل نفسي في المرآة وأنا أرى صورتها الجميلة تبكي بينما تمشط شعري، وكم كنت أراها جميلةً بعينيها الخضراوين، وشعرها الأسود المجعد، القصير، الهمجي. يا له من حنان طاغٍ! كنت أشعر به وهي تجدل شعري بشرائط بيضاء بينما تكرر أن لون شعري كان بالفعل دليل حداد. كيف كانت تعطيني سترة صوفية خشنة تحك جسدي، جوارب «النايلون» التي كانت لا تدفئ الفخذين، والحذاء الجلدي، اللميع، الضيق بما يكفي لاقتلاع جلد أصابعي الصغيرة.

كنت أتخيل مراسم العزاء وعشاق والدتي يقبلون يدها، ويقدمون لها مزيدًا من الخواتم الذهبية المرصعة بالأحجار الملونة؛ كي تتغلب على معاناتها؛ حتى أني وصلت إلى حد تخيلها ترمي نفسها في أحضان كل هؤلاء لتحقق لها السعادة لجلب المزيد من الأطفال إلى العالم فتقتلهم ببطء وحذر ولذة بالغة؛ أعتقد أن هذا ما دفعني لألقي بأمي من فوق الدرج؛ لم أكن أرغب في الدفاع عن إخوتي؛ لم أكن أشعر أنها مسؤوليتي لكوني أكبرهم سنًّا؛ لم تكن المسألة بحثًا عن نجاة.

في الحقيقة لم أكن أهتم، حقًّا، بأن أكون الأولى وأن الباقين هم الذين يبكونني، لكن ما أثار حفيظتي، حقًّا، هو أن كل هذا يجب أن يحظى بنهاية دراماتيكية، لحظة أنهي فيها كل شيء، في الوقت المناسب. إلى جانب ذلك، كنت أخطط لجنازتي، حتى أنني تركت وصيتي؛ إن كل ما أريده، فقط، باقات ورود الجربارة والبليس المعمر (باقات ورودي المفضلة) فوق نعشي؛ لكني شعرت بالأسى، لأن أمي لم تكن تنوي ذلك في وقت قريب.. ألقيت بأمي من فوق الدرج، في اليوم الذي أدركت فيه أني أتقنت بعناية فن القتل البطيء..

العواصف التي كانت تمر بسريرها لم تكن هدفًا، بل وسيلة. فأولئك الذين كانوا يفرون عبر النافذة زودوها بالمزيد من الطرق، الوسائل، الكتب، السموم المعقدة كحسابات رياضية لتحديد القطع المكافئ الذي كان يرسم لنا السقوط على أرضية الحمام بحيث يجعلنا نكسر لأنفسنا يدًا أو ساقًا، لكن بعيدًا من الرأس..

الجميع أحب الطريقة الناعمة التي أودعت بها الشر في أجسادنا، ثم، لاحقًا، كانوا يتظاهرون بالحزن، بدموعهم الغليظة كأنها خارجة من فراشة الصنوبر، وبالمناديل القماشية كانوا يجففون عرقًا غير موجود لامرأة أنهكتها الظروف! لكنها، دائمًا، كانت مثالية، مثيرة، دائمًا، جميلة؛ وعلى الرغم من أنها أم لستة أطفال يحتضرون وهم على قيد الحياة، كانت تبدو كشابة صغيرة، إلى الأبد، إذ يبدو أنها كانت تتغذى على وجعنا.

كانت مثل الساحرة الشريرة في القصص، تحبس الأميرة، ترتشف من شبابها كل ليلة؛ فكانت أمي تلك الساحرة التي لا تشيخ بفضل الطريقة المثالية؛ أن تستيقظ في أيام السبت كما لو أنها عائدة من مهرجان، تدندن بالأغاني، في غاية الأناقة، جميلة لدرجة أنني كنت سأغفر لها قتلنا؛ لكني لم أستطع فعل ذلك.

ألقيت بها من أعلى الدرج؛ لأنني كنت أعلم أن ليس هناك أمير ليفعل ذلك من أجلي. كان الجميع يحبونها وكانوا على علم بجنونها، يوافقونها دون اعتراض. كانت أمي تستمتع بضعفنا لأنها كانت تؤمن أننا ملكية خاصة، كما كانت تعتقد الساحرات أن جمال الأميرات ملكية خاصة لهن..

ألقيت بها من أعلى الدرج؛ لأنني لم أستطع تحمل فكرة العيش على الجانب الآخر من المرآة إلى الأبد. لأنني أردت أن أثبت لها أنني بالطبع أعرف كيف أنهي الأشياء.


المصدر : موقع Zenda

الرابط : https://www.zendalibros.com/esto-es-lo-que-se-un-cuento-de-maria-zaragoza/