تأثير سناب شات الواسع في المجتمع السعودي مثار سجال… وناشطون يدعون لخُطة إعلامية تفيد من المؤثرين الحقيقيين

تأثير سناب شات الواسع في المجتمع السعودي مثار سجال…

وناشطون يدعون لخُطة إعلامية تفيد من المؤثرين الحقيقيين

كشفت دراسة ظهرت مؤخرًا في الولايات المتحدة الأميركية أن 70% من شباب الجامعات في أميركا يمثل لهم تطبيق سناب شات وسيلة التواصل الأولى بين بقية الوسائط التقنية الأخرى، وتشير الدراسة إلى أن السبب في ذلك هو خاصية الاتصال المرئي الذي يميز هذه الخدمة من غيرها.

في العالم العربي على الرغم من ندرة الدراسات في هذا الحقل، فإن سناب شات يمثل المنصة الأشهر والأكثر استخدامًا ورواجًا بين الشباب والمثقفين والناشطين، بل امتدت إلى حقول الدعوة والعمل التجاري والخيري والإعلامي. فما الذي يجعل تطبيق سناب شات مميزًا وفريدًا؟ يقول وارين سوفر المتخصص في مجال الدراسات الاجتماعية والظواهر التقنية: «إن تلاشي المحتوى البصري في ذلك التطبيق هو أشبه بتلاشي الكلمات المنطوقة في الهواء بعد الكلام. علاوة على ذلك، فإن حذف جميع الرسائل من قاعدة البيانات الخاصة بسناب شات يؤكد توافر السمة الأساسية للثقافة الكلامية من عدم القدرة على تخزين المعلومات».

وكمجتمع محافظ عندما نشاهد مقاطع تصوير الأم وهي تتحدث والابن في حوار ‏معها والبنات والأبناء، هل يمكن قراءة ذلك في سياق قدرة سناب شات على إحداث ‏تغيير جوهري على بنية الأسرة ومنظومة السلوك الاجتماعي العام؟ ‏هنا نسأل: هل يمثل ذلك الأمر انحيازًا من الأجيال الجديدة للثقافة البصرية بتفاعلاتها العالية جدًّا؛ إذ تحمل الصورة ما لا تستطيع حمله الكلمة أحيانًا؟ ولماذا النظرة التشاؤمية تجاه الثقافة البصرية التي يجسدها سناب شات بوصفها مهددة للوعي والثقافة الرصينة؟ وما سر هذه الفوقية التي يمارسها المثقف تجاه شخصيات ومشاهير سناب شات واتهامهم بالسطحية؟ أيضًا ما الذي يجعلنا نجزم بحتمية المواجهة بين الثقافة التقليدية ونموذجها الكتاب والثقافة البصرية الرقمية (سناب شات)؟ هل يمكن فهم سناب شات بوصفه نافذة جديدة ومنبر تعبير وهوية جيل يحلم بقواعد جديدة للثقافة والحياة؟ هكذا يوثق هذا الجيل سيرته الذاتية من خلال اللقطة، ويبني ويصنع واقعه الافتراضي البديل.

هذه الأسئلة طرحتها «الفيصل» على عدد من الكتاب والناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي.

منى المالكي: حمقى مشاهير التواصل الاجتماعي

وسائل التواصل الاجتماعي موجة وظاهرة ثقافية عالمية جعلت من العالم قرية كونية، هذه الحقيقة لا بد أن نعيها ونفهمها، نفككها ونحللها حتى نستطيع التعامل معها لا بتطويعها كما هي عادتنا أو تحميلها فكرنا فهي ليست من صنعنا. لنأخذ مثلًا سناب شات وظاهرة المشاهير التي يحفظ أبناؤنا أسماءهم أكثر من حفظهم بيت شعر من تراثنا! الظاهرة مرعبة لنا لكنها بالنسبة لهم طريقة حياة، فهل أحدث سناب شات تغييرًا؟! نعم أحدث تغييرًا حتى على مستوى الأُسر المحافِظة، ولا أراه مشكلة بسبب من ينقل تفاصيل حياته، فالحرية الشخصية تكفل له ذلك، ولكن أرى ذلك كله ظاهرة عابرة وسيخلق الجيل القادم أيضًا ثقافته الخاصة، دعونا لا نتشنج فقط! أما حمقى المشاهير فهم واقع، شكلوا من خلال وجودهم على سناب شات ثروات، غير أن السؤال: من على الضفة الأخرى يوجد لحمايتنا منهم؟! هنا لا بد من نظام وقانون يتيح التواصل لكن بما لا يؤثر في قيم وأخلاقيات أرى أنها مهزوزة إلى حد كبير.

