أسرار أبديّة

أسرار أبديّة

كالغيمِ هيّج شوقَ العشبِ وانصرفا           كالجمرِ أيقظَ دفْءَ الليلِ ثم غفا

كالشِّعرِ صبَّ على (القيثارِ) خمرتَه           حتى إذا سكِرتْ أوتارُه انقصفا

أنا وأنتِ، وما بين الرِّغابِ هوًى                 لاثنينِ ما ائتلفا يومًا ولا اختلفا!

توافيا في طريقٍ – والطريقُ لها                أُذْنانِ- فاشتعلا أنْسًا وما اقترفا

فذابَ أولُنا في الأفْقِ منكسرًا                  واندسَّ  آخرُنا في الصمتِ مرتجفا

وبيننا السدُّ، لا يأجوجُ رغبتِنا                   تَسْطِيعُ  نقْبًا، ولا يندكُّ منجرِفا

لكنّ عندكِ من أهوائنا طرَفًا                    فأحكِميه، فإني أُمْسِكُ الطرفا

وقد نكرِّرُ يومًا ضوءَنا وعسى                   أن نلتقي مثلَ لُقيانا التي…؟ وكفى

٭٭٭

كُوني (سُراقةَ) هذا العُمْرِ واتخذي            سِوارَ كِسْراكِ من دون المنى هدفا

وفصّلي الوقتَ فانوسينِ ما حملا             إلا سنًا من بلاطِ الشمسِ مختطَفا

ولا تبالي بأدغالِ الرياحِ ولا                     ما خبّأ الزمنُ المَوْتُورُ أو قذفا

فربّما غيّر الإعصارُ نيَّتَه                          فمشّطتْ كفُّه الأغصانَ والسعَفا

وحسبُنا في اكتهالِ الوقتِ أن لنا             فألًا ندلّلُ فيه الحبَّ والشغفا

٭٭٭

يا ربّ لا تعطني نَعماءَ منصرِفٍ               عن البهاءِ، فلو لم يَعْمَ ما انصرفا

حيرانَ، ملتبِسَ الفحوى، كمتّهمٍ            تورّمتْ وجنتاه ساعةَ اعترفا

لم يرتجفْ نبضُه يومًا على لغةٍ              من اليقينِ، ولم يعبَأ بمن رَجفا

ولم يُهَيِّئْ لخدِّ الشمسِ قُبلتَه              ولا ارتقى في جذوعِ الحُلْمِ واخترفا

وسار في الروضِ لم يَقرأْ مفاتنَه            ومرَّ بالنهَرِ الحاني وما اغترفا

مهشَّمًا كبقايا الجمرِ مرتقبًا                  فناءَه، برمادِ الموتِ ملتحفا

٭٭٭

أنا وأنتِ على نجمينِ قد عبَرا               يومًا بمُنعَطَفِ الأفلاكِ فانعطفا

وهيّآ من تكايا الكونِ مُتّكَأً                    ورفْرَفًا عبقريَّ الحسنِ مختلفا

فالأرضُ منّا على ضوءٍ نرتِّبُه                 شُهْبًا، ونوقظُ من في الرازحين غفا

هنا نخمِّرُ ياقوتَ الشموسِ، هنا            نبني لكلِّ مُنًى نجميّةٍ غرَفا

ميلادُنا الآن، هذا بعضُنا أزلٌ                 وبعضُنا ذبح الميعادَ وانصرفا

٭٭٭

للضوءِ ناموسُه المبتلُّ أسئلةً              (متى وكيف وأنـّى؟) بعدُ ما نشفا

والواقفون على أعرافِه مكثوا              يباهِلونَ سناهُ أنه عُرِفا

حسن السبع.. فرادات شخصية في كائن شفاف

حسن السبع.. فرادات شخصية في كائن شفاف

ليس بقرينه الشعر، ولا عبر مقالته المستمرة منذ عقود، ولا برواية أصدرها متأخرًا؛ يمكن أن تتعرف عليه. من لم يعرف الأستاذ حسن السبع عن قرب، عليه أن يجد أكثر من بديل ليواسيه في هذه الحياة.. إذ يندر امتزاج تلك الفرادات الشخصية في كائن شفاف.. شيخ بين الشيوخ، يفضحه قلب طفل، مفعم بحماسة الشغوف بالحياة وهو يراها مقبلة.

