المقالات الأخيرة

جائزة العويس تكرم الفائزين في فروعها المختلفة

جائزة العويس تكرم الفائزين في فروعها المختلفة

 احتفلت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، الخميس الماضي، بتوزيع جوائز الفائزين في الدورة الـ 18 بحضور شخصيات فكرية وثقافية إماراتية وعربية، بينهم الشيخ سالم بن خالد القاسمي وزير الثقافة، والدكتور أنور محمد قرقاش رئيس مجلس الأمناء، ومحمد المر رئيس مجلس أمناء مكتبة...

عبدالسلام بنعبد العالي… بورتريه صيني لفيلسوف مغربي!

عبدالسلام بنعبد العالي… بورتريه صيني لفيلسوف مغربي!

لو كنتُ بورتريهًا، فلأكُن بورتريهًا صينيًّا ليست كتابة البورتريه بأقلّ صعوبةً من رسمِه، في الحالتين كلتيهما نحن مهدّدون بأن نخطئ تقديرَ المسافة، أن نلتصق بالمرسوم إلى درجة المطابقة، بحيث نعيد إنتاجَه إنتاجًا دقيقًا يخلو من أيّ أصالةٍ؛ أو أن نجانِبه، فنرسم شيئًا آخر......

الموريسكيون ومحاولات محو الذاكرة

الموريسكيون ومحاولات محو الذاكرة

تظل قضية الموريسكيين واحدة من أبرز القضايا المتعلقة بتاريخ الوجود العربي الإسلامي في الأندلس، وهي التي شهدت كثيرًا من الأحداث الدراماتيكية منذ سقوط غرناطة عام 1492م حتى طردهم من الأندلس عام 1609م في عهد الملك فيليب الثالث، فالأحداث التي ترتبت على سقوط «غرناطة» آخر...

الاغتراب والرواية المقيّدة

الاغتراب والرواية المقيّدة

تتوزع حياة الإنسان على وضعين: وضع أول يدعوه الفلاسفة: الاغتراب، يتسم بالنقص والحرمان، ووضع ثان يحلم به ويتطلع إليه وهو: عالم التحقق أو: اليوتوبيا. يتعرف الاغتراب، فلسفيًّا، بفقدان الإنسان لجوهره، وتوقه إلى استعادة جوهره المفقود بعد أن يتغلب على العوائق التي تشوه...

نص الصحراء واللامفكر فيه عند إدمون جابيس وبلانشو ولفيناس

نص الصحراء واللامفكر فيه عند إدمون جابيس وبلانشو ولفيناس

يصف موريس بلانشو الأدب كمنفى في الصحراء، حيث يصبح الكاتب ضعيفًا تسكنه المخاوف مثل تلك المخاوف التي سكنت بني إسرائيل عندما قادهم النبي موسى، امتثالًا لطلب «يهوه»، في رحلتهم عبر صحراء سيناء إلى أرض كنعان؛ فالصحراء فضاء هندسي مناسب لاحتواء مفاهيم من قبيل العزلة...

شيخ المؤرخين والنقاد الموسيقيين زين نصار: الاستخدام العشوائي للتقنية دمر الموسيقا وأفسد الذوق العام