فسناب شات وسيلة شكلت واقعًا جميلًا لننظر إلى الأشياء من حولنا بطريقة جيدة، فكل شيء حولنا كما له سيئات فهو يحمل أيضًا بعض الإيجابيات. المشكلة في سناب شات هو تغليب الشيء، بمعنى أن بعض استخداماته لنشر بعض التصرفات والسلوكيات التي نراها صادمة في واقعنا الذي يأخذ اتجاهين: اتجاه محافظ يمثله جيل الطيبين، واتجاه منفتح يمثله جيل شاب يرى في كل محاولة نوافذ مفتوحة للانطلاق ورسم هوية خاصة له، يرى من خلالها نفسه فقط، هذا الجيل الشاب هو عرّاب السناب، ولذلك علينا فهم هذا الجيل لنعرف كيف نحكم على السناب أو أي وسيلة تواصل أخرى… تفكيك خطاب الشباب الجديد هو الحل للحكم على مدى نفعية السناب أو عدمه.

كاتبة

محمد الهمزاني: كسر الخصوصية

محمد الهمزاني

برنامج سناب شات يمثل انحيازًا من جيل اليوم؛ إذ إنه يعد الأكثر تفاعلًا من الجماهير في الوقت الراهن ما لم تظهر برامج أخرى أو تتغير التقنية الحالية التي تعتمد على الأجهزة الذكية. كما أن وجود برامج مثل السناب يؤكد أن الصورة المنقولة عبر الفيديو لها تأثيرها في المتلقي، ولم يعد الفنان أو الفنانة التي تراها في مسلسل ما، تخفى حياتهما الشخصية على الناس، وإنما اليوميات يشاهدها الجميع، وهي حافزة لمعرفة حياة شخصية رأوها بالتليفزيون أو كاتب ما أو لاعب كرة أو مطرب أو مكان أو سلعة مثلًا. وهذا سر رواجه بين العامة أكثر من غيرهم.

السناب وغيره من برامج وسائل التواصل الاجتماعي، غيّرت كثيرًا في العادات الاجتماعية لمن كان يتخفى حول رداء خصوصيته المحافظة، فضلًا عن التسابق نحو الأضواء ومحاولة اكتساب شهرة على حساب تصوير اليوميات داخل الأسرة. وقد تكون أحد الأسباب وراء ذلك السعي نحو المكاسب المادية التي يجنيها المشاهير من الشركات والمطاعم وكثرة المتابعين مثلًا، ويؤكد ذلك كثير من المحلات التجارية التي استعانت بمشاهير لم نعرفهم إلا من خلال السناب ووسائل التواصل الاجتماعي، لذلك نرى تنازل بعضهم عن قيمه وعاداته الاجتماعية في سبيل البحث عن المادة، التي تأتي من خلال (الشهرة) بأي طريقة كانت.

تتفق الأغلبية على التشاؤم من السناب، لكن مع ذلك لا يمكن إلا أن تمرّ على البرنامج بين وقت وآخر في اليوم الواحد. رغم أنه وُجد مؤخرًا توجه من بعض نحو تقديم مادة رصينة مفيدة أو ما يسمى بالـ«محتوى» الجيد والواعي، فظهرت أسماء متخصصة لم نكن نعرفها من قبلُ، بعضها في التوعية وبعضها في التثقيف الصحي وآخرون تخصصوا في السفر وغيره من الموضوعات، التي تعدّ جيدة مقارنة بالشائع وهو (الانحطاط) في المحتوى. قد توجد فئة مسيطرة على السناب جماهيريًّا وهم (ساذجون) كما يسميهم بعضٌ. وللأسف هم يجدون إقبالًا من الصغار والمراهقين، ما لم يكن هناك توعية بكيفية التمييز بينهم وبين من يقدِّم ثقافة مجتمعية راقية ونافعة. فالمجتمع في حاجة إلى التثقيف بأهمية ما يرى وضرورة اتخاذ موقف ناقد له.