لن تعدم أن تجد فيمن حولك، المطبوع شعرًا ورقة، ولربما تجد الصديق المازح بتقدير والبشوش عند كل لقاء.. وربما تعثر على متأمل في اللحظة الراهنة بوعي معرفي، التراثي في استشهاداته الملتقطة من بطون الكتب العتيقة.. وستجد من له خَصلة العطف والحنان على عثرات الأصدقاء. العاذر عند السهو، المتعفف عن مزاحمة اللاهثين، المشفق على الآخرين والساخر بضحكة يستر انفجارها بيد خجولة.. نعم ستجد من يتمتع منعمًا بخَصلة مما سبق، لكن حسن السبع يوفر عليك مجلسًا مكتظًّا بكل وجوهه السمحة، ويأتيك بكله لا راجيًا ولا ثقيلًا.

تعرفت عليه في رواق المبنى الخلفي لمقر جريدة اليوم نهاية الثمانينيات، وكان القسم الثقافي في عهد إدارة المرحوم شاكر الشيخ.. بين زملاء أعزاء -لم ينجُ أي منا من سهامه بالطبع- منهم الصحافي الفذ عبدالرؤوف الغزال، وسمير الفيل، وأحمد سماحة، وعبدالرحمن السليمان، وعبدالعزيز السماعيل، ومبارك الحمود وآخرون.. أذكر أنه كلما وُزِّعت المهام علينا تخاطفنا قبله ما يلمع، وكعادته يأخذ حصته الخفيفة الضوء والعميقة تأثيرًا، لتكون صفحة كتابات القراء التي تقدم الواعدين إبداعيًّا نصيبه الأول، إلى جانب تناوبه على كتابة افتتاحية الملحق الثقافي، يحرز البريد القادم من شتى الأرجاء ويحرر الصفحة ويعكف عليها في منزله على مهل العارف والحنون على المستقبل.. بخطه الأنيق والمنقوش، الذي اعتدنا أنه المادة الوحيدة التي يدللها قسم التصحيح بين سائر مواد المحررين.

لم أسمع يومًا أن أبا نزار ذكر دوره الأبوي لاسم واحد من الأسماء الأدبية التي اكتشفها ورعاها بالعناية والتوجيه. كان ينشغل بدلًا عن ذاك بالمشاكسات الطريفة واللذيذة التي تخفف من جهامة العمل وضغطه، وتشعّ بالبهجة في تلك الصالة القصية من مبنى التحرير الفقير في بادية الدمام.

كأني أراه الآن منتظم الحضور حد الساعة والدقيقة، بهندامه الناصع الأنيق وأوراقه المنظمة والمعادة كتابتها من دون كلمة واحدة معدّلة. لم أره غاضبًا إلا مرات قليلة، وكم تمنيت حينها أن يتكرر استفزاز الشخصية الساخرة فيه، تلك الشخصية التي تهجم مثل فارس نبيل، حاضر البديهة، لاذع الإشارة.. التي بقيت في ذاكرة الزملاء في القسم الثقافي منقوشة على الرغم من هجائيتها المتعففة عن البذاءة في تعليقات خلدناها وفي أبيات شعرية لو جمعت وحدها لكانت قراءة في مرحلة صعبة من الزاوية الأصعب، يمكن تسميتها: التهكم الثقافي.

هكذا عرفته

هكذا رافقته

هكذا أحبه وأراه

وهكذا ودعته إلى الأبدية.

ظلُّ النظرات المتعبة

ظلُّ النظرات المتعبة

غروب

عندما تهافتتْ أشباحُنا

آخرَ اليوم

على رصيف الميناء

مثل أوراق الخريف

كان الشاطئ

ينضمّ على بعضه

حنانًا

بقدميها العاريتين.

قبطانة

أدركتُها

قبيل الفجر

حائرةً

في خطوط الحرق القديم

على ظاهر كفّي

كمن يلتمس مكانَه

في خريطة كنز

دمي متقاعسٌ

ورياحي غيرُ مواتية

لكنّها

عازمةٌ على الإبحارِ

على أيّة حال

قبطانةُ الوقت المهدور

في عينيها فقط

تلتمع

لؤلؤةُ روحي.

وشم

واحةٌ

موشومةٌ أسفلَ ساقِها،

ظلُّ النظرات المتعبة.