بواسطة | أغسطس 30, 2016 | موسيقا

يعد‭ ‬الدكتور‭ ‬زين‭ ‬نصار‭ ‬شيخ‭ ‬المؤرخين‭ ‬الموسيقيين‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬وربما‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬فقد‭ ‬شغل‭ ‬منصب‭ ‬أول‭ ‬رئيس‭ ‬لقسم‭ ‬النقد‭ ‬الموسيقي‭ ‬في‭ ‬المعهد‭ ‬العالي‭ ‬للنقد‭ ‬الفني‭ ‬مدة‭ ‬سبع‭ ‬سنوات،‭ ‬وأشرف‭ ‬وشارك‭ ‬في‭ ‬مناقشة‭ (‬147‭) ‬رسالة‭ ‬ماجستير‭ ‬ودكتوراه‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الموسيقا‭ ‬والغناء‭ ‬والنقد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ (‬أكاديمية‭ ‬الفنون،‭ ‬وجامعة‭ ‬حلوان،‭ ‬وجامعة‭ ‬القاهرة،‭ ‬وجامعة‭ ‬عين‭ ‬شمس،‭ ‬وجامعة‭ ‬الإسكندرية‭)‬،‭ ‬وكتب‭ ‬المادة‭ ‬العلمية‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬37‭ ‬عامًا‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬البرامج‭ ‬الموسيقية‭ ‬في‭ ‬الإذاعة‭ ‬المصرية‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭: ‬عالم‭ ‬الموسيقا‭ (‬استمر‭ ‬مدة‭ ‬26‭ ‬عامًا‭)‬،‭ ‬وفن‭ ‬الباليه،‭ ‬وسؤال‭ ‬موسيقي،‭ ‬والموسيقا‭ ‬المصرية‭ ‬المتطورة،‭ ‬وإيقاعات‭ ‬ونغمات،‭ ‬وسهرة‭ ‬مع‭ ‬الموسيقا،‭ ‬ومع‭ ‬الموسيقا‭ ‬العالمية،‭ ‬وأوتار‭ ‬موسيقية،‭ ‬والموسيقا‭ ‬عبر‭ ‬العصور‭. ‬

اهتم‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬بالتأريخ‭ ‬للموسيقا‭ ‬والغناء‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬وأجرى‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬الأحاديث‭ ‬المسجلة‭ ‬مع‭ ‬كبار‭ ‬الموسيقيين‭ ‬المصريين؛‭ ‬لتوثيق‭ ‬المعلومات‭ ‬عن‭ ‬حياتهم‭ ‬ومؤلفاتهم،‭ ‬وصدر‭ ‬له‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المؤلفات‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬‮«‬موسوعة‭ ‬الموسيقا‭ ‬والغناء‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‮»‬‭. ‬الفيصل‭ ‬حاورته‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬الموسوعة‭ ‬وموضوعات‭ ‬أخرى‭. ‬

  ‭ ‬‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬دفعك‭ ‬إلى‭ ‬إعداد‭ ‬موسوعة‭ ‬عن‭ ‬الموسيقا‭ ‬والغناء‭ ‬المصري،‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬قدمته‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬أجزائها‭ ‬الثلاثة؟

‭ ‬زكريا-أحمدفي‭ ‬عام‭ ‬1977م‭ ‬كنت‭ ‬أعد‭ ‬دراستي‭ ‬للماجستير،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬تاريخ‭ ‬مكتوب‭ ‬للموسيقا‭ ‬بشكل‭ ‬يفي‭ ‬بالغرض‭ ‬لدي‭ ‬كباحث،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬بدأت‭ ‬الفكرة‭ ‬وأنا‭ ‬أعمل‭ ‬على‭ ‬المؤلفين‭ ‬المصريين‭ ‬ومؤلفات‭ ‬الأوركسترا‭ ‬السيمفوني،‭ ‬وقد‭ ‬نشرت‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬عام‭ ‬1990م‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬الموسيقا‭ ‬المصرية‭ ‬المتطورة‮»‬،‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬تسجيل‭ ‬حوارات‭ ‬حية‭ ‬مع‭ ‬كبار‭ ‬الملحنين،‭ ‬وصدرت‭ ‬الموسوعة‭ ‬عام‭ ‬2003م،‭ ‬كان‭ ‬جزؤها‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬الملحنين،‭ ‬وقد‭ ‬رتبتهم‭ ‬فيها‭ ‬حسب‭ ‬أسبقية‭ ‬تواريخ‭ ‬الميلاد‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬عبده‭ ‬الحامولي‭ ‬إلى‭ ‬عمار‭ ‬الشريعي‭ ‬المولود‭ ‬عام‭ ‬1948م‭. ‬وفي‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬الموسوعة‭ ‬أضفت‭ ‬ملحنين‭ ‬آخرين،‭ ‬فقد‭ ‬اشتمل‭ ‬الجزء‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬48‭ ‬ملحنًا،‭ ‬أما‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬فقد‭ ‬ضم‭ ‬أسماء‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬أدرجت،‭ ‬من‭ ‬بينها‭: ‬محمد‭ ‬رشدي،‭ ‬وكمال‭ ‬الطويل،‭ ‬وسيد‭ ‬إسماعيل،‭ ‬وسيد‭ ‬مكاوي‭ ‬وغيرهم،‭ ‬وأجريت‭ ‬حوارات‭ ‬مع‭ ‬الجميع‭ ‬بالكاسيت،‭ ‬وقمت‭ ‬بتفريغ‭ ‬الحوارات‭ ‬وإعادة‭ ‬تحريرها‭ ‬وحدي‭ ‬وبنفسي،‭ ‬وبلغ‭ ‬تعداد‭ ‬الملحنين‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬الثالث‭ ‬نحو‭ ‬150‭ ‬ملحنًا،‭ ‬وأسعى‭ ‬الآن‭ ‬لإنجاز‭ ‬جزء‭ ‬جديد‭ ‬عن‭ ‬المؤلفين‭ ‬وقادة‭ ‬الفرق‭ ‬والنقاد‭.‬