إعلامي ناشط في سناب شات

وفاء الطيب: نبض المجتمع

وفاء الطيب

جاوز سناب شات كونه وسيلة فردية للحديث عن الذات والمصالح الشخصية إلى أداة مجتمعية حية ترسل إشارات قوية آنية للمجتمع من حولها. لم يعد سناب شات تلك الأداة الفتاكة التي يحذر منها المنظرون والمختصون في علوم الأسرة، فما هو إلا نبض المجتمع الذي يمكن قياسه وتهذيبه إذا استطعنا تحديد ملامح تلك الحسابات الشخصية ومقوماتها ورسائلها، فقد أصبح كل فرد يشكل قناة فضائية خاصة به لكنها مفتوحة على العالم، ففي قلب كل سناب شات متلقون ومتفرجون ومروجون. أعتقد أنه لو استطعنا استيعاب تلك القنوات الفضائية الشخصية واستقطابها إلى عمل جماعي أكبر لاستغنينا عن الكثير من القنوات الفضائية ذات الموضوعات التافهة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولنبدأ من الأسرة الصغيرة التي عليها التخلي عن الإنكار والتنديد والبدء في المشاركة بالتعليقات على السنابات الشبابية والتعليقات المشجعة الحافزة، مشهد شباب يطلقون سراح كلب حبيس في البر وتعليقات الثناء تعطي درسًا ملهمًا في الرفق بالحيوان، وتعليقات التعاطف مع مشهد طفلة ترسل رسالة لوالدها في الجبهة يعطي درسًا في التآلف واحتواء شعور الآخرين.

كثيرًا ما يحزنني تكدس الشباب على سنابات الباحثين عن الشهرة وإشعالها بالتعليقات المؤيدة أو المعادية، في حين أن هناك سنابات مثمرة لم يقطف ثمارها الغضة أحد لضمور العلاقة بينها وبين السنابيين؛ لذا أقترح تشكيل فرق عمل شبابية مهمتُها التوجيه وتسليط الضوء عليها من خلال عمل جماعي مدروس ومنظم.

أكاديمية وكاتبة

الجوهرة الجطيلي: الجيل الرقمي

بما أن هذا الجيل يسمى ‏بالجيل الرقمي أو جيل التقنية الذي ظهر مع ظهور الثورة الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، وهو الجيل الذي وُلد بعد عام 1995م؛ إذ يعد الأعلى استخدامًا للعالم الرقمي والأكثر تنوعًا وتعددًا وانفتاحًا، فمن المحتم على ذلك الجيل الرقمي أن يبحث أفراده عن الوسائل التي تعكس واقعه ولديها مصداقية وشفافية وسرعة نقل، ولعل من أبرزها برنامج سناب شات، لكنه رغم لَحْظَويّته وكونه يتغذى على اليوميّ فلا بد من الاهتمام بتثقيفه وعمل الورش التوعوية في الطرح من خلال الاستفادة من تجارب عالمية وعربية ناضجة، وعميقة المحتوى وإيجابية التأثير. لم يعد من السهل أن يستجيب هذا الجيل إلى الوسائل التقليدية في الاتصال، بل أصبح جيلًا محبًّا للاستقلالية في شؤونه والانفتاح في علاقاته والسير نحو ريادة الأعمال، والتركيز على عناصر الابتكار ورُوح الإبداع. وبما أنه يعدّ الجيل الأعلى استخدامًا للتقنية فهذا بلا شك أحدث تغييرًا سريعًا في منظومة العلاقات الاجتماعية، وفي التعاطي مع قِيَم السلوك الاجتماعي، فأصبح المخفيُّ معلنًا والمجهول معلومًا، ولكن السؤال المطروح ههنا: هل يستحق ما يقدم من محتوى أن يمثل المجتمع السعودي، ويعبِّر عن ثقافته الأصيلة وقِيَمه الرفيعة أم على العكس من ذلك؟

يقضي أصحاب هذا الجيل من ساعتين إلى أربع ساعات في مشاهدة وسائل التواصل الاجتماعي وأبرزها سناب شات، ولا يهتمون كثيرًا بالأشياء المادية. ولكن يهتمون بالتجارب التي يمكنهم مشاركتها على صفحات السوشيال ميديا. وهو الأمر الذي يبعدهم من منصات الثقافة ومسارح الفنون وقاعات القراءة والثقافة ومواطن الاهتمام العلمي العميق، فيفضلون تلقي المعلومة الخفيفة بغض النظر عن صحتها، والفكرة السطحية بغض النظر عن عمقها، وهكذا يصبحون مثار تشاؤم لدى كتاب الرأي وباحثي شؤون المجتمع الذين يدركون خطورة تسطح الثقافة وتراجع الوعي.