طريق البيت

على

تعرّجاتِ

خطوطِ الولادة

في بطون زوجاتهم

يجد الآباء التائهون

أخيرًا

طريقَهم إلى البيت.

رجوع

أنوء بنفسي

مثل شمسٍ ثقيلةِ الوهَج

ها أنا

في الرجوع الطويل إلى حبيبتي

أحرقت جميع الظلال.

شاعر المتاهة وشاعر الراية

شاعر المتاهة وشاعر الراية

فوزي كريم

فوزي كريم، الشاعر والناقد العراقي المعروف، من الشعراء والكتاب الذين أحرص دائمًا على اقتناء كل كتاب له تقع عليه يداي. وقد قرأت له عددًا من الكتب المهمة، من بينها مجموعته الشعرية الكاملة الصادرة عن دار المدى عام 2000م، وكتابه النقدي الذي كان مفصليًّا في تشكيل تجربتي الشعرية الشخصية، «ثياب الإمبراطور»، الصادر في طبعته الأولى في العام ذاته، و«تهافت الستينيين» (2006م) و«العودة إلى كاردينيا»(2004م). آخر ما قرأته له هو كتابه الصادر حديثًا «شاعر المتاهة وشاعر الراية: الشعر وجذور الكراهية»، الصادر عن منشورات المتوسط، 2017م، الذي يشكل على نحو من الأنحاء امتدادًا لأطروحته النقدية في كتابه «ثياب الإمبراطور» بشكل أساس، ومن ثم كتابه الآخر «تهافت الستينيين».

شاعر الأسطورة وشاعر التاريخ

كان من الممكن أن يختار المؤلف «شاعر الأسطورة وشاعر التاريخ» عنوانًا لكتابه، لكن ثنائية المتاهة والراية تبدو أكثر لفتًا للسمع، ودغدغة للحس، وأبعد من تقليدية ومألوفية ثنائية الأسطورة والتاريخ. يورد كريم في مطلع الفصل الأول من كتابه، الذي جاء تحت عنوان: «الشعر والتاريخ»، عبارة أثيرة لديه وهي أن «الشاعر ينتسب للأسطورة، لا للتاريخ». والشاعر المعني هنا هو الشاعر كما ينبغي أن يكون وليس كما هو كائن، أي أنه الشاعر المثال الذي يتحقق به وفيه المعنى الحقيقي للشعر. فما الذي يعنيه انتساب الشاعر للأسطورة في مقابل انتسابه للتاريخ. الأسطورة المعنية هنا ليست الأسطورة بمعناها الظاهر والمألوف الذي نجده لدى شاعر مثل السياب الذي استحضر الأساطير اليونانية وغيرها في شعره، على سبيل المثال، بل هي الأسطورة الشخصية التي يشكلها الشاعر في شعره بعيدًا من الواقع وحقائق التاريخ، وتحويله وارتقائه بمفردات وأماكن وشخوص حياته إلى مقام الأسطورة كما فعل السياب مع جيكور وبويب ووفيقة. أما التاريخ، الأقل التباسًا، فهو التاريخ بقبضة أحداثه الصارمة التي تناصب الخيال العداء، وتجنح للواقع المدبب والفظ الذي يجعل من القصيدة بوقًا ينفخ فيه رسائله وإشاراته.

شاعر الأسطورة أو المتاهة هو كائن «ينصرف في كتابة قصيدته إلى معتركه الداخلي»، في حين أن شاعر التاريخ أو الراية «ينصرف إلى معتركه مع الآخر؛ شخصًا كان هذا الآخر، حزبًا، عقيدة، فكرة أو تاريخًا». ولا يعني هذا بالطبع أن شاعر المتاهة منفصل عن تاريخه وأحداث زمانه وهموم شعبه وأمته، وهو قد يعبر عنها في شعره، أو لنقل: إنها تتسلل إلى شعره، لكنها لا تفرض منطقها وأبجديتها عليه، بل هو من يطوعها ويعيد تشكيلها وصوغها لتتلاءم مع مزاجه الشعري الذي يتعالى على شروط الزمن وإملاءاته الضيقة. ولا يقتصر مفهوم شاعر الراية على الشعراء الذين تطغى السياسة والأيدلوجيا أو الحزبية أو ما عرف لاحقًا بالالتزام في شعرهم، بل إنه يمتد أيضًا ليشمل شعراء رفعوا راية الحداثة الشكلية، المفتونة باللغة والمجاز والشكل الشعري أكثر من اهتمامها بالتجربة الإنسانية والروحية التي لا يصبح الشعر شعرًا إذا تخفف منها وتخلى عنها. والرائد الأول أو ربما الأبرز لهذا النوع من الشعر وهذا الضرب من الرايات عربيًّا هو أدونيس، بحسب ما يرى فوزي كريم، والمثال الأبرز عراقيًّا من شعراء الستينيات العراقية هو فاضل العزاوي.