  ‭ ‬‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬تلجأ‭ ‬إلى‭ ‬الدولة‭ ‬لتقديم‭ ‬العون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن؟

‭ ‬لأنه‭ ‬لن‭ ‬يساعدني‭ ‬أحد،‭ ‬ولدي‭ ‬خبرة‭ ‬كبيرة‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬الجمع‭ ‬والتسجيل‭ ‬والتفريغ،‭ ‬وكنت‭ ‬كلما‭ ‬أنجزت‭ ‬رصدي‭ ‬لحياة‭ ‬وتاريخ‭ ‬وأعمال‭ ‬ملحن‭ ‬أو‭ ‬مؤلف‭ ‬أقوم‭ ‬بنشر‭ ‬ما‭ ‬أنجزت‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬الفنون‭ ‬التابعة‭ ‬للنقابات‭ ‬الفنية‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬عام‭ ‬1977م،‭ ‬وبدأت‭ ‬مشاركتي‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬العدد‭ ‬الخامس‭.‬

  ‭ ‬‭ ‬هل‭ ‬تسعى‭ ‬لإعداد‭ ‬موسوعة‭ ‬موازية‭ ‬عن‭ ‬الموسيقا‭ ‬والغناء‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي؟

سيد-درويش ‬هذه‭ ‬خطة‭ ‬طموحة‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬يوفقني‭ ‬الله‭ ‬لها،‭ ‬وإن‭ ‬كنت‭ ‬أرى‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أنته‭ ‬بعد‭ ‬من‭ ‬رصد‭ ‬وتسجيل‭ ‬كامل‭ ‬الموسيقا‭ ‬والغناء‭ ‬المصري،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأشقاء‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬لديهم‭ ‬من‭ ‬يؤرخ‭ ‬لموسيقاهم،‭ ‬وقد‭ ‬التقيت‭ ‬كثيرين‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬سفرياتي‭ ‬أو‭ ‬عملي‭ ‬الأكاديمي،‭ ‬وأشرفت‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأوقات‭ ‬على‭ ‬رسائل‭ ‬ماجستير‭ ‬ودكتوراه‭ ‬لبعضهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬توافر‭ ‬الطاقة‭ ‬والجهد‭ ‬الملائم‭ ‬فإنني‭ ‬سأشرع‭ ‬في‭ ‬ذلك‭.‬

  ‭ ‬‭ ‬في‭ ‬رأيك‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬تراثنا‭ ‬الموسيقي‭ ‬المتنوع؟

