مشكلات الترجمة إلى العربية ومنها

مشكلات الترجمة إلى العربية ومنها

مشكلات الترجمة إلى العربية تمتد من الجانب التقني الفردي إلى الجانب المسمّى «سياسات الترجمة» الذي يشير إلى ما تنطوي عليه الترجمة من مؤثرات ومقاصد وما يتأتّى عنها من مفاعيل، مما يتعلق بالسياق الذي تتم فيه وأسئلته التي تأتي هذه الترجمة استجابة لها.

هكذا، نعاني في العالم العربي نقصَ المترجمين الجيدين، وهو الأمر الذي يتجلّى في هيئة أداء رديء على مستوى التعبير والتركيب واضطراب المصطلح والجهل الثقافي الذي يغفل سياقات الأصل على شتى المستويات.

نعاني أيضًا التأخّرَ في متابعة أحدث النتاجات الفكرية والأدبية والعلمية التي يضطلع بها العالم، ما يتجلّى في طول المدة بين ظهور الأصل وظهور ترجمته العربية، إلا إذا كان كتابًا رائجًا سطحيًّا يشجع على تماهي القارئ معه تماهيًا خياليًّا بعيدًا من أي روح نقدية.

على الرغم من تزايد الاهتمام بالترجمة وتزايد المؤسسات التي تعنى بها وتزايد تدقيق هذه المؤسسات في ما تستقبله من ترجمات، فإنّ كثيرًا من المشكلات لا يزال موجودًا، ولا سيما عدم التنسيق بين البلدان العربية سواء في ترجمة الأعمال أو في ترجمة المصطلحات، فضلًا عن مشاكل أخرى متعلقة بالترجمات السيئة، والاستعجال في الترجمة، وعدم إعطاء المترجم حقّه المادي اللائق وكذلك الترجمة عن اللغات الوسيطة. 

وتتعلق مشكلات الترجمة إلى العربية، وأكثر منها مشكلات الترجمة من العربية، بما يمكن أن ندعوه «سوق التبادل الثقافي العالمي» أو «سوق الترجمة العالمي»، وهو سوق تحكمه تباينات القوة الثقافية واللغوية، وتحكمه سيطرة «البيست سيلر» أو «الكتب الرائجة» التي عادةً ما تكرّس قيم الثقافة السائدة عالميًّا فكريًّا وفنيًّا، كما يحكمه تخلفنا الثقافي على نحو شبيه نوعًا ما بتخلفنا الاقتصادي الذي يجعلنا نستورد أكثر مما نصدر بكثير.

الترجمة بهذا المعنى الأخير هي قمة جبل الجليد من مؤسسة كاملة للإدناء والإقصاء و(سوء) الاختيار، تضمّ ناشرين ومموّلين وجوائز ودوريات وبرامج تسويق وإعلام ومراكز ثقافية ومنظمات حكومية وغير حكومية وشلل ثقافية ممتدة (كتّاب ومترجمون ونقّاد محليون ومهاجرون وأجانب) وشخصيات تعمل كعقد اتصال بسبب نفوذٍ ما ماديّ أو معنويّ، بحيث يجري اعتماد هؤلاء مراجع في اختيار وتمرير من يمتثل لمعايير المؤسسة المذكورة، التي تكاد تغيب عنها القيم الأدبية الحقّة ومنها قيم التمرد الأدبي الجوهري، المتمثّل في ابتداع أشكال جديدة للقول وكيفيات جديدة للكتابة والكشف.