قصائد ابن الورد

قصائد ابن الورد

٭

أمشي وراءَ اسْمي،

أعلّمُه الكتابةَ والغناءَ،

وخلفَهُ أمشي، يعلّمني الحياةْ

٭

عرفتُ الدربَ نحو اسْمي،

عرفتُ: الرّيحُ تحملُني إليهِ،

عرفتُ أشلاءَ المُغنّي في دَمي،

وعرفتُ أنّي سوفَ أجمعُها،

لأكتبَ سِيرتي الأولى،

وأجمعَ مِن شَظاياها..

حروفَ اسميْ

٭

عرفتُ الدربَ نحوَ اسْمي،

قرأْتُ دُروبَهُ ومشيتُ،

كان القلبُ مِصبــاحي

رأيتُ دمًا على الطُّرُقات،

ظِلّي كان مَشنوقًا على الحِيطان..،

كان اسْمي

حُروفًا مِن غُبارٍ بعثرتْها الريحُ،

في مُدُن الصّفيحِ،

وفي الخِيامِ،

وفي قِطاراتِ الغُروب،

وفي شِتاءاتٍ بلا نار،

وشمسٍ دونما مأوى..

٭

أريدُ اسْمًا يُخبّئُني،

شِتائيًّا ثقيلًا كَيْ يُدفِّئَني،

ويَحميني مِن النّيرانِ والطّلقاتْ

أريدُ اسْمًا ربِيعيًّا خفيفًا،

مِن زُهور اللوزِ،

واسْمًا للنّخيلِ.. الحُرّْ

٭

وكَتَبْتُ أسْماءَ الرّبيعِ

كتَبْتُ أسْماءَ الخَريفِ،

كتَبْتُ أسْمائي وأشْلائي،

لأعْرِف مَنْ أكونُ أنــا،

كَتَبْتُ، وما عَرَفْتُ..،

كَتَبْتُ أيّامي فُصولًا

للصَّباحِ/  وللظّهيرَةِ/  والمَســاءِ

لأعْرِفَ السّاعاتِ/  والأيّامَ

أهْذي/  أو أغَنّي /

كَيْ أرانــيْ

أو سأكتُبُ أيَّ حُلْمٍ

أكْتُبُ القُبُلاتِ والأحلامَ

أكتُبُ ليلَكِ المَخْمورَ بالأشْواقِ

كُوني كَيْ أكونَ، نكونَ

إنّي عاشِقٌ لِلكَونْ

٭

طويلًا..

حفرتُ على اسْمٍ يُلائمني،

وعميـقًا حفــرتُ لأرسُمَـهُ،

ألفَ عامٍ حفرتُ، رسمتُ،

وجُبتُ العواصمَ حتّى اهتَديتُ،

وأيقنتُ أنّي ابتعدتُ، وتهتُ،

وأدركتُ «بالقَلبِ»

أنّي أنا اسْمي

٭

في الدرب جَدّي/  جَدّتي

وكأنّما الـطوفانُ يقتلعُ البيوتَ،

كأنّما الحيتانُ تبتلعُ اللآلئَ والشواطئ

في الدرب كان أبي وأمّي،

كانت الغربانُ تنعبُ في الخرائب،

كانت الأوطانُ تمشي في اتّجاه المَوت،

تأخذُنا إلى أسماءِ مَن صاغوا قواميسَ البِلادِ من الأساطير،

استفقْنا في الطريقِ إلى الفراغِ، كأنّنا أعداؤنا، نمشي إلينا،

ثمّ عُدنا، عادت الروحُ العليّة، من سَماوات الخَواء إلى جحيمِ الأرض، عُدنا، كي نُعيدَ إلى الطبيعةِ ما تشاءُ من العُذوبة والطَّهارة والغِناءِ، وظلّت الدنيا تدورُ بنا كما دارتْ بِمَن سَبَقوا، فدُرنا في الهَباءْ