‭ ‬عبر‭ ‬كتابة‭ ‬تاريخه‭ ‬بشكل‭ ‬صحيح‭ ‬ودقيق،‭ ‬وتسجيله‭ ‬على‭ ‬تسجيلات‭ ‬صوتية‭ ‬ومرئية‭ ‬للأجيال‭ ‬المقبلة،‭ ‬ونشره‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬ومختلف‭ ‬تقنيات‭ ‬الإعلام‭ ‬الحديثة،‭ ‬مع‭ ‬تعريف‭ ‬بأهم‭ ‬الفنانين‭ ‬والملحنين‭ ‬والتعليق‭ ‬على‭ ‬أعمالهم‭ ‬وما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬إنجازهم‭ ‬لها‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يعن‭ ‬من‭ ‬تفصيلات‭ ‬مفيدة‭ ‬في‭ ‬الرصد‭ ‬والتأريخ‭.‬

  كيف‭ ‬أثرت‭ ‬فكرة‭ ‬السعي‭ ‬المتزايد‭ ‬خلف‭ ‬الربح‭ ‬في‭ ‬المنتج‭ ‬الموسيقي‭ ‬الآن؟

‭ ‬طيلة‭ ‬الوقت‭ ‬والفنان‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬الربح‭ ‬بشكل‭ ‬ما،‭ ‬ربما‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استمرار‭ ‬الحياة،‭ ‬لكن‭ ‬الآن‭ ‬أصبح‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬متزايدًا،‭ ‬ومع‭ ‬تدهور‭ ‬الذوق‭ ‬العام‭ ‬ضُمِّنت‭ ‬الأغاني‭ ‬المصرية‭ ‬ألفاظًا‭ ‬خارجة‭ ‬وبذيئة‭ ‬وسوقية،‭ ‬وصاحب‭ ‬ذلك‭ ‬تركيبها‭ ‬على‭ ‬أعمال‭ ‬فنية‭ ‬تلفزيونية‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬البلطجة‭ ‬وتجعل‭ ‬الشباب‭ ‬يتصورون‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الحياة‭ ‬الحقيقية،‭ ‬وقد‭ ‬لعب‭ ‬عامل‭ ‬الربح‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬على‭ ‬دفع‭ ‬الفنانين‭ ‬من‭ ‬شعراء‭ ‬وملحنين‭ ‬وموزعين‭ ‬إلى‭ ‬السير‭ ‬في‭ ‬ركاب‭ ‬الموج‭ ‬العالي‭ ‬للمادة،‭ ‬وهذا‭ ‬أسهم‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬تزييف‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬الموسيقا‭ ‬وصولًا‭ ‬إلى‭ ‬القيم‭ ‬التي‭ ‬يتغنون‭ ‬بها‭.‬

  ‭ ‬‭ ‬حدثنا‭ ‬عن‭ ‬المحطات‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الموسيقا‭ ‬والغناء‭ ‬المصري‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحديث؟