ينادي المثقفون وكتاب الرأي بضرورة وجود محتوى ثري يُطرَح عبر مشاهير سناب شات، وهذا للأسف ليس موجودًا في الوقت الحالي، يطرح كثير من مشاهير السناب طرحًا سطحيًّا لا يتناسب مع متطلبات المرحلة من ثقافة ووعي وزرع قيم وتعزيز مبادئ، ولذلك تداخل كثير من المثقفين مع الرقمية وبرمجياتها مثل سناب شات من خلال مجالات متنوعة واللقاءات الثقافية وعرضها مصورة عن طريق وجبات خفيفة، لكنها مهمة جدًّا في الترويج لقيم الوعي المعرفي والثقافة والإنسانية وغيرها.

إعلامية ناشطة في سناب

محمد عمرو عبدالجبار: انعكاس لما نحن عليه

المجتمع السعودي مثله مثل أي مجتمع آخر، يتأثر بما يراه في وسائل التواصل، وإن ظن الواحد منّا عدم تأثيرها الظاهر فيه، فإنها -شاء أو لم يشأ- لتؤثر عليه في داخله، على المدى الممتد، خيرًا كان أو شرًّا… ويحكم هذا ما تتابعه وما تلتقطه منه. ولكن المؤمل أن تتبنى تلك الوسيلة شخصيات ثقافية معرفية شابة تضيء الوعي وتستنهض التفكير بصيغها الشبابية الواثقة والمتمدّنة.

سناب شات في أصله هو أداة، ونتيجته معتمدة على ما نضع فيه، ثم إذا خرج مما وضعنا خير أو شر، فهو بالدرجة الأولى من نتاجنا نحن. فمن ينظر بنظرة المتشائم إليه فهو ينظر النظرة نفسها إلى الذين يضعون ما يضعون فيه؛ أي إلى المجتمع نفسه، ومن ثم فكل ما يصدر في سناب شات، هو عبارة عن انعكاس لما نحن عليه، وهذه المهمة في عرض التجارب الخيرة النبيلة ليست فردية، بل هي اجتماعية، فتوعية الرأي العام بالتجارب الناضجة ثقافيًّا ومعرفيًّا تقع على الجميع ليصل بوعي الأجيال الشابة إلى مستقبل واعد. السذاجة أو السطحية معتمدة علينا نحن، من هؤلاء الموجودون في سناب شات؟ أليسوا بناتنا وأخواتنا؟ أو ابن عم أو ابن خال لنا؟ فليس هؤلاء السنابيون من كوكب آخر، ليسوا إلا أناسًا من مجتمعنا أخذوا أجهزتهم وصوروا ما فيه، وسطحيتهم أو سذاجتهم ما هي إلا انعكاس لثقافة اجتماعية وتربية أُسرية، فمتى كنا بالعمق الذي نرجوه، كان ما في سناب شات بالعمق الذي نتطلع إليه.

المدير العام لمؤسسة رفد الثقافية

عبدالرحمن المحسني: ‏أين المؤثرون؟

تتقارب أدائية تقنيات التواصل الاجتماعي، وتلتقي على فكرة تعزيز التواصل بين البشر. فتقنية «سناب شات» هي تقنية تأخذ من تويتر فكرة الإيجاز، ولكنها تدعم التواصل المرئي، وتعزز فكرة اليوميات والرسائل السريعة في ثوانٍ محدودة.

التعامل مع هذه التقنية كخطاب يحتاج إلى تأمل المزاج العام لمستخدمي هذه التقنية. ولمعرفة هذا المزاج يمكن النظر إلى سنابات المشاهير الذين يتابعهم الملايين ويصلون لترند السناب! ومن خلال النظر سنرى أن هذا الخطاب يأخذ في الأغلب مسارات عدة يقودها: إما الإعلان أو الوعاظ؛ إذ ثمة أسماء لواعظين يعدون علامة من علامات السناب، وبعدهم الفنانون وبعض الإعلاميين، ثم من بعد من يمكن تسميتهم (المهرجون المعاصرون) الذين يتابعهم الملايين، وهم من أسف لا يقدمون غير الإضحاك وربما الإسفاف. هنا يمكن من الضروري التنويه إلى أهمية رسم إستراتيجية لمستقبل الأجيال في ظل هذه القيادات التي تمارس التسطيح على سناب شات!! وهذا ما يدفع إلى السؤال: أين المؤثرون الحقيقيون؟ هل حضروا وأصيبوا بالخيبة فغادروا؟ هل اعتراهم ما يعتري البعض من تسخيف تأثير هذه المواقع فتركها للسذج يقودون مشهدنا الثقافي؟!