٭

مِن أينَ جاءَ اسْمي إليّ،

أنا المُشرّد في البَراري والجِبالِ،

ولمْ أعَمِّر في البِلاد سِوى خَرابٍ،

ليس لي في الأرضِ أيُّ عِمــارةٍ آوي إليها

عندما تَجتاحني ريح الشّمال،

أنا الذي، من ألْفِ عامٍ دُونما اسْم

يدلّ عليّ قلبي،

أو يدلُّ دمي على رُوحٍ أسَمّيها.. بِلاديْ

٭

مِنْ أينَ يأتي اسْمي

إذا لمْ تَزْرَعيهِ في ثِيابِك،

وَرْدَةً في صَدْرِكِ الشَّجَريِّ،

واسْمي العِطْرُ مِنْ نَهْرَيــكِ يَدْفُقُ،

وَهْوَ حَقْلٌ مِنْ حُقولِ يَدَيْكِ،

ظَلَّلَني قُرونًا بِاسْمِكِ السِّحْريِّ،

يَغْمُرُني بِحَوْضٍ أبيضٍ مُتَوَسِّطٍ

كَحَدِيقَةٍ سِرّيةٍ لِلعِشْقِ،

واسْمي نَجْمَةٌ مِنْ ضَوْءِ عَيْنَيْكِ المُبارَكَتَينِ،

باسْمِكِ سَوف أصْعَدُ سُلَّمَ الأسْماءِ،

باسْمِكِ سَوفَ أهْبِطُ بِئرَ أسْمائي وأنْهَلُ،

مِن حُقولِكِ سَوفَ أقْطِفُ وَرْدَ أسْمائي..

وأنْحَــتُ مِنْ تُرابِ القَـلْبِ أسْمـاءَ الرَّبيـعْ

واسْمي الذي،

مِنْ طِينِ «حَتّا»* رُوحُهُ،

مِنْ بِئرِها أمْطارُهُ وسَنابِلُهْ

يا تِينَ أسْمائي ويا زَيْتونَها البَرِّيّ،

يُزْهِرُ في دَمي النُّوّارُ،

تُزْهِرُ في السَّماءِ بَلابِلُهْ

واسْمي الذي من وردِ قلبي

جاءني في الحُلْمِ،

أعطاني حِكاياتي وأسمائي:

بلادُ التّينِ والزَّيتونِ،

واسْمي مِن بلادِ الناي،

أنْهارٌ وغاباتٌ، مُحيطاتٌ،

ولاسْمي ألفُ فلّاحٍ وبَنّاءٍ،

وفي قَلْبي تُشادُ سَلاسِلُهْ

واسْمي الزَّمانُ، أخُو المَكانِ،

وبُرْجُ أضواءٍ ومُوسِيقا، وزَعْتَرْ

واسْمي عَلى جَبَلٍ صَباحًا،

في المَساءِ يكونُ في الواديْ،

وبَيْنَهما أنا سَهْلٌ، وحَنّونٌ، وبَيْدَرْ

واسْمي أنا بَحْرٌ

ومِينائي مُحيطٌ هائجٌ،

وسأرسِـلُ الأمـواجَ،

أمواجي، لتَهبطَ في رَبيعِكْ

   

واسْمي رَبيعٌ للحَدائقْ

واسْمي حُقولٌ للزَّنابقْ

فَلْتَحْفَظي يا شَمْسُ أسْمائي

احْفَظي يا أرْضُ

قامَتِيَ الجَميلَةَ

واحْفَظيني يا سَماءُ

بِكُلِّ أيّامي القَليلةْ

واسْمي أنا..

ما اسْمي إذا جُنَّ النَّهارُ؟

وما اسْمُ مُوسيقايَ في القُبَلِ.. الأغانيْ؟

واسْمي سأكْتُبُهُ مِنَ الأحْلامِ،

مِنْ عَيْنَينِ كالغاباتِ في قَلْبيْ،

ومِنْ عَسَـلٍ وجُـوريٍّ و.. شــامْ

واسْمي غِناؤكِ في الصّباحْ

أنا مَنْ رأى في الشّامِ ضَوْءَ دِمَشْقِها

أنا مَنْ يرى فيها نَدى الأيّامِ

يا شامُ عادَ إليكِ

وَهْجُ الياسَمينُ الشّامي

هلّا تَعـــودُ لِعِطْـــرِها.. أيّــامي؟

في الصّالحيّة عُدْتُ أشربُ قَهْوتي

في باب تُوما زَهْرَةُ الأحلامِ

وأنا الفلسْطينيُّ

مِنْ شــامٍ دَمــيْ

ودِمَشْــق قَلْبــــيْ

وأنا رأيتُ الشّامَ تَصْعَدُ

والرّياحُ تطيرُ مِن أعطافِها قُبَلًا

كأنَّ الربَّ يَرْسمُ وَجْهَها

واسْمي بلادُ الشّامْ

مِنْ أينَ أبدأ يا بلاديْ؟