‭ ‬عمار-الشريعيأول‭ ‬محطة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬تقديري‭ ‬هي‭ ‬صناعة‭ ‬الأسطوانات‭ ‬عام‭ ‬1904م،‭ ‬حيث‭ ‬سُجِّل‭ ‬للشيخ‭ ‬سلامة‭ ‬حجازي‭ ‬وغيره‭. ‬المحطة‭ ‬الثانية‭ ‬هي‭ ‬ظهور‭ ‬المسرح‭ ‬الغناني‭ ‬لسلامة‭ ‬حجازي‭ ‬وسيد‭ ‬درويش‭ ‬وزكريا‭ ‬أحمد‭ ‬وكامل‭ ‬الخلعي‭ ‬وغيرهم‭. ‬والمحطة‭ ‬الثالثة‭ ‬كانت‭ ‬ظهور‭ ‬الإذاعة‭ ‬المصرية‭ ‬عام‭ ‬1934م،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إذاعات‭ ‬أهلية‭ ‬يقوم‭ ‬كل‭ ‬صاحب‭ ‬محطة‭ ‬بإذاعة‭ ‬وقول‭ ‬ما‭ ‬يريده‭ ‬من‭ ‬خلالها،‭ ‬حتى‭ ‬قررت‭ ‬الحكومة‭ ‬إلغاء‭ ‬هذه‭ ‬الإذاعات‭ ‬وإنشاء‭ ‬الإذاعة‭ ‬المصرية‭ ‬فقط،‭ ‬وكانت‭ ‬تقدم‭ ‬المؤلفات‭ ‬المصرية‭ ‬والعالمية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أوركسترا‭ ‬الإذاعة‭ ‬المصرية،‭ ‬وظل‭ ‬هذا‭ ‬الأوركسترا‭ ‬موجودًا‭ ‬في‭ ‬الإذاعة‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬1959م‭ ‬إذ‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬دار‭ ‬الأوبرا‭. ‬لكن‭ ‬المحطة‭ ‬الرابعة‭ ‬في‭ ‬نظري‭ ‬هي‭ ‬ثورة‭ ‬يوليو‭ ‬التي‭ ‬تعاملت‭ ‬بسخاء‭ ‬مع‭ ‬الفن،‭ ‬كما‭ ‬أنشأت‭ ‬أكاديمية‭ ‬الفنون‭ ‬عام‭ ‬1959م‭ ‬وما‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬معاهد‭ ‬فنية‭. ‬والمحطة‭ ‬الخامسة‭ ‬كانت‭ ‬ظهور‭ ‬شرائط‭ ‬الكاسيت،‭ ‬وهي‭ ‬تضافرت‭ ‬مع‭ ‬مجيء‭ ‬عصر‭ ‬الانفتاح‭ ‬الذي‭ ‬أضر‭ ‬بكل‭ ‬شيء؛‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬المهنيين‭ ‬كانوا‭ ‬يعودون‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬الخليج‭ ‬بما‭ ‬معهم‭ ‬من‭ ‬أموال،‭ ‬فيقومون‭ ‬بالاستثمار‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الفني،‭ ‬كل‭ ‬حسب‭ ‬ذوقه‭ ‬ودرايته‭ ‬بالفن،‭ ‬فظهرت‭ ‬شرائط‭ ‬الكاسيت‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬لجان‭ ‬الإذاعة‭ ‬المصرية،‭ ‬وهذا‭ ‬عاد‭ ‬بنتائج‭ ‬سيئة‭ ‬جدًّا‭ ‬على‭ ‬الذوق‭ ‬العام،‭ ‬ولنا‭ ‬أن‭ ‬نتخيل‭ ‬أن‭ ‬فريد‭ ‬الأطرش‭ ‬توفي‭ ‬عام‭ ‬1974م،‭ ‬وتوفيت‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭ ‬عام‭ ‬1975م،‭ ‬وتوفي‭ ‬عبدالحليم‭ ‬حافظ‭ ‬عام‭ ‬1977م،‭ ‬هكذا‭ ‬خسر‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬أهم‭ ‬وأشهر‭ ‬ثلاث‭ ‬قامات‭ ‬في‭ ‬الغناء‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬ثلاث‭ ‬أو‭ ‬أربع‭ ‬سنوات،‭ ‬لنفتح‭ ‬المجال‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يغني،‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يملأ‭ ‬شريطًا‭ ‬ويطرحه‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭.‬

  ما‭ ‬أثر‭ ‬التقنية‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬الغناء‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬والعالم‭ ‬العربي؟