في ظني ليس الهدف هنا وصف الحالة قدر ما هو رسم إستراتيجية لما يجب أن يكون. فترك المساحة للفراغ السنابي سيدفع به إلى أن يملأ بالتافة. في حين أنه يمكن أن يستغل في توجيه المستخدمين إلى ما هو أفضل. لدينا جملة من الأسماء المؤثرة في مشهدنا الثقافي والاجتماعي والصحي والعلمي (السناب الأمني نموذجًا). في اعتقادي أنه يمكن أن ترعى المؤثرين مؤسساتٌ داعمةٌ ومدعومة من الحكومات والوزارات المعنية لتكون رسالتهم أكثر فاعلية. ولذا فإني أدعو وزارات الثقافة والإعلام والتعليم في العالم العربي والمؤسسات المعنية بشباب الوطن وهيئات الترفيه، إلى أن يكون من ضمن أعمالها الالتفات إلى الاستفادة من المؤثرين الحقيقيين، ووضع خطة إعلامية لاحتوائهم وتعزيز نشر رسالتهم، وهناك وسائل كثيرة للإعلام عنهم ومساعدتهم في وضع مؤثرات تقنية لرسائلهم ويومياتهم على «سناب شات» وعلى غيرها من وسائل التواصل لتكون رسائلهم هي «الترند» كل يوم. وقطعًا، إننا بهذا سندفع المتلقي إلى أن يعزز تواصله مع هؤلاء المؤثرين الفاعلين، وسنحقق بهذا نشر الرسائل الإيجابية اليومية وتوجيه المجتمع إلى تنمية وعيه. وسنقطع بهذا دابر السنابات التافهة التي تسطح وعي المجتمع، كما ستؤدي هذه الالتفاتة بعد حين إلى رفع مستوى وعي المجتمع، وتعزيز الرسائل الإيجابية التي يسعى الوطن لتحقيقها في نفوس أبنائه.

أكاديمي ومدير مركز البحوث والدراسات ‏الاجتماعية

عبده خال: البحث في كتب صفراء

عبده خال

سناب شات يؤسس لثقافة مقبلة، لا نستطيع توقع مدى ما ستحدثه هذه التقنية العالية. أتصور غدًا أن الصورة ثلاثية الأبعاد ستغير كثيرًا من مفاهيم ظلت قائمة لسنوات. عندما نسمع أن جهة ما تقيم حفلًا غنائيًّا لأم كلثوم، مثلًا، كما لو أنها في حفلة حية، وهي ميتة، بواسطة هذه التقنية، هذا الخبر في حد ذاته انقلاب معرفي وتقني، وانقلاب على مستويات التواصل البشري؛ إذ يمكنك كإنسان أن توجد في أكثر من مكان. إن وصف نصف مستخدمي سناب شات بأنهم سذج، هذه تهمة يلقي بها من سُحِب البساط من تحت قدميه. في الواقع، إن مستخدمي سناب شات هم من يعدُّوننا سذجًا، نحن الذين نريد أن نتحكم في زمن نحن فيه ضيوف وحسب.

أريد التأكيد أن الجيل السالف يمتلك المعرفة، في حين الجيل الحاضر يمتلك المعلومة، وهنا نوع من الفارق بين الغاية واستخدام الوسيلة. فالجيل الشاب يرى أنه بدلًا من إرهاق نفسه في إنتاج المعرفة، فإنها وصلت إليه كمعلومة. وهذه النقطة الحساسة قلة جدًّا من يتنبه لها، فهذا الجيل يرى أنك تتعب نفسك من خلال الحصول على المعرفة، بواسطة البحث المعرفي. هذه التقنية تعمل على جعل المعرفة مجموعة معلومات عليك أن تستخدمها جاهزة. علينا ألّا نتباكى، فقد عشنا بأفكارنا وأدواتنا، فلندع الجيل الحالي بأدواته وبأفكاره وبما يراه مناسبًا لمستقبله. فالمعرفة تتفجر كل لحظة بينما ما زلنا نبحث في كتب صفراء لم توصلنا إلى حاضرنا الذي بدأنا به حياتنا.