جذور الكراهية

فيما يخص الشعر العراقي تحديدًا، وفيما يرتبط بفكرة «جذور الكراهية» التي ترد في العنوان الفرعي للكتاب، يطرح الكاتب ويناقش فكرة مثيرة للجدل حول طبيعة الشخصية العراقية والشعر العراقي في آخر فصول الكتاب تحت عنوان: «الشعر والكراهية»؛ إذ يشير إلى أن الشخصية العراقية «تتصف بتعارضات داخلية محتدمة»، محيلًا إلى كتابات علي الوردي بهذا الشأن. هذه التعارضات وجدت لها انعكاسًا لدى أبرز الشعراء العراقيين كالجواهري الذي يعجز الكاتب كما يقول عن إحصاء «قطرات الدماء، وفيض الكراهية» فيه، وذلك انطلاقًا من ونتيجة لانغماس الجواهري في تعارضات «المعترك السياسي» الذي طالما كان محتدمًا في المشهد في التاريخ العراقي المعاصر.

موجة شعراء المتاهة الأولى تمثلت في كل من نازك الملائكة والسياب وبلند الحيدري وحسين مردان ومحمود البريكان، الذين خص المؤلف كل واحد منهم بدراسة خاصة ووافية يبسط فيها الأوجه التي تبرر إدراجهم ضمن هذه الفئة من الشعراء. أما «ستينيو المتاهة» فكان هو عنوان الفصل الذي تضمن أسماء الموجة الثانية من شعراء المتاهة، (والشاعر فوزي كريم واحد منهم بالتأكيد) وهم كل من حسب الشيخ جعفر وياسين طه حافظ وسركون بولص. أما شعراء الراية فتمثلوا في كل من عبدالوهاب البياتي، الشاعر الأممي الذي كان رائدًا في هذا المجال، وسعدي يوسف، الشاعر الذي رفع الراية القومية زمنًا طويلًا فعرف بها وعرفت به. «ستينيو المتاهة» بدورهم تمثلوا بشاعرين هما سامي مهدي وفاضل العزاوي الذي سبق أن احتل فصلًا موسعًا في كتاب «ثياب الإمبراطور»، مما حدا بالمؤلف للاكتفاء بسامي مهدي كنموذج ممثل لهؤلاء الشعراء في كتابه الجديد.

ولا يعني كونك «شاعر راية» أن تظل كذلك إلى الأبد، فالشاعر الحقيقي يمر بمراحل مختلفة من التحولات والتقلبات وربما الانقلابات الجمالية، إن صح التعبير. فالبياتي مثلًا، وبعد انحسار موجة الأممية التي سادت في خمسينيات القرن العشرين وأوائل الستينيات طغت على شعره مسحة صوفية، وأصبح أقرب إلى أن يكون «شاعر متاهة»، وكذلك الأمر مع سعدي يوسف الذي خفت نبرة القومية العربية والنضال اليساري في شعره في مراحل متأخرة من تجربته الشعرية الغنية بتنوعها وغزارة إنتاجها. وإذا ما خرجنا قليلًا عن إطار الشعر العراقي، فإن شاعرًا كبيرًا مثل محمود درويش، على سبيل المثال، كان «شاعر راية» في مطلع تجربته الشعرية، وظل كذلك حتى مطلع التسعينيات أو قبلها بقليل، ليتحول إلى «شاعر متاهة» بامتياز.