‭ ‬عبدالحليم-حافظام-كلثوملقد‭ ‬زيفت‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬جهازًا‭ ‬لتحسين‭ ‬الصوت‭ ‬وضبطه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬إعادة‭ ‬الغناء‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬هذا‭ ‬الجهاز‭ ‬أسيء‭ ‬استخدامه‭ ‬بشكل‭ ‬أنتج‭ ‬أصواتًا‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بالواقع،‭ ‬كما‭ ‬أسيء‭ ‬استخدام‭ ‬الأورغ‭ ‬الكهربائي‭ ‬وقدرات‭ ‬الحاسب‭ ‬الآلي‭ ‬وضبطها‭ ‬لأصوات‭ ‬الآلات‭ ‬الصناعية‭. ‬لقد‭ ‬صرنا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬زائف‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬له،‭ ‬عالم‭ ‬من‭ ‬الخداع‭ ‬والبرامج‭ ‬الجاهزة‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬فهم،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحس‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬الغناء‭ ‬والموسيقا‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬موجودًا‭. ‬وللأسف‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يعرف‭ ‬أن‭ ‬الموسيقا‭ ‬العربية‭ ‬أساسها‭ ‬العود،‭ ‬وأن‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الآلات‭ ‬غربية‭. ‬الموسيقا‭ ‬العربية‭ ‬هي‭ ‬العود‭ ‬وليس‭ ‬الغيتار،‭ ‬وأهم‭ ‬أساس‭ ‬لإنتاج‭ ‬موسيقي‭ ‬جيد‭ ‬هو‭ ‬فهم‭ ‬الآلات‭ ‬وطبيعتها‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الموهبة‭ ‬والدراسة،‭ ‬أما‭ ‬الاستخدام‭ ‬العشوائي‭ ‬للآلات‭ ‬توفيرًا‭ ‬لتكاليف‭ ‬الفِرَق‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬معرفة‭ ‬بالفن‭ ‬والموسيقا‭ ‬فقد‭ ‬أدى‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬إلى‭ ‬قتل‭ ‬المواهب‭ ‬وإفساد‭ ‬الذوق‭ ‬العام‭ ‬وجعل‭ ‬الفن‭ ‬كتمثال‭ ‬من‭ ‬نحاس،‭ ‬ضجيج‭ ‬بلا‭ ‬روح‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أضر‭ ‬بالبناء‭ ‬الموسيقي‭ ‬كله،‭ ‬كما‭ ‬فتح‭ ‬المجال‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬للسرقة‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬العالمية‭ ‬أو‭ ‬التراث‭ ‬الشرقي،‭ ‬وكذلك‭ ‬فتح‭ ‬المجال‭ ‬للاستسهال‭ ‬واستخدام‭ ‬الألحان‭ ‬القديمة‭ ‬بتوزيعات‭ ‬جديدة،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬الإعلانات‭ ‬الآن‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬سرقة‭ ‬ألحان‭ ‬مهمة‭ ‬مثل‭ ‬الليلة‭ ‬الكبيرة‭ ‬وغيره،‭ ‬وللأسف‭ ‬قانون‭ ‬جمعية‭ ‬المؤلفين‭ ‬والملحنين‭ ‬حسبما‭ ‬علمت‭ ‬مؤخرًا‭ ‬يسمح‭ ‬بأن‭ ‬يدفع‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬رسوم‭ ‬استغلال‭ ‬أي‭ ‬لحن‭ ‬ويقوم‭ ‬بإعادة‭ ‬إنتاجه،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬كارثة‭ ‬لأنه‭ ‬يفقد‭ ‬المرجع‭ ‬أهميته،‭ ‬وقد‭ ‬يزيحه‭ ‬ولا‭ ‬يتذكر‭ ‬الناس‭ ‬سوى‭ ‬شكل‭ ‬الإعلان،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يدفع‭ ‬الشباب‭ ‬إلى‭ ‬الابتكار‭ ‬والمغامرة‭ ‬وتقديم‭ ‬طرح‭ ‬موسيقي‭ ‬جديد‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يجعلنا‭ ‬ندور‭ ‬في‭ ‬حسبة‭ ‬عدد‭ ‬معين‭ ‬من‭ ‬الألحان‭ ‬نعيد‭ ‬إنتاجها‭ ‬بشكل‭ ‬مبتذل‭ ‬ومتكرر‭.‬

المنشورات ذات الصلة

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *