فراشات – نصار الحاج

فراشات – نصار الحاج

هناك

طيف غريب

يُشبه قوس قزح

يتلوى مع انعطاف السحاب

وانحراف الغيوم

مثل فقاعات شفافة تكسوها فضة المطر

تلمع مشعةً بلون البلور

تتلونُ كلّما تقاطعت مع خيوط الضوء

تحوم حول الأشجار

وأطراف الأسوار المكسوة بالأعشاب

طيف جميل يتهادى في الأفق

طيف فراشات صغيرة تظهر مثل ظلال خاطفة

وتتلاشى كأنها لم تكن هنا

كأنها مرَّت مع البرق الذي أنارَ الوجوه الضاحكة

خفيفة في كل شيء

في رشاقتها التي تُضيء الأرواح المُتْعَبَة

في تعقبها سرب الطيور المهاجرة

في رشّةِ عطرها التي نتخيلها قطرات من ندى الأمطار

في لوحة الألوان

وخفة الطيران

فراشات الخريف مولعة بالحياة

تغسل أجنحة الكون

وهي عابرة

تطوي المسافات بالسفر تحت غمام الصباح

وفي عيون الأطفال

تلمعُ زاهية مثل بالونات الحلوى

وزينة أعياد الميلاد.

صَهْ، لا تُبَلِّلْ ثِيابَ هذا المَطَر ..

صَهْ، لا تُبَلِّلْ ثِيابَ هذا المَطَر ..

(1)

هذا المساء

سيقولُ لكَ المَطَر

ثَمَّةَ شجَرةٌ

وحيدةٌ

هُناك …

الطَّريقُ إلى خَصْرِها

مَحْفُوفةٌ بِظمأٍ يطول،

وأخشى …

قُلْ لَه:

القصائدُ التي تشغَلُ بالَ النُّجوم

تنتظِرُك،

عاريةَ الحِبْرِ،

تحتَ تِلكَ الشَّجَرة …

(2)

مَطَرٌ مِسكين

يجهَلُ أبسطَ الأشياء

يطرُقُ بابَك

وقدْ غادرتَ منزلَك

منذُ سِنين …

ها هُو مُبتَلُّ الثياب

فقد نسيَ كعادَتِهِ

أنْ يأخذَ مِظلَّتَه العَتيقة

التي أهداها له أحَدُهُمْ،

لا يذكُرُ الآنَ مَنْ هو،

قبلَ أنْ يموتَ بِساعات …

(3)

ستقولُ لك:

«أنتَ خفيفٌ كَغيم،

والمَطَرُ الذي بِك

كأنَّه قامَ لِتَوِّه

مِنْ سريرِ سمائه السَّابِعة …

أنتَ خفيفُ الغَيم

فاخترْ سِوى الأناشيد

أُرجوحةً لَك … »

لا تتأمَّلْ كثيرًا في حَنينِها،

وقدْ تَشظَّى

حِينَ طارَ طيرُك،

فلا غَيمَ … ولا أناشيدَ … ولا …

(4)

الْمَطرُ الذي يُطَقْطِقُ أصابِعَه في الخارِج

خَبِّرْه أنَّهُم أقاموا البُيوت

كي يتشرَّدَ في الطُّرُقات

وسطوحِ البِناياتِ والْجُدران …

وكي يسيلَ

وهو يرجُفُ مِنَ البَرْد،

ولكِنْ

لا أحد

سيفتَحُ لَه الباب

أو يأوِيه ليلةً واحِدة

في غُرفَةِ الضُّيوف …