وعلى الرغم من أن الكاتب قد توخى الموضوعية ما استطاع في صفحات كتابه الشائق فإنه فيما بدا لي كان قاسيًا على شعراء الراية إجمالًا، وبخاصة حين يقول: إن «قداسة الفكرة لدى شاعر الراية يمكن الالتفاف حولها ومخاتلتها، ما دام الإنسان عنده رخيص الثمن، ولا يتسم بقداسة»، ص 228. ختامًا، هناك بعض الملحوظات المستغرب وقوعها في دراسة محكمة، وإن لم يكن ذلك بالمعنى الأكاديمي، من كاتب وناقد قدير ذي تجربة طويلة في الكتابة والنشر، ومن ذلك تكرار بعض الفقرات المطولة (صفحتان على وجه التحديد) في موضعين مختلفين من الكتاب، فما أورده الكاتب في مقدمة القسم المخصص للشاعر عبدالوهاب البياتي من تقديم وعرض لمنشأ فكرة الواقعية الاشتراكية والجدانوفية (ص 120-121)، هو بعينه ما ورد في مطلع القسم الذي خصصه للحديث عن تجربة نازك الملائكة (ص 37-38). وهناك أيضًا الخطأ في معلومة أوردها الكاتب في القسم المخصص لسعدي يوسف حين قال: إنه أصدر ديوانه الأول عام 1952م بعد عامين من صدور ديوان البياتي الثاني، والصحيح هو أنه الأول؛ فالبياتي أصدر ديوانه الأول «ملائكة وشياطين» عام 1950م. ثم إن هناك كثيرًا من الأخطاء الطباعية التي، لحسن الحظ، لم تنغص علي متعة قراءة هذا الكتاب الجدير والمستحق للقراءة المتأنية والمتأملة.

يا طفلي.. نصوص قصيرة جدًّا

يا طفلي.. نصوص قصيرة جدًّا

يا طفلي! إنما أنت سيجارةُ خَلْقٍ ضجران.

*    *    *

يا طفلي! إياك إياك. لا تنخدع. جرّةُ الرماد ثقيلةٌ ثقيلة.

*    *    *

يا طفلي! كرّسْ حنجرتك للغزل وسوف تنبت للرصيف أجنحة.

*    *    *

يا طفلي! ادّخرْ شربة الماء. الظلّ قصيرٌ والهاجرةُ مقبلة.

*    *    *

يا طفلي! شُقَّ للابتسامة وجهًا. العيونُ المصفّحة قتلتْ أمَّكَ.

*    *    *

يا طفلي! كوبُكَ غيرُ فارغ. لمه الدمدمة؟

*    *    *

يا طفلي! ستراهم سكارى وما هم بسكارى، ولكنّ جمالَكَ شديد.

*    *    *

يا طفلي! امضِ. لا تلتفتْ. كلُّهُ مُدّخَر وستتذكّرُه؛ فاصلةً فاصلة.

*    *    *

يا طفلي! انظرْ إليه. سيركٌ منصوب. هذا أيضًا، سراب.

*    *    *

يا طفلي! تفنّنُوا في الحَجْبِ؛ فاخترعتُ لكَ الدهاليز.

*    *    *

يا طفلي! لا تتعجّل. حتمًا، سيُصابُون بك.

*    *    *

يا طفلي! انتبهْ للُّعبة. تيقّظْ إلى أنّكَ في اللعبة.

*    *    *

يا طفلي! الظلمةُ عاتيةٌ وشمعُكَ قليلٌ وهيّن.

*    *    *

يا طفلي! اتْبَعِ البلَل؛ وسيبلِغُكَ عن العطش.

*    *    *

يا طفلي! أنفِقْ من الأغنية بإسرافٍ، ولا تهتم.

*    *    *

يا طفلي! الملاعين جاؤوا بأثوابهم السابغة. افضحْهم. اخرجْ عليهم بعُريِك.

*    *    *

يا طفلي! لا تصدّقْ أنّ الجزاءَ من جنس العمل. الجزاءُ لعبةُ نرد.

*    *    *

يا طفلي! الطَّرْقُ يتعالى لكنّ الشاطئَ مقفر.

*    *    *

يا طفلي! السَّيْرُ المدهون لا تمشِ عليه. على بطنِكِ فازحفْ وستصل.

*    *    *

يا طفلي! السوق مزدحم؛ فلتشرق ضحكتُك.

*    *    *

يا طفلي! هجَمَ السُّعاةُ ولا بريد.

*    *    *

يا طفلي! مِن هرهرة الكلاب وذلّها ستعرف القصّاب.

آيتُهُ بقعةُ دمٍ تتبعُهُ قرقعةُ عظام.