روائي وكاتب

هنادي الثنيان: تجذبني الحالة الصوفية في التشكيل بصرف النظر عن انتمائي إليها من عدمه

هنادي الثنيان: تجذبني الحالة الصوفية في التشكيل بصرف النظر عن انتمائي إليها من عدمه

يميز التشكيلية السعودية الشابة هنادي الثنيان تفكير حر تعرفه بمجرد النظر إلى موضوعات لوحاتها؛ إذ تسعى إلى كسر المسكوت عنه والممنوع لمجرد المنع. وهنادي الثنيان عضو في عدد من المؤسسات التي لها علاقة بالفن التشكيلي. كما أنها متفرغة للتشكيل فهي تقيم دورات تدريبية مثل رسم البورتريه. شاركت في عدد من المعارض الفنية، أبرزها فنون المتحف المقام في متحف الملك عبدالعزيز الوطني، وفي مركز الملك فهد الثقافي وفي مناسبات وطنية وأخرى عربية.

● لديك أسلوبك الخاص في التركيز على الرسم بمجموعة من ألوان الباستيل تظهر بدقة كأنها منفصلة، كما تهتمين باستعمال الألوان الزاهية في معظم أعمالك. وضِّحي لنا مقاصدك من ذلك.
■ كانت بداياتي في الرسم قبل ثلاثة عشر عامًا كهاوية ومارست التشكيل كمحترفة منذ عام 2016م، وكان ذلك بتجربة أنواع مختلفة من الألوان ومن ضمنها ألوان الباستيل والأكريليك والزيتية، إلى أن رأيت أن متعتي تكمن في استعمال الألوان الزيتية، التي أشعر من خلالها بالعمق في إيصال الإحساس اللوني. أما فيما يخص أعمالي التي يغلب عليها الألوان الزاهية، فهذا يرجع إلى إحساس الفنان والحالة التي يمر بها ونظرته الإيجابية إلى الواقع الذي يعيشه.

● في أحد معارضك الشخصية الأخيرة في الرياض، عرضت مجموعة من اللوحات الفنية التي تعبر عن حال الصوفية وطرقها في رقصاتها المولوية. إلامَ كنت ترمين لدى رسمك للزوايا الخاصة لحالة الرقص المولوي؟
■ في معرض «اكتمال» الذي أقيم بقاعة «قُمرة» بتنظيم من الفنانة مسعدة اليامي كانت مشاركتي بعمل واحد بعنوان «الاستعداد»، مقتبسة من رواية «قواعد العشق الأربعون»، الذي يجسد علاقة الإنسان بربه وبالمحيط الذي يعيشه كل فرد منا، وهي السلسلة الأولى التي ترجمتها بعمل فني يحاكي بداية استعداد الإنسان لتغيير واقعه، الذي يتسم بالفوضى أو بالاستسلام للغرائز التي قد تدمره في معظم الوقت. وكانت كلمة الاستعداد رمزًا لاستعداد النفس البشرية للبدء في حياة جديدة، باستخدام العقل والمنطق والتحدي لمواجهة واقع يمكن أن يدمرنا روحيًّا وجسديًّا. من خلال قراءاتي لأشعار الحلاج وفكر التبريزي وجلال الدين الرومي، فكرت في عمل مجموعة متسلسلة ومتأصلة لموضوع الصوفية التي اخترتها موضوعًا لي؛ لأنها أولًا رسالة سامية تعلم الفنان كيفية تهذيب النفس البشرية، وكيف يتعامل مع صعوباتها وكيف نستعد لمواجهة الصعوبات التي نواجهها في الحياة والواقع. والصوفية معتقد موجود في حياتنا الدينية، من هنا شعرت بالاحتياج لمحاورة في تلك المواضيع. وها هنا أودّ التوضيح لمن يزجي الملاحظات للفنان، من ناحية نسبته إلى معتقد بمجرد اشتغاله على موضوع فني، أن الفنان موضوعي في طريقته ونظرته؛ إذ يمكنني أن أتأثر بالجماليات في البوذية، وأن أنتج عملًا عن تلك الجماليات بغض النظر عن انتماءاتي إليها من عدمه.

● تشددين على أهمية الدور التشجيعي الذي تقوم به العائلة في دعم المرأة، التشكيلية بشكل خاص في استمرارها وتفوقها وثقتها في إبداعها. اشرحي لنا عن ذلك الدور المهم.
■ ذلك الأمر يعني للفنان الكثير، فالدعم المعنوي مهم وبخاصة عندما يأتي من العائلة والأصدقاء. ومن حسن الحظ أنني محاطة بداعمين يساندوني كثيرًا وأولهم الوالدة حفظها الله.
والفنان، وغير الفنان، لكي يتخطى المتاعب التي يمكن أن تواجهه يحتاج إلى داعمين وشركاء وموجهين، وإلى الخط الذي يمكن أن يكون فاعلًا في المجتمع وليكمل طموحه ويتعمق في موهبته.

● ما المشاريع الفنية التي أنت الآن بصدد التحضير لها؟
■ لدي مشاريع كثيرة وأحلام أكثر، ولكن في الوقت الحالي أقوم بتعلم اللغة الفرنسية بهدف دراسة الفن التشكيلي بشكل أكاديمي أكثر في مدينة باريس، من أجل أن أتمكن بعد ذلك من الخوض في مجال التدريب، بصورة أكثر احترافية، وأتمنى أن يتحقق ذلك الحلم. إضافة إلى مشاركاتي الحالية في المعارض المحلية، بالتعاون مع جمعية الثقافة والفنون بالرياض، بالرسم المباشر وذلك لنشر ثقافة الفن التشكيلي محليًّا.

● هل تعتقدين أن للتقنية الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي دورًا في خلق عمل فني مختلف؟
■ بالتأكيد مواقع التواصل الاجتماعي جعلت للفنان والمبدع والموهوب فرصة، من ناحية اكتساب معلومة جديدة والاطلاع على آخر المستجدات الفنية ونشر موهبته. قبل ذلك كانت المعلومة والانتشار صعبيْنِ، والآن بضغطة زر يمكن أن تتواصل مع فناني العالم، وتكتسب خبرات ومعرفة جديدة. لقد استفدت بصورة كبيرة من خلال الورش والدورات الفنية التي تقدَّم في وسائل التواصل الجديدة، مثل دورة رسم البورتريه بالألوان الزيتية للمدربة منيرة العجمي. واستفدت من تلك الدورات التي تعقد عن طريق البث المباشر. كما أفادتني وسائل التواصل من خلال الاطلاع على أعمال الفنانين التشكيليين في كل مكان، وسهولة التواصل معهم والاتصال بهم افتراضيًّا، ومعرفة تقنياتهم الفنية إضافة إلى مدارس الفن المختلفة. ووفرت لي هذه التقنية الانتشار من خلال المشاركة في المناسبات الفنية.

● تهتمين بالمشاركة في المعارض التي تنظمها المؤسسات المهتمة بالفنون والثقافة السعودية، مثل مركز الملك عبدالعزيز التاريخي والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني؛ هل من غاية معينة، وماذا يعني لك المجتمع؟
■ العمل الفني ليس فقط إبداعًا وموهبة، هو فكر يحاكي الواقع ويحاكي الخيال في آن واحد.
فقيمة العمل الفني تتأتى من خلال الحرية والاستقلال، فالتقيد بما يمليه الآخر يحد من الإبداع، ويُحجم تفكير الفنان ويجعله غير قادر على إيصال العمل كما يريده إلى المتلقي. فإذا كان الفنان مجبرًا على موضوع معين أو فكر معين غير مقتنع به، فإن العمل يصبح رغم التقنية العالية والإتقان من دون إحساس يلامس مشاعر المتلقي، فيتحول الأمر إلى ما يشبه تمثال الشمع؛ جميل لكن بلا روح.

● كمدربة في التعليم على الرسم، ما أهمية تقديم الورش الفنية للعامة؟ وكيف يمكن للتشكيلي أن يكون مدربًا في مجال الفن وناشرًا لثقافة الريشة واللون بين الأجيال الجديدة؟
■ بدايتي الحقيقية في هذا المجال من سنة 2016 م وما قبل ذلك كانت تجارب فردية وغير مدروسة، أما الآن فأصبح الفن بالنسبة لي شغفًا ومهنة أستمر في تطويرها.
أما بخصوص كيف يكون التشكيلي مدربًا في مجال الفن وناشرًا للثقافة، فذلك أمر تتكفل به الدراسة الأكاديمية، وامتلاك أساليب إبداعية في كيفية إيصال المعلومة التشكيلية لأكبر عدد ممكن من المهتمين.